فهم من قرار تعيين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، رئيسي الحكومة السابقين وعضوي اللجنة العليا لتحضير حملته الإنتخابية أحمد أويحيى وعبد العزيز بلخادم، في منصبي وزير دولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية بالنسبة للأول، ووزير دولة مستشار خاص للرئيس بالنسبة للثاني، بأنه رد للجميل من طرف الرئيس لرجلين برهنت المدة التي قضوها خارج أسوار السلطة بأنهما فعلا يملكان ثقافة رجال الدولة، بعد أن التزم الرجلان الصمت الإيجابي، رغم إبعادهما بطريقة يراها الملاحظون أنها غير لائقة من على رأس حزبيهما الأرندي والأفلان على التوالي. كما فهم من القرار الذي اتخذه الرئيس بخصوص منح أويحيى وبلخادم منصبين مهمين في الدولة الجزائرية، بأن بوتفليقة اقتنع بأن تسيير الدولة يحتاج لشخصيات محترفة من الصف الأول تملك "كاريزما" سياسية من شأنها المساهمة في المحافظة على استقرار المؤسسات ووحدتها بعيدا عن خرجات بعض "الهواة" الذين يريدون الاصطياد في المياه العكرة لتحقيق مصالح شخصية ولو على حساب المصالح العليا للوطن. وحسب قراءة العديد من المراقبين، فإن وجود هؤلاء الهواة في الواجهة السياسية من شأنه جلب العديد من المتاعب للرئيس المنهك صحيا، هو في غنى عنها في الوقت الراهن. وما الخرجات السابقة لعمار سعداني الذي خلف بلخادم على رأس الأمانة العامة للأفلان، إلا خير دليل على صحة هذا الطرح، بنظر المتتبعين. ويفهم من تعيين أحمد أويحيى كوزير دولة مدير ديوان برئاسة الجمهورية، بأن الرئيس رد الاعتبار لسي أحمد كرجل سياسي بمنحه منصب وزير الدولة التي تخول له حضور اجتماعات مجلس الحكومة ومجلس الوزراء. أما منصب مدير الديوان فيعني أن أويحيى سيكون على إطلاع بكل صغيرة وكبيرة تخص الشأن العام، خاصة ما تعلق بالعلاقة بين الحكومة والرئاسة، حيث سيكون لأويحيى الدور الأبرز فيها، إن تحفضنا على القول إنه سيكون صاحب قرار في الكثير من القرارات التي تخص الدولة، خاصة ما تعلق بالتعيينات والقرارات السياسية المهمة التي يتخذها الرئيس. كما يعني تعيين رئيس الحكومة السابق في هذا المنصب بأنه سيتعامل مباشرة مع الرئيس دون وساطات، بعدما كثر الحديث عن الدور الذي يقوم به مستشاره وشقيقه السعيد بوتفليقة. أما تعيين عبد العزيز بلخادم في منصب وزير دولة مستشار خاص لرئيس الجمهورية، يفهم منه بنظر المراقبين بأن بوتفليقة رد بطريقة مباشرة على الأصوات المحيطة بعمار سعداني التي لم تتوان عن التصريح بأعلى صوت بأن دور الرجل قد انتهى وأنه لا دور له في المستقبل، وأن سي عمار هو القيادي الأفلاني المنتظر وأنه رجل مرحلة المستقبل. وتساوقت هذه الخرجات مع استعراض عضلات الأمين العام للافلان الذي تباهى بتعيين 35 مدير حملة للرئيس عبر ولايات الوطن، قبل أن يتبين أن الجبهة لم تتحصل إلا على 20 ولاية فقط، بعدما منح حزب تاج ليلة الأربعاء ولايتين والأمبيا ثلاث ولايات إثر تدخل عمار غول وعمارة بن يونس لدى مدير الحملة عبد المالك سلال. فيما عادت ال10 ولايات الأخرى لمتعاطفين ومحبين لحزب الأفلان، ليسوا من ضمن القائمة الإسمية التي اقترحها رئيس المجلس الشعبي الوطني السابق. وحرص الرئيس بوتفليقة على منح عبد العزيز بلخادم منصب وزير دولة مستشار خاص للرئيس ويتيح في شقه الأول، "وزير دولة"، حضور بلخادم لمجالس الوزراء والحكومة، ما يعني أنه منصب سياسي. أما منصب مستشار خاص للرئيس فهو يعني الكثير والكثير بالنسبة للمتتبعين، كون الرئيس لم يسبق له وأن منح هذا المنصب إلا لشقيقه السعيد، وبقي القرار غير منشور بالجريدة الرسمية. أما قرار تعيين بلخادم في نفس منصب شقيقه فسينشر في الجريدة الرسمية، وبالتالي بلخادم تحصل في هذا التعيين من طرف الرئيس على أعلى رتبة تخص المستشارين والتي لم يمنحها بوتفليقة من قبل لأي شخص بما في ذلك صديقه "رحال" المعين منذ الستة أشهر الأولى التي تولى فيها بوتفليقة الحكم سنة 1999 في منصب مستشار الشؤون الديبلوماسية للرئيس. وتعني كلمة مستشار خاص للرئيس، بنظر العديد من المراقبين، أن بلخادم سيكون في اتصال دائم برئيسه وسيكون الشخصية رقم واحد التي توصل المعلومة لبوتفليقة رفقة وأحمد أويحيى. كما يتوقع المراقبون أن بوتفليقة وبعد المستجدات التي طرأت على الساحة في الأشهر الأخيرة والتي كادت أن تضرب استقرار ووحدة المؤسسات، قرر الاستنجاد بالحاج وسي أحمد وهما اللذان عملا معه لما يقارب 15 سنة كاملة، كي يكون لهما الدور الأبرز فيما بعد 17 أفريل وفق ما تمليه متطلبات ومستجدات الدولة تحت شعار مخطط "أ" ومحطط "ب".