البعض يتوقع تكليف محمد الصغير باباس أو عبد المالك سلال مع اقتراب الفصل النهائي المتوقع اليوم الأربعاء من طرف المجلس الدستوري في طعون المرشحين للانتخابات التشريعية، يتهيأ أعضاء الغرفة السفلى الجدد لدخول مبنى زيغوت يوسف، حيث يتم إثبات العضوية وانتخاب رئاسة جديدة للهيئة البرلمانية، وبعدها مباشرة سوف تقبل حكومة أحمد أويحيى على تقديم استقالتها إلى رئيس الجمهورية، وفق ما جرت عليه الأعراف السياسية في البلاد، رغم أن الدستور الجزائري لم ينص على إلزامية هذه الخطوة. ومنذ الإعلان عن نتائج استحقاق 10 ماي، توجهت الأنظار إلى منصب الوزير الأول الجديد، لا سيما مع فوز حزب جبهة التحرير الوطني بالمرتبة الأولى بمجموع 221 مقعدا، وهي حصيلة جعلته على مرمى حجر من حصد الأغلبية النسبية، لكن مع ذلك بقي اسم الوزير الأول المرتقب في خانة الغموض والسوسابنس، كون الدستور يخول للرئيس عبد العزيز بوتفليقة تعيين أي شخصية يراها مناسبة، دون الاحتكام إلى نتائج الانتخابات، وعليه فقد عرفت الحكومة في سنواتها الأخيرة، تداولا ثنائيا بين كل من عبد العزيز بلخادم وأحمد أويحيى على قصر الدكتور سعدان.لكن يبدو هذه المرة أن الوضع مختلف نوعا ما، بحسب المراقبين، حيث طرحت معطيات جديدة ومهمة تجعل من تبوؤ أي من الرجلين للمنصب المذكور أمرا مستبعدا برأي بعض المتابعين، ولهذا لم يستمت الآفلان المتوج بأغلبية مقاعد المجلس الشعبي الوطني، في المطالبة بحقه السياسي على الأقل في رئاسة الوزراء، وقد تجلى ذلك في أول تعليق على النتائج المعلنة، عندما قال الأمين العام للحزب العتيد، إن هذا القرار من صلاحيات الرئيس، في معرض إجابته على سؤال حول طموحه الشخصي بشأن منصب الوزير الأول. وقد توالت تصريحات عبد العزيز بلخادم في هذا الصدد، لترسم صورة أولية بشأن الوافد الجديد على قصر الدكتور سعدان، إذ لمح الرجل في حواره الأخير لإحدى الصحف الوطنية، إلى استبعاد تجديد الثقة في حليفه، الأمين العام للأرندي أحمد أويحيى، وعلل ذلك بضعف حجم الوعاء الانتخابي لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، حيث اعتبر المتحدث نتائج التشريعيات بمثابة رسائل وجهها الشعب ولا بد من التوقف لقراءتها بتمعن على حد قوله. وقد زاد تصريح الأمين العام للأفلان لإحدى الصحف المصرية مؤخرا، من الاعتقاد بعدم تعيين أحمد أويحيى مجددا في المنصب ذاته، بالقول «إن هوية الوزير الأول القادم للجزائر سيكون ذا كفاءة»، وهو الكلام الذي فهمه كثير من المراقبين على أن المقصود منه، هو أن يلجأ الرئيس إلى وضع ثقته في شخصية تكنوقراطية محايدة. بينما قرأ آخرون في تصريحات عبد العزيز بلخادم المتوالية استبعادا واضحا لإمكانية عودة أويحيى، لكنهم يتوقعون في الوقت ذاته أن تسند رئاسة الوزراء لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، ويرشحون لذلك وزير البيئة الحالي شريف رحماني لتقلد المنصب، وقد أوعزوا ذلك إلى «منطق التقاسم» الذي يسود علاقة الحزبين بمنظومة السلطة، على اعتبار أن رئاسة البرلمان ستؤول إلى صاحب المرتبة الأولى أي حزب الأفلان، ومن ثمة يحتفظ الوجه الآخر للسلطة بموقع رئيس الوزراء. لكن يوجد من المتابعين للشأن السياسي، من يرجح عدم تكليف الأفلان أو الأرندي على السواء برئاسة الوزراء، ويقدمون احتمال اختيار شخصية محسوبة على الرئيس لإدارة مقاليد الحكومة المرتقبة، ويتداول هؤلاء أسماء كل من رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي محمد الصغير باباس، ووزير الري عبد المالك سلال، بعدما تضاءلت حظوظ وزير الأشغال العمومية عمار غول، إثر قرار حركة حمس بعدم المشاركة في الحكومة. ويبرر أصحاب هذه التحاليل رؤيتهم، برغبة السلطة في إعطاء انطباع عام عن الإرادة الحقيقية في الإصلاح وتدشين مرحلة جديدة، خاصة بعد موجة الاحتجاجات التي خلفتها مجريات العملية الانتخابية ونتائجها المعلنة، والتي أفضت إلى تأسيس تكتل سياسي سمي ب «الجبهة الوطنية لحماية الديمقراطية» وضع على رأس مطالبه، مناشدة رئيس الجمهورية تشكيل حكومة وحدة وطنية محايدة وفق ما ورد في أرضية الوفاق السياسي الموقع عليها جماعيا الأحد الماضي.