أقحم ظل مؤسس حركة مجتمع السلم المرحوم الشيح محفوظ نحناح في المعترك الانتخابي، بعد انقضاء إحدى عشر سنة على وفاته، غير أن هذا الإقحام الانتخابي للشيخ الراحل لم يكن من باب واحدة وإنما من أبواب متفرقة يؤدي كل منها لأهداف وغايات ليست بالضرورة متطابقة، وإن تقاطعت عند نقطة الاستمالة والاستقواء وحتى الاستثمار السياسي، حيث كانت البداية بتصريحات عبد المالك سلال، مدير حملة الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة من ولاية بالبليدة، معقل نواة التأسيس الأولى لجماعة الإخوان نهاية ستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي، حيث جاءت تصريحات سلال في تجمعه الشعبي مشيدة بإسهامات الرجل في الحفاظ على كيان الدولة والدعوة إلى حقن دماء الأزمة الأمنية التي عصفت بالجزائر خلال عشرية الإرهاب والمرافعة لصالح الحل السياسي للأزمة، وذلك في معرض حديث سلال بالبليدة عن السلم والاستقرار الذي يعتبر أحد أهم معالم خطاب فرسان الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة في الحملة الانتخابية، غير أن إثارة سلال لروح الشيخ الراحل في هذه الولاية، لم يخلو ألبتة برأي المراقبين والعارفين لدقائق وتفاصيل التيارات السياسية داخل حمس من رسائل سياسية ضمنية التلميح فيها أقوى من التصريح في حضرة البليديين عموما وأبناء حركة مجتمع السلم خصوصا، منهم مناصرو تيار المشاركة الذين وإن انضبطوا بقرار المقاطعة المتخذ من قبل مجلس شورى الحركة، إلا أنهم لا يخفون امتعاضهم من أداء مقري رئيس حمس على وجه الخصوص. وعليه، فإن إقحام سلال لروح النحاح أشبه ما يكون بالقول أمام البليديين بأن حمس 2014 لا تشبه حمس النحناح. وغير بعيد عن سلال، فإن زعيمة حزب العمال ومرشحته للرئاسيات، أقحمت هي الأخرى روح الفقيد محفوظ نحناح في معرض ردها على "رسالة إعلان الحرب" التي أصدرها مقري ردا على انتقاداتها للمقاطعين للرئاسيات، حين راحت حنون، رغم خلافها السياسي مع نحناح، تثني على الأخير وأخلاقه العالية سياسيا وأخلقته لها، في إشارة ضمنية إلى أن مقري أبعد ما يكون عن تمثل خلافة مؤسس الحركة تعففا عن منطق والبادئ أظلم، وإن كانت هي الأخرى تقع فيما أنكرته على مقري من تشخيص. وبين الاستغلال والرد، علا صوت النجل الأكبر للراحل محفوظ نحناح ليقحم والده في المعترك الانتخابي، مدعيا أن والده لو كان حيا لأعلن دعمه للرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، غير أن نور الدين نحناح لم يحدد هل سيكون هذا الدعم باسم والده الشخصي، أم باسم الحركة. ومهما يكن من أمر، يرى المراقبون أن منطق الأشياء يقتضي أن يكون الدعم على فرض وقوعه معلنا باسم حركة مجتمع السلم، وإن كان وزن الشيخ معلوما في تحديد مسارات مجلس الشورى والتأثير في قراراته، ومع كل هذا وذاك، يبدو، برأي الملاحظين، أن إقحام روح الشيخ في الحملة الانتخابية كاف ليخلد اسمه بإطلاقه على الأقل على مؤسسة من مؤسسات الدولة كما وعد بذلك