صعّد الرئيس بوتفليقة من نبرة انتقاداته لما أسماه بانحرافات الحملة الانتخابية للرئاسيات، وتحدث رئيس الجمهورية المترشح لعهدة رئاسية رابعة عبد العزيز بوتفليقة بلهجة حادة تضمنت توبيخا شديدا، لدعاة العنف والفتنة في الجزائر، وجدد بوتفليقة تنديده بخطابات التهديد والوعيد للمترشح بن فليس، للمرة الثانية في ظرف 24 ساعة، حيث قال في تصريحات غير مسبوقة، خلال ثاني ظهور إعلامي له أثناء لقائه بالأخضر الإبراهيمي المبعوث الدولي إلى سوريا، أن "الحملة الانتخابية شابتها دعوات للفتنة والتدخل الأجنبي والتهديد"، وتساءل رئيس الدولة وهو يتحدث عن منافسه في السباق نحو قصر المرادية علي بن فليس، دون أن يذكره بالإسم، قائلا هل هذه هي الديمقراطية؟ ممارسة التهديد والدعوة للتدخل الأجنبي؟ ماذا يريد؟ فتنة؟ أم ثورة؟ أم ربيعاً عربياً؟ وأضاف متسائلا: وهل هذا في فائدة الشعوب؟". وأكد رئيس الجمهورية خلال اللقاء الذي بثت التلفزة الوطنية مقتطفات منه أن هذه "التصرفات لا تمت للديمقراطية بصلة"، مشيرا "للخصوصية التي تميز الديمقراطية الجزائرية". ورد الإبراهيمي على كلام بوتفليقة قائلاً: "لقد سمعت كلامك البارحة عن الموضوع"، ويقصد النقد الذي وجهه بوتفليقة ليلة السبت إلى الأحد لبن فليس لدى استقباله وزير خارجية إسبانيا مانويل غارسيا مارغالو إي مارفي، عشية نهاية الحملة الانتخابية، والذي بثت مقتطفات منه في نشرة الثامنة للتلفزيون الجزائري قائلا "افتقدت الحملة الانتخابية اللباقة في بعض الأحيان، حيث شابتها دعوات للعنف وسلوكات لا أخلاقية ومنافية للديمقراطية"، متسائلا "ما معنى أن يقوم مترشح بتهديد الولاة والسلطات وتهديد عائلاتهم بما قد يحدث "لأطفالنا وعائلاتنا في حال وقوع التزوير" وهو ما أسماه رئيس الجمهورية ب "الإرهاب عبر التلفزيون". من جانبه، أكد الإبراهيمي في تصريح للصحافة عقب الاستقبال الذي خصه به الرئيس بوتفليقة، أنه لاحظ "التحسن الصحي الكبير لرئيس الجمهورية مقارنة باللقاء الأخير"، وأضاف أنه استمع إلى ما قاله رئيس الجمهورية بخصوص الحملة الانتخابية، مشيرا إلى أنه "يتابع أطوارها باعتباره جزائري"، واستطرد الإبراهيمي قائلا أنه "فخور ببلده وباستقلاله وأنه لن يقبل بأي تدخل أجنبي من أي جهة كانت". وقد صنعت تصريحات رئيس الجمهورية الحدث على الصعيدين السياسي والإعلامي وتصدرت عناوين الصحف ونشرات الأخبار، كونها تصريحات غير مسبوقة للرئيس بوتفليقة، أدلى بها بعد تحفظ طويل، والتزامه الصمت طيلة الحملة، حيث أنه لم يرد مطلقا على حملة الانتقادات والاتهامات، بل وحتى الشتائم، التي تفنن معارضوه وخصومه السياسيون في توجيهها له، ولعهدته الرئاسية، ولحصيلته، ولأنصاره، ومسانديه وللمشرفين على حملته الانتخابية، والتي بلغت على حد وصف بوتفليقة وأنصاره اتهامهم بأنهم عصابة من اللصوص والخونة، يتآمرون على رأس الشعب، وأنهم يريدون منح البلاد على طبق من ذهب للخارج، وأنهم باعوا البلاد ونهبوا الثروات.. وما إلى ذلك من الاتهامات، إلا أن الرئيس بوتفليقة لم يرد ولا مرة على كل الانتقادات الموجهة له، مفضلا التزام الصمت، إلى أن وصل الأمر إلى حد توجيه المترشح علي بن فليس خلال تجمعاته وخرجاته الإعلامية تهديدات للولاة والسلطات، بما قد يصيب أطفالهم وعائلاتهم في حال ممارستهم للتزوير، مقابل دعوته لأنصاره إلى عدم السكوت في حال لم يفز هو في الاقتراع، أي علي بن فليس، وهي التصريحات التي استفزت رئيس الجمهورية وأخرجته عن صمته، خاصة وأن الأمر أصبح يتعلق، حسبه، بدعوة صريحة لممارسة العنف، وهو ما يهدد أمن البلاد واستقرارها