ستضع رئاسة الجمهورية مضمون التقرير المتعلق بتعديل الدستور الذي اشتغلت عليه لجنة الخبراء برئاسة الدكتور عزوز كردون عقب تنصيبها في أفريل 2013 بداية من اليوم، أمام الأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني، وسيتم إطلاع الأطراف الراغبة بالمشاركة في الحوار السياسي على تفاصيل الاقتراحات التي قدمتها اللجنة بشأن تعديل الدستور، لتمكين الطبقة السياسية من الإطلاع عليها، وإبداء الرأي حول حصيلة عملها تحسبا لانطلاق المشاورات السياسية التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة والتي سيشرف عليها رئيس ديوانه أحمد أويحيى شهر جوان المقبل قبل الذهاب إلى مراجعة الدستور سواء عن طريق الاستفتاء أو بجمع غرفتي البرلمان. وكشفت مصادر ل«البلاد"، بأن "مسودة كردون" وعلى عكس ما توقعته أحزاب المعارضة، لا تحتوي على مقترح استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية الذي أثار جدلا كبيرا في الأوساط الحزبية، معارضة وموالاة، بل تتضمن مقترح العودة إلى منصب رئيس الحكومة الذي يتم اختياره من حزب الأغلبية البرلمانية، مثلما هو معمول به في الدول الديمقراطية، وهو ما يطالب به الأفلان، منذ عودة الجدل حول التعديل الدستوري المعمق. وتأتي خطوة رئاسة الجمهورية، تنفيذا للالتزام الذي أعلن عنه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال مجلس الوزراء الأخير، حيث أكد بأن الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية والجمعيات ستتلقى منتصف شهر ماي الجاري اقتراحات التعديل التي خلصت إليها لجنة الخبراء، قبل "دعوة الأطراف المتحاور معها إلى لقاءات برئاسة الجمهورية مطلع شهر جوان المقبل لعرض ومناقشة آرائها واقتراحاتها البديلة في هذا الخصوص. وقال عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام بجبهة التحرير الوطني سعيد بوحجة في اتصال ب«البلاد" إن "مسودة تعديل الدستور التي أعدتها لجنة كردون، يمكن أن تكون كقاعدة عمل، ومادة دسمة للأحزاب، من أجل الاشتغال عليها والتشاور حولها بهدف إثرائها، خاصة أنها مستوحاة في الأصل من مقترحات ومساهمات الطبقة السياسية. يأتي ذلك، في وقت تجد أغلب أحزاب المعارضة نفسها في وضع مرتبك وتائه، بين حسابات الربح والخسارة التي فرضتها خطوة رئيس الجمهورية بدعوة كل الأحزاب السياسية معارضة وموالاة إلى مشاورات سياسية من أجل الذهاب إلى تعديل دستوري توافقي معمقة، خصوصا بعد أن فشلت المعارضة، في اتخاذ موقف مشترك وموحد بعدم الانخراط في مسعى السلطة الرامي إلى فتح المشاورات حول تعديل الدستور. ويعتقد بعض المتابعين للشأن السياسي والحزبي في الجزائر أن الأيام القليلة القادمة، قد تعرف تحولات مفصلية في مواقف أحزاب المعارضة، خاصة بعد اتضاح الخطوط العريضة لمسودة التعديلات الدستورية، التي يتوقع أن تحتوي على مقترحات نوعية، ترمي إلى تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي يفضي إلى استعادة ثقة الشعب وبناء مؤسسات قوية وشرعية، وهو ما يصب في نفس الإطار والتوجه الذي تدعو إليه أطياف المعارضة، لا سيما ما تعلق منها بمطلب الفصل بين السلطات الثلاث للدولة، التشريعية والقضائية والتنفيذية، وتحديد طبيعة ونظام الحكم السياسي في البلاد، وتوسيع الصلاحيات الرقابية والتشريعية للبرلمان، وفصل جهاز القضاء عن الجهاز التنفيذية، حيث لا يصبح للحكومة أي وصاية على القضاة، بالإضافة إلى تعزيز وتكريس الحريات الفردية والإعلامية والنقابية، وحماية حقوق الإنسان، والمواطن الجزائري.