تشهد ليبيا أخطر أزمة سياسية تتمثل بوجود مؤتمر وطني عام "برلمان" منقسم وحكومتين متنافستين، منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في 2011، وظهور فصيل في الجيش يسمى "الجيش الوطني الليبي" يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يشن حربا ضمن من يسميهم "الإهرابيين" في بنغازي. وقد حصل هذا كله على خلفية تصعيد لأعمال العنف في الشرق والوقف التام تقريبا للإنتاج النفطي، المصدر الأساسي للعملات الأجنبية، بسبب إقفال المطالبين بالفدرالية للمنشآت النفطية منذ حوالي السنة. وتزداد شعبية "جنرال بنغازي" يوما بعد يوم في صفوف الشعب الذي أرهقته النزاعات السياسية وأعمال العنف اليومية في بلد تعجز سلطاته عن بسط الأمن فيه. وفي آخر التطورات، أعلن الرائد محمد الحجازي المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أن الطائرات الليبية شنت غاراتٍ مكثفة على مواقع المتطرفين في منطقتي سيدي فرج والقوارشة كما دمرت مستودعاً للذخيرة في درنة. ومن جانبه شدد رئيس حكومة تصريف الأعمال الليبية عبد الله الثني على أن حكومته ستقدم كامل الدعم العسكري والمادي لمدينة بنغازي من أجل مكافحة من وصفهم بالخارجين عن القانون. ودعا الثني كل الثوار للالتحاق بالغرفة الأمنية لبنغازي من أجل مكافحة الإرهاب. كما دعا كل الضباط للالتحاق بالقوات الأمنية لمواجهة من وصفهم بالأعداء. وفي ظل هذا التوتر الأمني والفوضى، استقال سالم الحاسي رئيس المخابرات العامة الليبية من منصبه احتجاجاً على سياسات المؤتمر الوطني الأخيرة وعلى حالة "الفوضى" بحسب وصفه، وتوجه إلى بنغازي. وواصلت القوات الموالية للواء المتقاعد المناوئ للحكومة الليبية خليفة حفتر قصف منطقة الهواري غربي بنغازي بصواريخ "غراد" مما أدى إلى سقوط قتيل، وسط عملية نزوح كبيرة في المدينة بينما استهدف تفجير منزل أحد قادة الثوار بطرابلس. وأوضحت تقارير أن قوات حفتر أطلقت عشرات من صواريخ "غراد" وقذائف هاون على مناطق في شرق ليبيا بينها منطقة الهواري غربي بنغازي، وأسفر القصف عن نشوب حرائق داخل مخازن تجارية، وأضرار مادية أخرى. من ناحية أخرى، أجلت المحكمة العليا بليبيا النطق بالحكم في مدى شرعية تعيين المؤتمر الوطني العام أحمد معيتيق في منصب رئيس الوزراء إلى التاسع من الشهر الجاري. وانتخب البرلمان معيتيق الشهر الماضي في تصويت عمته الفوضى حيث شكك فيه كثير من النواب، ورفض رئيس الوزراء المنتهية ولايته عبد الله الثني تسليم السلطة قائلا إنه يريد أن ينتظر حكما قانونيا في ما إذا كان انتخاب معيتيق مشروعا. وعقد أول اجتماع للحكومة الجديدة في مكتب رئيس الوزراء بعد سيطرة قوات الشرطة عليه إثر رفض عبد الله الثني تسليم سلطاته إلى معيتيق. وكان الثني استقال في أفريل الماضي، غير أنه قال إنه تلقى أوامر متضاربة من المؤتمر الوطني بشأن شرعية انتخاب معيتيق، وأضاف أنه سيستمر في أداء مهامه حتى يحسم المؤتمر النزاع. وقال محمد عبد الله رئيس اللجنة المشرفة على الاستلام والتسليم بين حكومتي الثني ومعيتيق إن اللجنة مستمرة في أعمالها، مؤكدا أن قرار تعيين أحمد معيتيق رئيسا للحكومة نافذ ما لم يصدر حكم قانوني ببطلانه.