لا تكاد تخلو مائدة جزائرية من تلك الحلوى الشهية التي ترتبط بشهر رمضان بشكل خاصّ، والتي تعدّ جزءاً من الموروث الشعبي في كلّ مناطق الجزائر. إذ يتربّع "قلب اللوز"، بجدارة، على عرش مملكة الحلويات في قائمة اليوميات الرمضانية لدى سكان هذا البلد. تشبه "قلب اللوز" في شكلها الخارجي الهريسة أو البسبوسة، التي تُحضّر في بلاد الشام، كونها مربّعة ومصنوعة من المواد نفسها تقريباً، إلا أنّها مختلفة الطعم وتختلف طريقة تحضيرها. يُستخدم في صناعتها الدقيق الخشن والسكر والزبدة وماء الزهر والقرفة. وكانت في زمن مضى تُحشى باللوز فقط، وهو مصدر اسمها الجميل. لكن مع مرور الزمن تطوّرت وبات ممكناً استبدال اللوز بالفول السوداني، أو الفستق أو البندق، وحتّى الشوكولا. أما الغريب في قصتها فهو وجود فرضيات كثيرة تتضارب حول تاريخ هذه الحلوى. إذ يجزم البعض أنّ لها أصولاً تركية، وأنّها كانت ذات شرعية "مَلَكية" جعلتها حكراً على موائد الطبقة الحاكمة في العهد العثماني، وأنّه لشدّة تعلّق هؤلاء بها، لم يكن مسموحاً لأبناء العامّة تناولها. لكنّها، تمردت على ما يبدو، وخرجت إلى الشارع لتصبح حلوى شعبية بامتياز في عصرنا الحالي. غير أنّ هذه الفرضية تتعارض مع قصة أخرى حولها، إذ يرى مؤرخون آخرون أنّها حلوى أندلسية الأصل وإسبانية النشأة، وأنّها قطعت البحر المتوسط في القرن 16 مع المسافرين من الأندلس لتستقرّ في الضفة المقابلة، وتحديداً في الجزائر. في حين نجد قصّة أقلّ إقناعاً وحظّاً تقول إنّها مرتبطة بحلوى فرنسية تحمل الإسم نفسه. وهي فرضية ضعيفة جداً بسبب وجود بعض الحلويات المشابهة في بلاد عربية لم تخضع للاستيطان الفرنسي، بل تشترك مع الجزائر فقط في الانتماء تاريخياً إلى الدولة العثمانية. وهذا يرجّح كون الفرنسيين هم من نقلوها عن الجزائريين، وليس العكس. لكنّ أغرب الفرضيات التاريخية على الإطلاق هي أنّ صاحب الفضل في اختراع حلوى "قلب اللوز" هو الخليفة العباسي "المأمون" شخصياً، وذلك في القرن العاشر للميلاد. وبحسب هذه الحكاية كان اسمها الاصلي "المأمونية"، بحسب بعض الكتب التاريخية التي تؤكّد أنّها سافرت عبر الزمان والمكان لتستقرّ في الجزائر وتصبح علامة فارقة في تاريخ المطبخ الرمضاني التقليدي. قد لا يستطيع أحد تحديد النشأة الأولى لحلوى "قلب اللوز". غير أنّ المؤكّد أنّه لا يمكن أن يحلّ شهر رمضان في الجزائر من دون أن تكون حاضرة، وبانتشار كبير في كلّ واجهات باعة الحلوى في مدن الجزائر وبلداتها. وتبقى رائحتها الشهية، إلى جانب كأس الشاي، في كلّ ذكريات الجزائريين الرمضانية.