إطار سامي في المخابرات أكد ترقب "المخزن" لهجوم من "البوليساريو" فرض التأشيرة على الجزائريين عقب تفجير 1994 "مراهقة سياسية" المغرب مرهون لدى فرنسا إلى غاية 2026 حسب اتفاقية بين البلدين فجّر الضابط في المخابرات المغربية، سابقا، الباحث فريد بوكاس عددا من أسرار المخزن المغربي، حيث تطرق للأساليب التي تتبعها مخابرات بلده في جذب عملاء لصالحها. وأشار المتحدث في الحوار الذي خص به "البلاد"، رغم تحفظه الكبير على التصريح بحيثيات تجنيده وقصة انشقاقه، إلى أبرز المهام التي أوكلت إليه في خدمه. كما تحدث عن تفاصيل فراره من المغرب ولجوئه لإسبانيا. - بداية نريد أن نعرف كيف كان توجهك من الإعلام إلى المخابرات في المغرب، وماهي أصعب المهام التي أوكلت إليك، وكيف استطعت التأقلم مع فكرة أنك عميل مخابرات بعدما كنت صحفيا حاملا لرسالة نبيلة؟ أولا أشكركم على دعوتكم لهذا الحوار، وقد استطعتم اقتناصي لذلك، فمن طبيعتي أني أتفادى الحوارات الصحفية. أما الجواب على سؤالكم، في الحقيقة كنت أزاول مهنتي الصحفية بشكل طبيعي وعادي جدا، لكن الاستخبارات المغربية تتابع ما ينشره الصحفيون من معلومات لحظة بلحظة، وتتابع خطواتهم بشكل مستمر، وبما أن الإعلام المغربي سواء المسموع أو المرئي أو المكتوب يتحكم فيه هذا الجهاز ويقوم بتمويله بشكل سري عن طريق ما يسمى بالصندوق الأسود، فوجئت في الأسبوعية التي كنت أسهر عليها كمدير مالي وتجاري، بعرض من المدير المسؤول عنها، حيث عرض علي تناول فنجان قهوة مع شخصية بمدينة تيطوان من أجل التعرف علي، وكصحفي لم أتردد وقبلت العرض. وفي اليوم الموالي اتصل بي هذا الشخص أو الشخصية وحددنا موعدا الساعة الرابعة والنصف مساء للقاء قرب مصحة الهلال الأحمر، وعلى الساعة المحددة ناداني رجل من سيارته المرقمة بإسبانيا، وبعد تبادل التحية اتجه بي بعيدا عن المدينة على الطريق المتجهة نحو طنجة. وهناك في مقهى تناولنا القهوة وتبادلنا الحديث وأقنعني بأن أقوم بمهمة تهم أمن الوطن، وهذا الشخص هو المدير الجهوي لمديرية مراقبة التراب الوطني عبد القادر بويعلى. في اليوم الموالي أرسل سيارة خاصة لتقلني إلى وجهة أخرى، حيث أمضينا العقد، ومن ثم تم إرسالي إلى إسبانيا لإجراء تحقيق متعلق برئيس جمعية المهاجرين المغاربة المقيمين بإسبانيا ATIME في اسم رئيسها آنذاك مصطفى المرابط. - كيف تم انشقاقك من الاستخبارات، وكيف تم تهريبك من الأراضي المغربية، وهل تملك حاليا جنسية بلدك الأم؟ إن انشقاقي بل إن صح التعبير تمردي على الاستخبارات المغربية، جاء بعدما أن اكتشفت أن المدير الجهوي لمديرية مراقبة التراب الوطني DST كانت بينه وبين مؤسس الجمعية التي أشرت إليها سالفا محمد البجوقي، حسابات خاصة، حيث أن هذا الأخير كان يعتبر من كبار أباطرة المخدرات في شمال المغرب، وتم مساعدته على الهروب من المغرب بفضل جهاز "الدي إس تي" وفي حوزته الملايين من الدولارات التي قام بغسلها على الأراضي الإسبانية وذلك بتأسيس الجمعية التي ذكرتها. وبما أن المهمة التي كلفت بها لم تكن تتعلق برئيس الجمعية السيد مصطفى وإنما بمؤسسها السيد البجوقي، عدت إلى أرض الوطن، ما أربك حسابات مديرية مراقبة التراب الوطني وعلى رأسها الجنرال حميدو العنيكري الذي طالما حاربني شخصيا. ومن هنا بدأت قصة الاعتداءات والاختطافات، ولما راسلت محمد السادس الذي استلم شكواي شخصيا وقام بتوقيع وصل الاستلام بخط يديه، تعرضت لاعتداء وحشي وفي حوزتي شهادة طبية تثبت ذلك، ففكرت في أن أرفع تظلمي إلى القصر شخصيا، فأنجزت تقريرا مفصلا عن الفساد المستشري بهذا الجهاز وأوصلته لصديق لي بالديوان الملكي الذي أحاله على الاختصاص، لكن لم تمض سوى أيام حتى تم اختطافي من طرف الدرك الملكي تحت الرعاية المباشرة للقائد الجهوي للدرك بالقنيطرة، وحوكمت في ملف لم أعرف فحواه حتى أني حرمت من الدفاع، واستغرقت المحاكمة ابتدائيا 16 جلسة في ظرف أربعة أشهر و8 جلسات استئنافيا في ظرف شهرين. ومن ثم بدأت معاناتي داخل معتقلات العار، حيث كانت إدارة السجون تقوم بتحويلي من زنزانة لأخرى ومن سجن لآخر. ولما انتهت العقوبة الحبسية التي هي سنة، فوجئت بالإقامة الجبرية وبعدما تم فتح القضية المجهولة من جديد.. وقبل مغادرتي التراب المغربي، اتصل بي عميد في الاستخبارات المغربية طالبا مني لقاء عاجلا، ولما التقيته نصحني بمغادرة المغرب وإلا تمت تصفيتي، ولن أنسى ما قام به اتجاهي فلولاه ما بقيت على قيد الحياة لأجيب على أسئلتكم هذه، حيث قام بمساعدتي من أجل المغادرة بالتنسيق مع ضابط في النقطة الحدودية بباب سبتة. - طيب ماذا عن الشق المتعلق بالجنسية المغربية؟ بالنسبة للجنسية الأم لازلت مغربيا أحب النظام المغربي أم كره، رغم أن الهيئة الدبلوماسية المغربية بإسبانيا رفضت تجديد جواز سفري، ما يعني أن النظام المغربي تنكر لمغربيتي. وهذا لن يؤثر على مشواري سواء الإعلامي أو الحقوقي. - كيف تقيم العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب، وماهي نظرة "المخزن" للجزائر التي أقامت مخيمات للاجئين الصحراويين على أراضيها؟ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تمر بأزمة قلبية، لكن السؤال المطروح هنا، من المسؤول عن هذه الأزمة؟ ففي 24 أوت من عام 1994 وقعت أول أعمال تفجير فوق التراب المغربي، وهو الحادث الذي دفع بالمغرب حينها إلى اتهام الجزائر ب "الوقوف وراء الهجوم الإرهابي" وفرض التأشيرة على الجزائريين وهو ما ردت عليه الحكومة الجزائرية حينها بإجراءات أكثر حزما، حيث أعلنت من طرف واحد إغلاق الحدود البرية بين البلدين، وهو الإغلاق الذي ما زال مستمرا إلى اليوم. ولو كان المغرب حكيما، ما انصاع لفرنسا التي أبرمت اتفاقا مع المغرب مقابل حصوله على الاستقلال العسكري مقابل خنوع الدولة المغربية اقتصاديا لفرنسا إلى حدود سنة 2026، وهذا ما لا يعرفه المغاربة. إذن حادث "إسني" هو الذي أفاض الكأس، لكن المغرب تعامل مع الأمر بنوع المراهقة السياسية، فبدل أن يطلب المساعدة القضائية من الجارة الجزائر، قام بفرض التأشيرة على الجزائريين، ومثل هذا الحادث لا يدخل فيما يسمى بالإرهاب، وإنما هو عملية إجرامية، وحتى المتورطون فيه يحملون الجنسية الفرنسية ما يحمل ألف سؤال وسؤال. - حسب خبرتك، كيف سيتعامل المغرب مع القرار الأممي الأخير تجاه الصحراء الغربية؟ إن مسألة القرارات الأممية بالنسبة للمغرب تعتبر قرارات لا مرجعية لها، والسبب في تعامله مع مثل هذه القرارات الحصانة التي يتمتع بها النظام المغربي من فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية. وبما أن القرار ألأممي الأخير رقم م 2152 الصادر في نيويورك يوم 29 أفريل 2014؛ كان واضحا وصريحا في محتوياته، فلو كان الحسن الثاني على قيد الحياة، لتم التوصل لحل دائم لقضية الصحراء الغربية، لكن النظام الجديد، نظام مراهق، ومن البديهي أن يتجاهل كل القرارات والدليل على ذلك تصريحات بعض المسؤولين المغاربة أنهم لن يقبلوا أي استفتاء خارج نطاق الحكم الذاتي للصحراء، وهذا يعتبر خرقا قانونيا واضحا لا يحتاج لقراءته أو حتى التعليق عليه، بل هو تحديا في الوقت نفسه للمجتمع الدولي. - كيف ينظر المغرب للجيش الجزائري؟ رغم حصوله مؤخرا كما يعلم الجميع؛ من الولاياتالمتحدة على طائرات F16، إلا أن هذه الطائرات تعتبر بيضاء في نظر الخبراء الأخصائيين في مثل هذه الطائرات. ورغم ما ذكر من تزويد المؤسسة العسكرية بأسلحة جد متطورة، فذلك لا يعني أنه غير متخوف من الجيش الجزائري. وعن أهم النقاط التي يتخوف منها المغرب من الشقيقة الجزائر، أولاها دعمها الدبلوماسي لجبهة البوليساريو، حيث استطاعت الجزائر كسب ثقة العديد من الدول من أجل مساعدة الجبهة. والنقطة الثانية- وهي الأهم- التخوف من مساندة ودعم الجبهة عسكريا في حالة نشوب الحرب بين المغرب وجبهة البوليساريو. - ماهي أسرار الإنزال الأمني المغربي الأخيرة على الحدود الجزائرية، وما صحة تبني تنظيم "القاعدة" لتهديد للملك بتصفيته؟ ما يتعلق بالشق الأول من سؤالكم، هناك عدة تأويلات وتحليلات، لكن إذا قمنا بتحليل منطقي قابل للتفاعل مع العقل، فيمكن أن نطرح سؤالا واحدا لا أكثر، كيف يمكن أن تقطع طائرات ليبية تم السيطرة عليها من طرف إرهابيين الأجواء التونسية والجزائرية دون حسيب ولا رقيب؟ هل هاتين الدولتين لا تملكان من التقنيات اللازمة لمراقبة أجواء سمائهما؟ مع العلم أن الطائرات التي تحدث عنها المغرب تم تدميرها وهي لا تزال قابعة على مدرجات مطار طرابلس الدولي. وهناك من ذهب بعيدا في تحليله، معتبرا أن الإنزال له علاقة بتخطيط لعملية انقلاب عسكري بالمغرب، وهذا جد مستبعد. لكن الأرجح من كل هذا وذاك وحسب بعض المعلومات السرية التي وصلتني توا، أن المغرب يعتقد أن جبهة البوليساريو ستقوم بهجوم مفاجئ وخصوصا أن آخر أجل حدده مجلس الأمن الدولي في قراره الأخير للوصول لحل نهائي بين الطرفين هو شهر أفريل من سنة 2015، وبعد اتصال هاتفي مع مسؤول رفيع المستوى، أكد لي هذا الاحتمال الأخير، رغم أن جبهة البوليساريو لا تملك صواريخ قد تصل إلى الدار البيضاء أو الناظور شمال شرق المغرب. أما الشق الثاني من السؤال والمتعلق بتبني ما يسمى تنظيم "القاعدة" لتهديد الملك بتصفيته، أحبذ أن أقف وقفة تأمل لعلني أصدق ذلك، فقد قام صحفي إسباني معروف وتربطني به علاقة صداقة مهمة بعدما أن تخلى عنه مستشار محمد السادس فؤاد عالي الهمة بنشر شريط فيديو على موقع للجريدة التي يشتغل لحسابها وهي جريدة معروفة لا داعي لذكر اسمها، بعدها قام الصحافي والعميل علي أنزولا بنشر نفس الشريط على موقعه، وهو السبب الذي تم اعتقاله من أجله، وبما أن الصحفيان الإسباني والمغربي كانا عميلين في الاستخبارات العسكرية المغربية "لادجيت"، تم منحهما هذه المادة الإعلامية المفبركة، من أجل إلهاء الشعب المغربي بما يسمى الإرهاب وإشغاله عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، في المقابل ترتفع أرباح الشركات التابعة "للهلوليدينغ" الملكي والتي تزيد عن أربعين شركة تعتبر العمود الفقري للاقتصاد الوطني. - إلى أي مدى سيؤثر الوضع الأمني الليبي على المغرب، خاصة وسط كل هذا التخوف؟ إن كان الوضع الأمني الليبي لم ولن يؤثر عن الجزائر التي تشارك حدودها مع ليبيا، فكيف سيؤثر عن المغرب وهو بعيد جغرافيا عن المنطقة؟. إن ما يروج له الإعلام المغربي الذي يتلقى المواد الإخبارية من الأجهزة الأمنية، تعتبر استراتيجية أمنية لاحتواء الأزمة الاقتصادية التي يمر بها المغرب، وحتى أكون واضحا، لو كان الوضع بالمغرب يشكر عليه؛ ما جاء محمد السادس بتساؤله عن ثروة البلاد في خطاب العرش. إذا الأمر واضح ولا يحتاج للتفكير.