لم يعد ما كان يعرف بالعاصمة الاقتصادية ومشروع القرن الذي لطالما علق عليه سكان الجزائر بأسرهم الآمال في أن يروا وجها جديدا لجزائر القرن الحادي والعشرين ونسخة من تهيئة الإقليم تضاهي أرقى الدول. "بوغزول " التي كان يفترض أن تكون الحدث خلال السنوات العشر القادمة تحولت إلى حادثة أحزنت الكثير ممن يعرفون ماضي ومستقبل هذه المدينة المفترضة. تعتبر المدينة الجديدة بوغزول (160 كلم جنوب العاصمة) أهم مدينة جديدة من الناحية الاستراتيجية باعتبار أنها مرشحة لتكون العاصمة الجديدة للجزائر على شاكلة العاصمة البرازيلية برازيليا. وكان الرئيس الراحل هواري بومدين أول من رشحها لتكون بديلا للعاصمة الجزائر لكن هذا المشروع تبخر بوفاته، وحالت العديد من الذهنيات والأيادي النافذة دون تحقيق هذا المشروع الوطني لتصبح بوغزول من عاصمة سياسية وبديلة إلى عاصمة اقتصادية، وفي 2003 قدم عبد المومن خليفة مشروعا لإنجاز عاصمة جديدة للجزائر في بوغزول على شاكلة برازيليا الا أن هذا الأخير رحل ورحلت معه برازيليا مع انهيار إمبراطوريته المالية في نفس العام، وفي أول أفريل 2004 صدر المرسوم التنفيذي لإنجاز المدينة الجديدة بوغزول وخصصت لها ميزانية 49 مليار دينار، حيث أنجزت مختلف الدراسات اللازمة لإنجاز مدينة عصرية تنافس كبريات العواصم العالمية بداية من 2005. حيث صرح مسؤول بالمؤسسة العمومية لتهيئة المدينة الجديدة بوغزول بأن مشاريع إنجاز الهياكل القاعدية الأساسية للمدينة الجديدة ببوغزول ببلدية شهبونية ولاية المدية والمتمثلة في شبكات الطرقات والتطهير والتزويد بالماء الشروب قد استكملت بنسبة كبيرة. كما أن نسبة تقدم مجموع مشاريع إنجاز الهياكل القاعدية الأساسية للمدينة الجديدة ببوغزول بلغت 70 بالمائة. ويتعلق الأمر بشبكات الطرقات وتطهير مياه الأمطار والمستعملة و التزويد بالماء الشروب. وقد تم إنجاز الورشات التقنية بالخراسانة والموجهة لإنتاج الكهرباء والكوابل الخاصة بالاتصالات السلكية واللاسلكية وأنابيب التموين بالمياه الشروب على مسافة 19 كلم. كما أن إنجاز أنابيب المياه التي تربط سد كودية أسردون (ولاية البويرة) و هذه المدينة الجديدة على طول 196 كلم قد استكمل وقد سبق أن شرع في أشغال إنجاز منشآت التركيب بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية. ويفترض أن عدد السكان الذين من المقرر أن تحتضنهم المدينة الجديدة التي تقدر مساحتها الإجمالية 6000 هكتار منها 4000 هكتار قابلة للعمران تضاف اليها مساحة حماية تمتد على 12000 هكتار ب 350000 مواطن. وبدلا من أن تكون بوغزول عاصمة مالية واقتصادية تحولت إلى قطب للتنمية المتوازنة على مستوى الهضاب العليا وتحقيق التنافسية وكذا مدينة ذات نوعية بيئية عالية الجودة ويفترض أن تضم المدينة الجديدة ثماني وظائف رئيسية هي السكن والتعليم والبحث وتطوير الطاقات المتجددة والنشاطات الصناعية واللوجستية الإدارية والخدمات والتجارة والسياحة والترفيه والفلاحة والصناعات الزراعية. وتقع هذه المدينة التي ترتكز على أسس التنمية المستدامة في إطار المخطط الوطني للتهيئة العمرانية على ضفاف بحيرة سد بوغزول والذي يعد عنصرا هيكليا للمدينة وبالتالي المحافظة على النظام البيئي وتطوير الشبكتين الزرقاء والخضراء المقررتين في المخطط. بوغزول من عاصمة اقتصادية إلى بيئية تحولت هذه المدينة الحلم من عاصمة مالية مفترضة إلى مدينة بيئية حيث يفترض أن تحاط المدينة بأكثر من 22 كلم من مياه البحيرات وعدد من الحظائر المائية وتمثل حوالي 1000 هكتار من المساحات الخضراء الحضرية على طول محاور الطرقات الكبرى وحظيرة مركزية (130 هكتارا) ربع المساحة القابلة للعمران. كما يحيط بها حزام أخضر حضري عرضه من 300 إلى 500 متر، تضاف اليها 12000 هكتار مقررة للتشجير من أجل استحداث "مناخ مصغر" ومكافحة التصحر. ويتضمن مخطط تهيئة هذه المدينة الجديدة أيضا مناطق تخصص لإنشاء إقامات يتم انشاؤها على مستوى 21 حيا مبرمجا على أساس نسيج يمتد على طول 1 كلم حسب مفهوم وحدة فضاء حياة مزودة بالتجهيزات العمومية. ويعول العاملون على إتمام مشروع مدينة بوغزول النموذجية في مجال الاقتصاد والطاقة وتثمين الطاقات الجديدة والمتجددة (الشمسية والصفائح الفولتية والهوائية). على بلوغ نسبة 40 بالمائة من الحصيلة الطاقوية الوطنية في مجال الطاقة المتجددة في أفق 2030 من خلال استغلال الطاقة الشمسية المقدرة ب1900 كيلواط في الساعة سنويا وسرعة الرياح التي تفوق أو تساوي 3 م / الثانية والتي تفوق مدتها 4000 ساعة في السنة، حيث يتضمن برنامج تهيئة إنجاز محطة هجينة (شمسية وهوائية) على مساحة 45 هكتارا شرق المدينة وكذا إقامة تجهيزات خاصة بإنتاج الطاقات المتجددة على مستوى التجهيزات العمومية وإدارج الطاقة الشمسية في الفضاءات العمومية (حظائر و مواقف السيارات) والإنارة العمومية وكذا تعميم التموين بالطاقة المتجددة للعمارات الموجهة للسكن. وتم التوقيع في سنة 2011 على مشروع شراكة مع برنامج الأممالمتحدة للبيئة وصندوق البيئة العالمي الذي يهدف إلى جعل مدينة بوغزول أول مدينة "ذات انبعاث غاز الكربون ضعيف". بوغزول من مدينة بيئية إلى مدينة جديدة وبالرغم من أن عملية إنجاز هذه المدينة الحضرية الموكلة لشركة "دايو انرجي اند كونستركشن" بات يشوبها الكثير من اللبس والقيل والقال حول عمليات نهب واختلاس أثار أحد نواب البرلمان عن ولاية المدية في البرلمان العام الفارط قضية اختفاء 8.2 ملايين دولار التي قدمتها هيئة البيئة العالمية لواحدة من الشركات التابعة لمصالح ولاية الجلفة سنة 2008 بغرض تشجير المنطقة، إلا أنه وإلى يومنا هذا لم يتم القيام بالعملية، مشيراإلى أن الأشجار التي غرست في المحيط الخارجي للمدينة هي لخواص منحت لهم في إطار الامتياز الفلاحي. وتطرق إلى مئات الملايير التي صرفت في فواتير وهمية استلمها مقاولون بسجلات تجارية وهمية وحديث عن المقر المستقبلي للمدينة الجديدة الذي يفترض أن يحتضن الإدارات الرئيسية، حيث توجد فواتير بمبلغ 195 مليار سنتيم لأشغال مبنى مقر المدينة الجديدة، وعلى الواقع لا أثر لهذه البناية. والغريب في الأمر كله أن تأخر إنجاز هذه المدينة الجديدة طالما يرجعه اصحاب الشركة والادارة الملكلفة بتسيير الاشغالإلى سكان هذه المدينة لرفضهم الرحيل عن سكناتهم وللبلديات المجاورة للمدينة، في حين يفترض في هذه البلديات أن تساهم في عملية التشجير فقط، بينما عملية ترحيل أصحاب السكنات الهشة كان يفترض أن تكون خلال الأشهر الفارطة بعدما تم إنهاء أشغال إنجاز 800 مسكن كسكنات بديلة. بوغزول حلم نتمنى أن يتحقق فعلى الرغم مما شاب ويشوب هذا المشروع الذي لم يزره الوزير الأول خلال زيارته الأخيرة التي قادته إلى المدية وللتأخر الواضح في عملية سير أشغال هذه المدينة الجديدة التي أوكلت عملية تسييرها إلى وزارة المدينة والسكن بدل وزير البيئة وتهيئة الإقليم المفترضة، كون هذا المشروع كان يفترض أن يدخل في خانة تهيئة الإقليم لا في تسيير مجمعات سكنية فقط، خاصة أن الفيديو الافتراضي لمستقبل هذه المدينة الذي قدمه احد المسؤولين على إنجاز هذا المشروع يوحي لك بأن بوغزول ستكون على شاكلة دبي أو ربما احسن إلا أن واقع الحال وما يتم إنجازه يبيبن عكس ما رأيناه في الفيديو وفي الصور الافتراضية و"ما يخشاه أبناء المدية أن تكون بوغزول مجرد مجمعات سكنية تم إنجازها للقضاء نهائيا على حلم العاصمة البديلة فيتحول بذلك حلم كل الجزائريين إلى كابوس، ويسترجع من وقفوا وراء تحقيق هذا الحلم حلمهم" بالبقاء بالجزائر العاصمة وعلى أمتار من الميناء والمطار." يقول أحد سكان بوغزول.