تسابق الجزائر الزمن لحشد الدعم الدولي لمبادرتها الخاصة بحل الأزمة في ليبيا، وذلك بانتهاج سبيل الحوار السياسي بين الفرقاء الليبيين في سبيل حقن الدماء وإعادة الاستقرار إلى البلاد، التي باتت تحت سيطرة الميليشيات المسلحة، وأصبحت تمثل مناخا خصبا لتنامي خطر الإرهاب في المنطقة، وفي وقت أعلنت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية، الاتحاد الأوربي، ودول عربية دعمها لمبادرة الجزائر التي ستلعب فيها دور الوساطة، انقسم الشارع الليبي بين مؤيد ومعارض للحوار وللوساطة نفسها، وظهر ذلك في المظاهرات التي عرفتها البلاد أول أمس الجمعة، كما انقسم إخوان ليبيا حول هذه المسألة، فبينما رحب حزب الوطن بوساطة الجزائر، اعتبرها حزب العدالة والبناء تدخلا في شأن ليبيا الداخلي. ولم يخف رئيس حزب العدالة والبناء الليبي محمد صوان، دعمه للحوار بين الفرقاء في ليبيا من أجل حل الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد، إلا أنه انتقد وساطة الجزائر في القضية، واعتبر مبادرتها تدخلا في الشؤون الداخلية لبلاده قائلا "نرى أنه لا غنى عن الحوار لحل الأزمة السياسية في ليبيا، وفيما يتعلق بدعوة الجزائر للحوار بين الأطراف المتصارعة في ليبيا نحن لم ندعَ لأي حوار في الجزائر، ونقدر دور الجزائر الشقيقة وحرصها على رأب الصدع بين الليبيين ورفض التدخل الخارجي في الشأن الليبي"، وأضاف صوان في بيان له على موقعه في الفايسبوك، أن ما تسرب من معلومات حول دعوة بعض أركان نظام القذافي إلى حوار الجزائر لن يكون مجديا، كما أنه لن يسهم في إنجاح الحوار، "في إشارة إلى الوساطة الجزائرية"، مؤكدا أن حزبه يرى أن الحوار ينبغي أن يكون أولاً بين شركاء ثورة 17 فبراير مهما كان الاختلاف بينهم، معلنا بذلك عن رفضه المشاركة في الحوار الذي يفترض أن ينطلق شهر أكتوبر القادم في الجزائر، والذي ثمنته هيئة الأممالمتحدة، وأطراف أخرى عديدة. في المقابل، كان رئيس حزب الوطن الليبي عبد الحكيم بلحاج، قد رحب بلعب الجزائر لدور الوساطة في حل الأزمة في ليبيا، خصوصا أمام إصرار مصر على الحل العسكري لتجنيب دول الجوار عواقب الانفلات الأمني في ليبيا، إلى جانب أمريكا وفرنسا قبل آن تتراجع هذه الأخيرة وتدعم الحوار السياسي، انطلاقا من قناعته بأن الاستعانة بدول الجوار كالجزائر خير من أن تتحول ليبيا إلى عراق ثانية بسبب التدخل العسكري الأجنبي، مشيرا إلى أن الحوار السياسي المزمع انطلاقه في أكتوبر القادم في الجزائر، كفيل بإنهاء الأزمة بين الفرقاء، والعمل على إقامة دولة ليبيا بجميع أركانها. وفي السياق، شهدت معظم المدن الليبية الجمعة الماضي مظاهرات تحت عنوان "جمعة الشهيد"، التي تهدف إلى إسقاط البرلمان، حيث رفع المتظاهرون الذين خرجوا بعد صلاة العصر في مدن طرابلس، بنغازي، مصراته، الزاوية، غريان وسبها، شعارات تعبر عن الرفض القاطع للانخراط في الحوار الذي سينعقد في الجزائر، وشجب التدخل الأجنبي السياسي والعسكري في الشأن الليبي، في إشارة صريحة إلى رفض المتظاهرين لأي خطوة تقوم بها الجزائر أو أي دولة أخرى لإنهاء الأزمة الليبية، وتأكيدهم على ضرورة أن تحل ليبيا مشاكلها بنفسها.