خرج أمس في خطوة مفاجئة حوالي 250 عنصر من الوحدات الجمهورية للأمن بالحميز في مسيرة سلمية من مقر الوحدة باتجاه قصر الحكومة احتجاجاً على ظروف عملهم، ودعما لانشغالات زملائهم في غرداية مطالبين بلقاء وزير الداخلية والحماعات المحلية، الطيب بلعيز لتبليغه "أرضية المطالب". وتتلخص مطالب رجال الأمن حسب مصادر مقربة من المحتجين في تحسين ظروف العمل والتحويل إلى مناطق التوتر وتأسيس نقابة مستقلة للسلك تدافع عن حقوق منتسبيها"، قبل ان يجتمع وزير الداخلية والجماعات المحلية رفقة المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل مع ممثلين عن رجال الشرطة المحتجين، من أجل التكفل بكافة المطالب الاجتماعية لعناصر الشرطة. وشهدت الحركة الاحتجاجية حضورا أمنيا مكثفا فور دخولها وسط العاصمة، لكن تأطيرها كان مدروسا بإحكام حيث لم تحدث احتكاكات أو مصادمات بين المحتجين والمراقبين من "زملاء المهنة"، وتخلى رجال الشرطة الغاضبون عن وسائل عملهم خلال مسيرة المشي على الأقدام حيث كانوا مجردين من السلاح والقبعات والعصي والهراوات. ونقلت مصادر مطلعة أن الشرطيين كانوا مبرمجين مسبقا لاستخلاف زملائهم في ولاية غرداية التي تعيش على وقع تجدد موجة العنف خلال ال24 ساعة الأخيرة. وطرح عناصر وحدات الجمهورية للأمن نفس الانشغالات التي أثيرت في مظاهرة الشرطيين ببريان ومدينة غرداية، والتي تركزت أساسا على المطالبة بالحماية من الاعتداءات. وعبر أعوان حفظ الأمن والنظام المنحدرون من عدة ولايات عن تضامنهم مع زملائهم في غرداية حيث ذكر أحدهم أن "غالبيتنا نشعر بالإحباط من ضغط العمل في ظل ظروف قاسية في منطقة مضطربة مثل غرداية والتي تميزت بتعرض زملائنا للرشق بالزجاجات الحارقة من قبل مرتكبي أعمال الشغب وبالمقابل يمنع أعوان الشرطة بموجب تعليمات فوقية صارمة من استعمال القوة "من أجل الدفاع عن أنفسنا". وسارت المسيرة من الحميز بالدار البيضاء مرورا بباب الزوار والديار الخمسة قبل أن يلتحق بها فوج كان يشتغل على مستوى الميناء، وراوغت المسيرة، كل المتتبعين، حيث كان يفترض ان تصل الى مقر المديرية العامة للأمن الوطني في باب الواد، لكن منظموها قرروا في آخر لحظة عشية أمس تحويل مسارها نحو قصر الحكومة. وقد رفض المحتجون فور وصولهم لمقر الوزارة الأولى التحدث مع والي العاصمة، عبد القادر زوخ وطالبوا في المقابل بحضور وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية الذي قام بزيارة طارئة أمس لغرداية رفقة المدير العام للأمن الوطني. وردد المحتجون الذين رفضوا التصريح للصحافة والحديث مع ممثلي وسائل الإعلام في آخر محطة من مسيرتهم مقاطع من النشيد الوطني وهتفوا طيلة فترة اعتصامهم أمام القصر الحكومي "نريد إطلاع وزير الداخلية على الوضعية الكارثية التي نعيشها لتبليغه بمطالبنا"ورفض بعضهم الكشف عن محتواها إلا مع المسؤول الأول عن قطاع الداخلية. وقد تواصل تدفق الملتحقين بالحركة الاحتجاجية السلمية في هدوء إلى غاية ساعة متأخرة من مساء أمس. ويعد احتجاج عناصر الأمن في الجزائر سابقة لرجال الشرطة منذ الاستقلال. ويحظر القانون على رجال الأسلاك النظامية القيام بحركات احتجاجية أو إضراب. وكان رجال الشرطة قد طالبوا قبل سنوات بإنشاء نقابة لهم، تتيح لهم رفع مطالبهم وتنظيم حراكهم الاجتماعي، لكن السلطات رفضت هذا المطلب بشكل قطعي، وقامت في المقابل برفع أجورهم، ومنحهم تسهيلات للحصول على السكن وامتيازات اجتماعية أخرى.