أبدى أطباء مختصون في أمراض السرطان بمستشفى وهران تحفظهم الشديد حول فعالية عينة من الأدوية والمستحضرات الصيدلانية الجنيسة المستوردة من الهند والموجهة لمرضى الأورام الخبيثة، بسبب التماسهم العديد من الأعراض الجانبية لها، بالإضافة إلى افتقادها لخصوصيات المادة الفعالة التي يحتويها المركب الأصلي. وطالبت مجموعة من الأطباء، وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بفتح ملف استيراد الأدوية البديلة أو ما يعرف بأدوية ''الجينيريك'' من الدول التي تضم مخابر إنتاج أدوية مقلدة لا تلتزم بكل المعايير التي توصي بها المنظمة العالمية للصحة في مجال الصناعة الصيدلانية للنقاش بين كافة الأطراف المختصة، مؤكدين على تسجيل معطيات ''خطيرة وجديرة بالطرح'' حول استعمال بعض الأدوية المخصصة لمرضى السرطان على وجه التحديد والتي تصنعها شركة ''سيبلا'' الهندية، وتقوم الصيدلية المركزية للمستشفيات باستيرادها وتموين المؤسسات الاستشفائية العمومية بها، حيث دعوا الأوصياء على القطاع لإجراء تحريات حول جملة التقارير التي رفعها العديد من الأخصائيين إلى الوزارة ''ولو في سياق تنظيم لقاء وطني مسبوق بدراسة بحث حول نتائج علاج المرضى الذين خضعوا لتأثير تلك الأدوية المثيرة للشكوك في سبيل تقييم مدى جدوى وأهمية إبرام صفقات من هذا النوع على سياسة الدولة في مجال التكفل بالمرضى المقيمين الموضوعين تحت تأثير العلاج الكيماوي''. وعن مصدر هذا التخوف والتحذير من الأمر، يشير عدد من الأطباء الذين تحدثت إليهم ''البلاد'' حول الموضوع، إلى وقوفهم على بعض التحفظات حول استهلاك منتجات مخبر ''سيبلا'' الذي سبق وأن أثيرت ضده فضيحة إنتاج أدوية جنيسة لمرضى الكلى اتضح أنها مخالفة للمواصفات النوعية. كما أوضح هؤلاء أن وصفهم أدوية الشركة لعينات من مرضى السرطان لم يقدم النتائج المرجوة، مؤكدين اتضاح الأمر أكثر بالنسبة للحالات التي قدمت للعلاج في مرحلة مبكرة من الإصابة، وسجل تدهور صحتها على الرغم من خضوعها للتكفل الطبي والتقيد بمراحل البروتوكول العلاجي اللازم، مثلما لم يخف البعض وقوفهم على ارتفاع ملحوظ في نسب الوفيات الخاصة بمرضى الأورام الخبيثة تزامنا مع الفترة التي انطلق فيها التعامل مع المخبر الهندي المذكور، وهو أمر برأي المختصين يعكس عدم فعالية هذه النوعية من المنتجات، لاسيما وأن أدوية ''الجينيريك'' التي يفترض أن تكون مكافئة للأدوية الأصلية وتحتوي على المادة العلاجية نفسها من حيث الجرعة والشكل الصيدلي، الأمان، التركيز، الفعالية، الجودة، طريقة التعاطي ودواعي الاستعمال، لا يتم احترام كل تلك المواصفات فيها بسبب أن إنتاجها يتم خارج براءة الاختراع، وغالبا ما يكون من دون ترخيص أو تصريح من المخترع الأصلي بمجرد سقوط الحماية الفكرية أو براءة الاختراع بعد انقضاء مدة معينة تقدر في حدود العشرين عاما، بحيث أن المشكلة تكمن عموما في أن هذه الأدوية قد تكون منتهية الصلاحية، أو معدة ومخزنة في ظروف سيئة، مثلما يمكن أيضا أن يتم خلط تركيبتها بالماء، ما يجعلها أقل فاعلية وتساعد أكثر على تكوين مناعة لدى الجراثيم، أو أن يتم كذلك إبدالها بأدوية وهمية لا ضرر منها لكنها غير مفيدة، وبالتالي تبقى تشكل خطرا جسيما على صحة وحياة مستهلكيها الذين يعتقدون أنهم خاضعين للعلاج، في حين أن تعاطيهم للدواء شكلي بل أنه وهمي لا فاعلية ولا جدوى منه. وفي نفس السياق، انتقد محدثونا بشدة أن تحتكر الصيدلية المركزية للمستشفيات مجال استيرادها للأدوية الجنيسة التي تتميز بانخفاض تكلفتها المالية الذي يأتي كنتيجة منطقية لإلغاء كلفة البحوث والتجارب الإكلينيكية بمراحلها الأربع المعروفة من على عاتق الشركة المنتجة لها، إلى جانب شدة المنافسة القائمة بين الشركات المصنعة لأدوية ''الجينيريك'' والتي تؤدي تلقائيا إلى انخفاض سعرها، في مقابل أن يكون الأمر على حساب نوعية الإنتاج والمادة العلاجية الفعالة التي تمثل الأساس في أي مركب دوائي، خاصة وأن تصنيع الأدوية الجنيسة التي تبقى الحل الأمثل والأنسب في تأمين تغطية علاجية واسعة بأسعار معقولة بشرط التقيد بمعايير المطابقة المطلوبة فيها، قد أضحى يمثل نشاطا تقوم به العديد من شركات الأدوية العالمية وحتى العربية التي تحظى بالتفاف الدول المستوردة والمستهلكة لمنتجاتها على أساس تمتعها بالجودة، وذلك في انتظار أن تصبح الأدوية الجنيسة أول منتوج جزائري، حسبما هو مقرر قريبا في أجندة وزارة ولد عباس.