البرميل دون 76 دولارا وعصر "البحبوحة المالية" في خطر لم يستغرق هبوط سعر النفط إلى أدنى مستوياته منذ أربع سنوات سوى 5 أشهر فقط، ليفقد بذلك 32 بالمائة من قيمته السعرية، حيث سجلت بورصة العقود الآجلة لنفط في لندن صبيحة أمس الثلاثاء سعر برميل برنت بحر الشمال أقل من 76 دولارا، في حين تشير توقعات الخبراء ومن ورائهم وكالة الطاقة العالمية ومنظمة "الأوبك" إلى استمرار انخفاض أسعار البترول بنفس الوتيرة سنة 2015 في ظل وجود مؤشرات لا تشجع على ارتفع الطلب. وكشف مصدر مقرب من وزارة المالية ل"البلاد" أن الحكومة تدرس بالفعل خيار إنشاء خلية أزمة مشتركة تشمل وزارة الطاقة والمالية والخارجية والتجارة والصناعة في حالة فشل منظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك" في ضبط الأسعار مرة اخرى خلال الاجتماع المقرر في ال 27 من هذا الشهر. وحسب المصدر ذاته فإن دراسة أعدتها وزارة المالية حول المخاطر المحتملة من موجة انخفاض أسعار البترول تسلمها الوزير الأول عبد المالك سلال الأسبوع الماضي تشير إلى مخاوف جدية من بلوغ أكبر نسبة عجز في موازنة السنة المقبلة لم تبلغه الجزائر منذ الاستقلال، وعليه تقترح الوثيقة إنشاء خلية أزمة مشتركة لمتابعة تطورات سوق النفط الدولية واتخاذ قرارات مستعجلة في حالة الضرورة. ورغم أن المصدر استبعد مراجعة قانون المالية لسنة 2015 الذي يحمل نفقات ضخمة في طياته بعد أن صادق عليه البرلمان بغرفتيه، إلا أنه لم يستبعد لجوء الحكومة لفرض بعض الإجراءات التي تصب في إطار ترشيد النفقات عبر إلغاء بعض الصناديق المالية غير المجدية ووضع قيود على استيراد بعض المواد الاستهلاكية تمهيدا لاتخاذ إجراءات أكثر حزما خلال 2015. ويظهر جليا أن مهمة الحكومة في ضبط الميزانية هذه السنة ستكون معقدة من غير شك ففاتورة الواردات التي استهلكت نهاية السنة الماضية أزيد من 60 مليار دولار تتطلب سعر مرجعيا لبرميل النفط يفوق ال 100 دولار في الوقت الذي يدعو فيه قانون المالية الذي سيدخل حيز التطبيق بدءا من جانفي المقبل إلى نفقات توصف بالانتحارية مقارنة بتطورات الأخيرة التي عرفتها أسعار المحروقات مصدر 95 بالمائة من مداخيل الميزانية ورغم أن صندوق ضبط الإيرادات يعمل منذ أربع سنوات كمثبط لتغطية العجز المزمن في الخزينة العمومية، إلا أن الفشل في تهيئة الرأي العام لسيناريوهات سقوط أسعار البترول والإبقاء على نفقات موسعة تستهلكها غالبا كبرامج البنى التحتية والبناء قد يؤدي إلى تطورات على الجبهة الاجتماعية غير مرغوب فيها في المستقبل القريب.