دخلت الكثير من مؤسسات الدولة سباقا مجنونا يقوم على استعراض الأرقام والتنافس في نفخ قيمتها للبروز بمظهر الناجح أمام الزملاء في القطاعات الأخرى··واستفحل هذا الداء وتحول إلى ثقافة في التسيير وتقييم نجاعة الوزارات والمؤسسات وحتى البلديات·· في كوميديا جماعية أبطالها مسؤولون ومسيرون على مختلف المستويات، يتبارون في تزييف الحقائق و خداع ''المسؤول الأعلى'' بتقارير وأرقام وهمية· فمن الفلاحة إلى التربية مرورا بالنقل والتجارة، تتوالى البيانات و''الحصائل الرقمية'' بعيدا عن روح التنمية المرتبطة بالمفاهيم والإنجازات الفعلية·· ولهذا كانت جلسات التقييم التي درج رئيس الجمهورية على تنظيمها مع الوزراء، فرصة لاكتشاف مدى تطابق لغة الأرقام مع الواقع الذي ترصده تقارير مستشاري الرئاسة·وإذا تأكد مسعى وزارة التربية ''اعتماد سياسة تقويمية جديدة في متابعة كل المؤسسات التربوية ابتداء من الدخول المدرسي المقبل، ترتكز أساسا على عقود نجاعة سيتم إبرامها مع مديريات التربية للوصول إلى تسيير بيداغوجي فعال''، فهذا يعني أن المدارس ومديريات التربية ستتحول بدورها إلى ''إدارات تربوية ذات طابع اقتصادي'' يضبطها عقد نجاعة وتقييم سنوي لمدى أنجاز التعهدات المتعاقد عليها!وبحسب القانون الذي يقضي أن نفس المقدمات تؤدي إلى نفس النتائج ، سيتنافس المدراء والمسؤولون على تقديم تقارير وحصائل ''إيجابية جدا''، مشفوعة بالأرقام والإحصائيات، وسيصبح ''عقد النجاعة'' همهم الأكبر·· على حساب روح العملية التربوية··