باتت تقنيات الاتصال عبر الأجهزة المحمولة تشكل جزءاً مهماً في رسم ملامح حياتنا اليومية، وقد غيّر تطور هذه التقنيات حياتنا في الماضي، وسيغيرها من جديد مع التطورات القادمة. وهاهو جيل جديد من تقنيات شبكات الاتصال بدأت ملامحه ترتسم في الأفق، وهو جيل جديد من إمكانات وقدرات شبكات الاتصالات عبر الأجهزة المحمولة، والتي ستغير حياتنا من جديد: إنها شبكات الجيل الخامس 5G. ما هي شبكات الجيل الخامس 5G؟ لا تزال شبكات الجيل الخامس 5G مجرد مفهوم في المرحلة الراهنة، وهي بالمجمل عبارة عن شبكات تركز على تعزيز التغطية وسرعة نقل البيانات، إلا أنه لم يتم الاتفاق على وضع معايير محددة لشبكات الجيل الخامس 5G حتى يومنا هذا. وجل ما نعرفه هو أن الاتحاد الدولي للاتصالات يسمح لشركات الاتصالات بإطلاق اسم الجيل الرابع 4G على أي شيء طالما أنه يقدم مستوى أفضل في الأداء والقدرات تفوق شبكات الجيل الثالث 3G. وهكذا يمكننا المجازفة بالقول بأن شبكات الجيل الخامس 5G ستكون ببساطة عبارة عن أي شيء أفضل من شبكات الجيل الرابع. دعونا بدايةً نستعرض في عجالة كافة أجيال شبكات الاتصالات حتى يومنا هذا بشكل مبسط يسهل فهمه: الجيل الأول وهو عبارة عن تقنيات أتاحت إجراء الاتصال باستخدام الهاتف أثناء التنقل. الجيل الثاني وهو عبارة عن تقنيات قدمت إمكانية إرسال الرسائل النصية عبر شبكات الموبايل عبر تحويل البيانات إلى إشارات رقمية. الجيل الثالث وهو عبارة عن تقنيات قدمت إمكانية إرسال واستقبال اتصالات الوسائل المتعددة، الصوت والصورة والنص. الجيل الرابع ركزت التقنيات التي تنطوي تحت تصنيف الجيل الرابع على سرعة البيانات، فخدمة LTE، التي هي واحدة من تقنيات الجيل الرابع، تقدم سرعة بيانات أسرع ب 8 مرات مقارنة مع تقنيات الجيل الثالث. الجيل الخامس أخيراً من المتوقع إطلاق الجيل الخامس والذي سيقدم إمكانية تنزيل بيانات بحجم 1 جيجابايت في الثانية الواحدة، وذلك أسرع ب 200 مرة من اتصالات الجيل الرابع الحالية. ومن المتوقع طرح شبكات الجيل الخامس تجارياً للمستخدمين في عام 2020. سرعة شبكات الجيل الخامس حاليا يمكن لأقصى سرعة لتقنيات شبكات الجيل الرابع وهي LTE-A البالغة 225 ميجابت في الثانية تنزيل فيلم عالي الدقة يبلغ حجمه 800 ميجابايت في غضون 28.4 ثانية. وعند تنزيل نفس الفيلم بسرعة 50 جيجابت في الثانية، وهي السرعة القصوى لشبكات الجيل الخامس، سيستغرق الأمر أقل من ثانية واحدة. نحن نتطلع قدماً لنعايش بإذن الله شبكات الجيل الخامس والتي ستحول خيالنا إلى حقائق، بما في ذلك المكالمات الفيديوية ثلاثية الأبعاد، ومكالمات هولوجرام، كما أن مفهوم إنترنت الأشياء سيكون بأبهى حلة مثل السيارات الذكية والمنازل الذكية وخدمات الرعاية الصحية الذكية والأسواق الذكية وغيرها. فالحل السحري لجعل المستحيل ممكنا وتحويل أحلامنا إلى حقائق يكمن في توفير تقنيات قادرة على تحميل ملف حجمه 1 جيجابايت في الثانية عبر شبكات الاتصال المحمولة. ماذا يعني ذلك بالنسبة لنا كمستخدمين؟ قامت سامسونج لتوها بتقديم سرعات مذهلة لتحميل البيانات وصلت إلى 1 جيجابايت في الثانية، وأشارت إلى أن مستخدمي الأجهزة المحمولة المتصلين بشبكة من الجيل الخامس سيكون بمقدروهم تحميل فيلم كامل في غضون ثانية واحدة. وإذا أصاب الباحثون في جامعة كورنيل فإن شبكات الجيل الخامس ستقدم للمستخدم تجربة سلسلة ومذهلة. وستضع السرعات المذهلة للجيل الخامس حداً للانتظار العقيم والتطبيقات البطيئة. ولاشك بأن جميعنا قد عانى من الاحباط عند إجراء المكالمات الفيديوية، أو من الانتظار حتى تتم عملية التخزين المؤقت لدى مشاهدة الفيديوهات على الإنترنت، وهكذا يتوقع الخبراء بأن هذه السلبيات ستكون شيئاً من الماضي لدى إطلاق شبكات الجيل الخامس. كيف تعمل شبكات الجيل الخامس 5G؟ من المقرر أن تلعب تقنية تعرف اختصارا ب MiMo أي "مداخل متعددة ومخارج متعددة" دوراً رئيسياً في معايير الكفاءة وذلك وفقاً للباحثين. وتستخدم تقنية MiMo هوائيات صغيرة عديدة لتخديم تدفق البيانات بشكل منفرد. وقد اعتمدت سامسونج على هذه التقنية لتوفير سرعات مذهلة لتنزيل البيانات. ومن المرجح أن تستخدم شبكات الجيل الخامس عدد أكبر من محطات البث، بما في ذلك المواقع الكبيرة المخصصة للبث ومحطات أصغر تعتمد طيف من تقنيات الراديو لتضمن تغطية أفضل. وكان وزير الاتصالات الاسترالي، مالكوم تورنبول، قد اقترح أنه من الممكن أن يكون هنالك محطة أرضية لشبكات الجيل الخامس في كل بيت أو في كل عمود إنارة. وإذا نجح الأمر فإن هذا النموذج والمعيار يمكن أن يتم تبنيه في كل أنحاء العالم. متطلبات خاصة لمواكبة شبكات الجيل الخامس إن الهواتف الذكية وأجهزة الموبايل الحالية غير مزودة للاستفادة من منافع تقنية اتصالات الجيل الخامس. وقد بدأت الشركات مثل سامسونج وLG U+ وهواوي بالفعل بإجراء بعض التجارب على تقنيات الجيل الخامس الجديدة. وفي الوقت الذي لا تزال هذه التطورات في مراحلها الأولى، فإن الأجهزة المحمولة المستقبلية على الأرجح ستكون مزودة ببطاريات ذات عمر أطول. وستتيح تقنيات الجيل الخامس لمستخدمي الأجهزة المحمولة إمكانية العمل بسرعة أكبر وإنجاز مهام بفعالية أكثر. وربما ستحمل هواتف الجيل الخامس الجديدة هوائيات متعددة، ففي الوقت الحالي لا يمكنها أن تحتوي على أكثر من هوائيين اثنين، لكن ليس هنالك أي معلومات عن عدد الهوائيات التي ستتوفر في الأجهزة الجديدة التي ستدعم تقنية الجيل الخامس. كم علينا الانتظار لننعم بتقنيات الجيل الخامس؟ استناداً إلى دورة الحياة الطبيعية لتطور شبكات الاتصالات، فإنه من المتوقع توفر شبكات الجيل الخامس في عام 2021 تقريبا، إلا أن الحكومة في كوريا الجنوبية استثمرت 1.5 مليار دولار في إجراء تحديثات تمكنها من تجربة شبكات الجيل الخامس في عام 2017 كتجربة في جزء من كوريا الجنوبية على أن يتم تعميها في البلد بحلول 2020. ويرى خبراء آخرون أيضا أن تقنية الجيل الخامس لن تصل الولاياتالمتحدة حتى عام 2018، أو ربما حتى موعد إقامة الألعاب الأولمبية في عام 2020. وليس من المرجح أن يتم تقديمها كخدمة قبل عام 2025. وتتوقع أريكسون توفر شبكات من الجيل الخامس بحلول 2020، إلا أن التطور التدريجي للوصول إلى شبكات الجيل الخامس بدأ لتوه.