افتتحت بمدينة المدية أشغال ملتقى دولي يستعيد ذكرى العلامة محمد بن شنب "المعروف باسم محمد بن أبي شنب" بعد 85 سنة من رحيله. ولأنه كان متعدد الاهتمامات، فقد رأى القائمون على الملتقى أن يخصصوا موضوع هذه النسخة لعلاقته بالاستشراق. وقال الدكتور مصطفى شريف، الباحث في هذا المجال والوزير الجزائري الأسبق للجامعات في بداية تسعينيات القرن الماضي، في كلمة الافتتاح إن "الاستشراق صاحَبَ الاستعمار وفي الوقت ذاته فقد درس المستشرقون مجتمعاتنا بشغف". ويضيف شريف الذي يرأس حاليا الملتقى، أن بن شنب كان رجل الأدب الجزائري الأول الذي واجه هذه الظاهرة المتضاربة بممارسته حوار الثقافات مطلع القرن المنصرم. وهو في ذلك متشبع بثقافة الكرامة الجزائرية منذ ملحمة الأمير عبد القادر الجزائري وأقرانه من النوابغ الذين يزخر بهم التراث الجزائري والإسلامي. وبخصوص إشكالية الملتقى، يقول منسقه العام محمد بوكرّاس وفق تقرير لموقع "الجزيرة نت"، إن "الاستشراق هو حلقة في سلسلة طويلة من الحلقات المعرفية التي طرحها المشروع العقلي البنشنبي خلال مشواره المعرفي، حيث صنع الاستثناء بوصوله إلى ما وصل إليه من تبحر في شتى حقول المعرفة التي أجادها وكانت له فيها لمسته الخاصة والواضحة". ورغم الجهود العلمية الكبيرة التي بذلها الدكتور محمد بن شنب والآثار التي تركها، فإنه بقي مجهولا لدى فئات واسعة من الجزائريين، ولم يكن معروفا إلا عند بعض النخب، ولعل المؤرخ والفقيه الراحل عبد الرحمن الجيلالي "1908-2010" كان أول من حاول إعطاءه بعض حقه عندما ألّف بشأنه كتابا بعنوان "محمد بن أبي شنب وآثاره" الذي صدر في الجزائر في ثمانينيات القرن الماضي، حيث تناول فيه جوانب من حياته وسلط الأضواء على كتاباته المتنوعة. وعاش الدكتور محمد بن شنب طيلة حياته في ظل الاحتلال الفرنسي للجزائر، ولم يُعرف عنه الانخراط في المقاومة السياسية المباشرة، مثلما يؤكد كثير من الباحثين، بل اتهمه البعض بمهادنة الفرنسيين في وقت كان شعبه يعاني ويلات الاحتلال الاستيطاني، وربما هذا ما جعل اسمه مغمورا بعد ذلك، لا يعرفه إلا المتخصصون والمهتمون بالشأن الثقافي.