سجلت جامعة امحمد بوڤرةببومرداس، أرقاما قياسية في عدد الاحتجاجات خلال السنوات الأخيرة حيث أضحت الإضرابات تقليدا يميز الجامعة عن غيرها، ولمعرفة الأسباب الحقيقة التي فتحت المجال أمام الطلبة لابتزاز إدارة الجامعة أعدت "البلاد" هذا التحقيق الذي دام عدة أشهر من البحث وجمع المعلومات، لتسليط الضوء أكثر على جوانب استغلها البعض لأغراض ضيقة. حمّل طلبة كلية العلوم الإدارة المسؤولية كاملة جراء الفوضى التي تشهدها الكلية بفعل الإضرابات المتواصلة والمتكررة منذ الموسم الجامعي الفارط، مؤكدين أن مثل هذه الإضرابات التي تشن بين الفينة والأخرى من أهم أسباب التي تثبط من عزيمة الطالب وفتحت أبواب إعادة السنة أمام الكثير من الطلبة بسبب الاحتجاجات التي أحدثت اضطرابا في السير الحسن للدروس. في السياق ذاته أكد طلبة كلية العلوم أن هناك الكثير من زملائهم الذين بدأوا الموسم الجامعي بصفة عادية، غير أن الإضرابات حطمت معنوياتهم وقتلت فيهم حب الدراسة خصوصا الذين يقطنون بالأماكن البعيدة من تراب الولاية، حيث أنهم في كل مرة يصطدمون بأبواب الكلية المغلقة التي عادة ما تكون لأتفه الأسباب على حد قولهم. مشيرين إلى تهاون الإدارة في تطبيق القانون عكس جامعة باب الزوار التي قالوا عنها إنها "صارمة" في قراراتها عكس جامعة بومرداس التي لا حول ولا قوة لها أمام ضغوط التنظيمات الطلابية، رغم أن كل الجامعات الجزائرية تحكمها قوانين وتنظيمات واحدة. تنظيمات طلابية شعارها "أنا وبعدي الطوفان.." عبر طلبة جامعة امحمد بوڤرة ببومرداس عن استيائهم الشديد من الابتزاز الذي تطبقه التنظيمات الطلابية التي تفرض قانونها الخاص على حساب الطلبة في ظل صمت الجهات المعنية، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات عن السبب الذي يجعل هيئة بحجم جامعة بومرداس ترضخ للمطالب غير المنطقية والتعجيزية في بعض الأحيان من قبل طلاب يتسترون تحت غطاء مظلة النضال الطلابي. وأكد محدثونا أن كل من هب ودب أضحى يتجرأ على عرقلة السير الحسن للجامعة ومنع الطلبة من دخول الجامعة، للضغط على الإدارة التي عادة ما تلبي تلك المطالب ولو كلف ذلك المساس بحقوق الطلبة النجباء يضيف هؤلاء، الذين أكدوا أن معظم المطالب تتمثل في تخفيض معدل الإنقاذ الذي لا يتماشي مع نظام ال"أل.أم.دي"، ضاربين بالقوانين والتشريعات عرض الحائط، إضافة إلى مطالب بالقبول في أقسام الماستر دون شروط حاملين شعار "أنا وبعدي الطوفان..". ومن جهتنا تقربنا لأحد التنظيمات الطلابية التي تتبنى الوقفات الاحتجاجية متقمصين شخصية طالب بجامعة بومرداس، حيث طلبنا من ممثليهم التوسط لنا مع إدارة الكلية للسماح لنا بالانتقال على اعتبار أننا تحصلنا على معدلات بعيدة عن معدل القبول وهو ما رحب به هؤلاء، وعند سؤالنا عن إمكانية تحقيق مثل هذا المطلب الذي يعتبر "غير مشروع"، أكد محدثونا أن الإضراب وسيلة فعالة للضغط على الإدارة بمختلف فروعها لتستجيب لمطالبها المرفوعة على حد تعبيرهم الذين حملوا مسؤولية الفوضى الحاصلة في الجامعة للإدارة الذي أغرقهم بالوعود الكاذبة، مؤكدين أنهم يملكون ملفات ومعطيات ضد الإدارة التي يستخدمونها كأوراق رابحة خلال الاضرابات والذين أكدوا مواصلتهم للحركة الاحتجاجية إلى غاية تلقي ضمانات فعلية من طرف الإدارة التي طلبت منهم العزوف عن الإضراب كشرط أساسي لأخذ المطالب محمل الجد على حد قولهم. أسماء مشبوهة ضمن قوائم الناجحين في الماستر كشفت مصادر طلابية ل"البلاد" عن قوائم نتائج مداولات اختبارات السنة الأولى ماستر استلمنا نسخا منها تحتوي على أسماء مشبوهة لطلبة بأسماء مبهمة، وتشير الوثائق التي بحوزتنا إلى أن طلبة بعدة أقسام بكلية العلوم الاقتصادية، التجارية وعلوم التسيير خصوصا تخصصات الماستر، دون أسماء معوضة بالحرف "Z" باللاتينية الذي يملأ الخانة المخصصة للاسم واللقب، غير أن كل هذه الأسماء المبهمة تحمل ملاحظة "ناجح"، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول هذه "الفضائح" التي تنقص من مصداقية مداولات المجالس العلمية. وأكدت مصادرنا أن هناك العديد من الطلبة من تغيبوا لموسم كامل غير أنهم تحصلوا على علامات بطرق غير معلومة وأخرى معروفة على حد تعبيرهم، في الوقت الذي حرم فيه العديد من الطلبة من فرصة الدراسة ضمن أقسام الماستر بحجة عدم توفر "الشروط" خصوصا حاملي شهادات الليسانس الكلاسيكية، وهو ما يجعل الإدارة المعنية محل "شبهة". وفي سياق متصل عبر الطلبة عن استيائهم الشديد من رفض العديد من الطعون التي يتعلق مجملها بطلب تصحيح أخطاء في نشر العلامات حيث أن هناك من أقصي من العلامة وآخرون لم تحتسب لهم العلامة الصحيحة تضيف ذات المصادر. وبهذا الخصوص أكد مصدر من كلية العلوم الاقتصادية، أن هذه الأخيرة تعتمد برنامج نظام إعلام آلي يحمل الكثير من الأخطاء في الحسابات، حيث أن مصلحة التدريس ارتكبت أخطاء فادحة في نشر العلامات بسبب هذا البرنامج غير الدقيق. مشيرة إلى أن بعض الأساتذة يعتبرون أن الطعون لا أساس لها من الصحة وأن "الطالب يحاول تضخيم العلامة كما أن الطعون مضيعة للوقت" على حد قول المصدر. ومن جهتهم، نددوا طلبة جامعة بومرداس بالتماطل والفوضى التي تنتهجها الإدارة في عرض نتائج الامتحانات بسبب نقص اللوحات الخاصة بالإعلانات خاصة قسم البيولوجيا واللغات بكلية العلوم، إضافة إلى عدم أخذ الطعون بعين الاعتبار خاصة الطعون الخاصة بالنقاط والتخصص، ناهيك عن تداخل أسماء الطلبة بين الأفواج الذي يعود إلى عدم اعتماد القوائم الرسمية النهائية للطلبة في أفواجهم بعد التحويلات. وأضاف محدثونا أن من بين الأسباب التي تشعل فتيل الاحتجاجات هي عدم مراعاة ظروف الطلبة خلال برمجة توقيت الامتحانات وهو ما يؤدي بالطالب إلى الدخول في إضرابات خاصة طلبة كلية العلوم، في ظل التسيب الإداري في جميع أقسام الكلية الثمانية على حد قولهم، معبرين في هذا السياق عن استيائهم الشديد من سوء معاملة الإداريين ورؤساء الأقسام لهم ورفض استقبالهم والسماع لانشغلاتهم خاصة في قسم البيولوجيا. وفي سياق ذي صلة، حمل هؤلاء الطلبة المسؤولية لعميد كلية العلوم الاقتصادية السابق الذي انتهت عهده الموسم الجامعي الحالي، الذي قالوا عنه إنه أغرقهم بالوعود التي وصفوها بالكاذبة، خصوصا ما تعلق بجانب التسهيلات البيداغوجية ومسح ديون ال"أل.أم.دي" لعدد من الطلبة، حيث ظلت الوعود تتراكم إلى أن وجدوا أنفسهم أمام أبواب مغلقة في ظل عراقيل وصعوبات كانوا في غنى عنها. رؤساء الأقسام يرفضون الاستقبال وأساتذة يتحرشون بالطالبات من بين أهم العوامل التي تركت انطباعات سيئة لدى طلبة جامعة بومرداس رفض رؤساء الأقسام استقبالهم بعدما تم تخصيص أوقات محددة للاستقبال، مطالبين في هذا المقام بضرورة الفصل بين المناصب البيداغوجية والإدارية حتى يتمكن المسؤول المعني من أداء مهامه على أحسن وجه على اعتبار أن من من يشغلون مناصب إدارية هم أساتذة سواء تعلق الأمر بمنصب رئيس القسم أم مساعديه، مؤكدين أن الطلبة مجبرون على حضور دروسهم سواء كانت أعمالا موجهة أو محاضرات، والتي يتزامن معظمها مع أوقات الاستقبال وهو ما يجبرهم على التغيب عن الحصص ليتمكنوا من مقابلة رئيس القسم لطرح انشغالاتهم المختلفة على حد قولهم، مطالبين بضرورة تمديد ساعات الاستقبال حتى يتجنبوا المشاكل البيداغوجية. ونقلت بعض الطالبات ل"البلاد" شهادات عن تجاوزات بعض الأساتذة الذين يستغلون وظيفتهم للتحرش بالطالبات سواء عن طريق الإيحاءات أو بالإدلاء المباشر، واستشهدت إحدى الطالبات طلبت عدم ذكر تخصصها بالسنة المنصرمة عندما تقدمت إحدى الطالبات كانت رفقة زميل لها إلى رئيس أحد الأقسام بكلية العلوم التجارية لطلب تصحيح خطأ ورد في نتائج الاختبارات، فرفض رئيس القسم استقبالها والاستماع لانشغالها قائلا لها "لو تقدمت بمفردك للبيت جميع طلباتك.." في إشارة منه إلى طلب الانفراد معها على حد قول محدثتنا، التي أكدت رفقة زميلات لها تفشي ظاهرة التحرش الجنسي في الوسط الجامعي من طرف أساتذة ومسؤولين سواء كانوا كبار السن أو شبابا يستغلون مناصبهم لأغراض غير شريفة وغير مشرفة لمناصبهم. حديث عن السنة البيضاء وتجاوزات في نظام "أل.أم.دي" أسرت مصادر مطلعة للبلاد أنه في ظل تواصل الإضرابات بأقسام كلية المحروقات والكيمياء، تفكر إدارة الكلية في سبل الإعلان عن سنة بيضاء لبعض الأقسام التي يستحيل مواصلة البرنامج في إطار نظام ال"أل.أم.دي" بسبب استحالة إتمام البرنامج المسطر والمحدد بعدد الحصص لكل سداسي وفقا لهذا النظام. مؤكدة أن الإضرابات التي شهدتها جامعة امحمد بوڤرة كانت سببا في عرقلة السير الحسن للدروس وهو ما يخدم فئة قليلة تكاد تعد على الأصابع. وتحدثت مصادرنا عن تجاوزات ترتكب بكامل كليات وأقسام جامعة آمحمد بوڤرة ببومرداس، في مقدمتها عامل الاكتظاظ في الأفواج بعد تسجيل أكثر من 70 طالبا في أدب إنجليزي وأزيد من 25 طالبا في أقسام الماستر في الوقت الذي يحدد نظام ال"أل.أم.دي" العدد بعشرة طلبة فقط، في ظل نقص المؤطرين خاصة في مستويات ليسانس وماستر. وهو ما جعل بعض الأساتذة يسجلون أسماء أساتذة آخرين ويدرسون مقاييس عوض اعنهم بتواطؤ مع من الإدارة، وهو ما يستدعي تدخل المصالح المعنية لفتح تحقيق معمق حول القضية خصوصا التخصصات الجديدة بأقسام الماستر التي تعرف نقصا في التأطير. ومن بين التجاوزات التي ذكرها الطلبة الغيابات فهناك بعض الطلبة يتغيبون لمدة أزيد لما هو مسموح في نظام ال"أل.أم.دي"، في طور الليسانس غير أنهم يسجلون في الماستر ويطالبون بالقبول دون شروط ومسح الديون. وفي الختام، أجمعت مصادرنا التي تحدثنا معها أثناء إجرائنا هذا التحقيق أن تجاوزات وتهاون إدارة كليات الجامعة وكذا الانتهاكات التي يرتكبها الأساتذة في حق الطلبة كانت سببا في ظهور أطراف مشبوهة التي استغلت الوضع "المتعفن" في الوسط الجامعي لتحقيق أغراض ومصالح ضيقة تخدم فئة قليلة على حساب مستقبل الطلبة، وهو ما فتح أبواب الاحتجاج بعدما أغلقت أبواب التحصيل العلمي.