خاض الصحفي، الرسام الكاريكاتوري، سعد بن خليف، في تفاصيل زيارته لصحيفة "شارلي إيبدو" قبل أشهر بباريس، حيث تحدث في هذا الحوار الذي جمعه ب"البلاد" عن الإجراءات الأمنية المتبعة على باب الأسبوعية، كما تطرق في حديثه لطريقة تناول الكاريكاتوري "شارب" صاحب العمل الذي أثار الأزمة، مشيرا إلى أنه قرأ القرآن كاملا وأن أسلوبه في تناول المواضيع الدينية أو السياسية استفزازي أكثر منه ساخر. حاورته/ فاطمة حمدي - ماهو تعليقك على الحادثة بشكل عام دون الخوض في تفاصيلها، كرسام كاريكاتوري وصحفي؟ العملية جبانة، لا علاقة لها بالإنسانية ولا بالفكر البشري الراقي، الأمر في المطلق غير مقبول، والأكيد أنني ضد أي تصرفات تدعو للإجرام ولهدر الدم، لا يملك أحد الحق في إنهاء حياة أي شخص مهما كان السبب، فهنالك العديد من الطرق التي يمكننا أن نعبر بها عن غضبنا أو استنكارنا أو عدم تقبلنا لتصرف دون الآخر. فلو أقدم أي إنسان يختلف مع آخر في الرأي على القتل لما بقي حي على وجه المعمورة، بغض النظر عن تفاصيل القضية أنا أشجب وأستنكر هذا الفعل المشين كما أتمنى أن تظهر تفاصيله في أقرب وقت لكي نفهم الخلفيات. - هناك من يرى أن ما حصل هو عبارة عن مسرحية من صنع المخابرات الفرنسية، كيف تراها أنت؟ الأمر أكبر مما أعتقده أنا أو أي شخص عادي، مثل هذه القضايا تحتاج لمختصين في المجال الأمني والسياسي والمخابراتي، لا يمكنني الفصل أو التخمين لأن الموضوع أكبر من الذي يظهر عليه بكثير، لكن في سياق آخر أريد فقط الإشارة إلى أن الصحيفة الفرنسية "شارلي إيبدو" مشهورة برسوماتها الاستفزازية للأنظمة أو حتى المعتقدات، ليس فقط الدين الإسلامي وإنما كل الأديان، فقبل ملفها الأخير كانت نشرت عديد الرسومات التي اعتبرها البعض تطاولت وتجاوزت حدودها مع أديان أخرى ومعتقدات أخرى غير الإسلام. - زرت سابقا مقر "شارلي إيبدو".. هل يمكنك أن تحدثنا عن الإجراءات الأمنية المتخذة لدخول الصحيفة، وكيف كان تعامل الطاقم معك باعتبارك مسلما؟ كان ذلك في شهر ماي الماضي، خلال زيارتي للعاصمة الفرنسية، وبحكم أنني كاريكاتوري وأن "شارلي إيبدو" من أكبر المؤسسات الإعلامية التي تستخدم الكاريكاتور للتعبير عن اليوميات في العالم. أما عن الإجراءات فكانت عادية مثلها مثل بعض المؤسسات الإعلامية في الجزائر أو في العالم، تم أخذ بطاقتي وتم استقبالي بترحيب وحفاوة واحترام ولم نخض أبدا في حديثنا عن الديانات أو غيرها، فقط عند حديثي مع "شارب" صاحب الكاريكاتور الذي أثار حفيظة وغضب الكثيرين والذي جاء على إثره الهجوم على الصحيفة قال إنه يطلع على تفاصيل كل الأديان حتى أنه "قرأ القرآن كله"، وإنما هو يعتمد هذا الأسلوب في عمله.. قد أختلف معه والأكيد أنني لا أوافقه في التعدي على المعتقدات بهذه الطريقة ولكن الأكيد أن اختلافي معه لا يعني التفكير في قتله. - هل ترى كرسام كاريكاتور أن ذلك يدخل في حرية التعبير؟ لا يدخل في حرية التعبير في نظري، وإنما في الاستفزاز وفي التعدي على معتقدات الآخر، ولكن أعود لأشدد على أن التعامل مع من يستفزنا لا يجب أن يكون بلغة السلاح أو الدم، ومن غير المقبول أن يستخدم الإنسان أيضا الديانة كسلاح وذريعة لقتل الآخر، لست مع ما تقدمه "شارلي إيبدو" كمادة ضاربة للمعتقدات كما أنني ضد العملية الهمجية البربرية التي راح ضحيتها 12 شخصا. فكم من شخص مات باسم الإسلام؟، كم من شخص أباح لنفسه قتل النفس باسم الإسلام؟، الكل يحاول تبرير ما قام به منفذا العملية على أساس أنهما انتقاما للرسول الكريم، والحقيقة والواقع غير ذلك تماما فهذا رسخ "الإسلاموفوبيا" لدى الغرب. وأعود للحديث عما مرت به الجزائر من سنوات الجمر، والتي راح ضحيتها الآلاف باسم الدين والإسلام، والتطرف موجود في كل الأديان وليس فقط في ديننا، لذلك يجب أن نقف ضد التطرف مهما كان مصدره.