الجزء الثاني والأخير ستنطلق فعالياته بعد أيام قلائل من عام 2015 بمرجانة الشرق الجزائري، وبأجمل مدينة منظرا في العلم قسنطينة. تلك التظاهرة التي تهدف إلى تنشيط مختلف المبادرات الثقافية والحضارية والفكرية، وتعمل على دعم الإبداع وتوسيع مجالات الحوار العربي المشترك والانفتاح على حضارة وثقافة الأمم والشعوب الأخرى، من أجل تعميق ثقافة التعاون والتسامح، واحترام الخصوصيات الفكرية والمعرفية والإبداعية والتعريف بها، وجعل ذلك الحدث أو تلك التظاهرة الثقافية جسرا للتواصل بين العواصم، من أجل التنمية الثقافية وموسما سنويا تجتمع فيه الثقافات الإنسانية والتي على أثرها تضبط البرامج الفكرية والمعرفية، من أجل تفعيلها بين الأمم والشعوب وفق العناصر والأسس التي تتميز بها كل مدينة من مخزون أو رصيد أو موروث تراثي، كما يضاف إلى ذلك الرغبات الملحة من زعماء وقادة الدول العربية التي تزخر مدن بلدانهم بالتراث الحضاري العربي، لاحتضان التظاهرة المصطلح على تسميتها "العاصمة العربية للثقافة". من العواصم العربية إلى العواصم الإسلامية للثقافة 2005 2013 على غرار ما قامت به المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وما عرفته تظاهرات العواصم العربية للثقافة من نجاحات وأصداء عربية وعالمية سارعت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الأليسكو" بمبادرة ثقافية تهدف إلى إحداث عواصم للثقافة، في الدول العربية والإسلامية حددت بثلاث مناطق هي العالم العربي، وإفريقيا، وآسيا. بالإضافة إلى استضافة المؤتمر الإسلامي ودورة اجتماع وزراء الثقافة للدول الإسلامية، وفق ما تم الاتفاق عليه في عام 2001 بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي وفي الدورة الثالثة لوزراء الثقافة، التي انعقدت في قطر والتي اعتمدت فيها مختلف التوصيات والنتائج الصادرة عن الدورة الرابعة لوزراء الثقافة بالجزائر 2004 من أجل تعزيز العلاقات الثقافية والتعريف بالموروث الفكري والعمل على نشر ثقافة السلم والمصالحة والتسامح وحماية الإنسانية من المخاطر التي تهدد حضارتها وهو يتها، حيث حدد المؤتمر الإسلامي رزنامة شاملة لفعاليات عواصم الثقافة الإسلامية، انطلاقا من مكةالمكرمة عام 2005 طيلة عام كامل، محققة بذلك نجاحا كبيرا ضبط على إثره برنامج خاص بالمناطق الثلاث، فكانت (حلب أصفهان تمبكتو 2006) وهكذا توالت التظاهرات بعواصم الثقافة الإسلامية التي بلغت ما يقارب (20 تظاهرة) بمختلف المدن العربية والإسلامية وبالوطن العربي وإفريقيا وآسيا. كان للجزائر فيها الدور البارز في احتضان التظاهرة العالمية التي جرت فعاليتها طلية عام كامل في "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011. التظاهرات الثقافية الكبرى بالجزائر 2003 2015 لقد عرفت الجزائر خلال العشرية الأولى من الألفية الثالثة تظاهرات ثقافية كبرى أبزرت من خلالها المكانة المغاربية والعربية والإفريقية والإسلامية والمتوسطية باحتضانها فعليات ثقافية كونية متميزة، تعلقت بالتعريف والتعرف على الموروث الحضاري والثقافي والتاريخي لدى الرأي العام المحلى والإقليمي والدولي بعد مؤامرة السنين العجاف والعشرية المأساوية، التي أجهضها ووضع حدا لأخطارها قانون الوئام المدني (1307 1999) وميثاق المصالحة الوطنية (14 08 2005) وغيرها من المبادرات الأخرى التي ساعدت على استرجاع الجزائر عافيتها، متخذه من الثقافة وسيلة لتعميق السلم والأمن والمصالحة مع الذات والتاريخ وبتوطيد عري الترابط والتضامن المتجذر في المجتمع الجزائري وما جادت به الحضارة الإنسانية من مشاعر وقيم معرفية متنوعة المشارب، متعددة المصادر، جمعت في تلك المحطة التاريخية الكبرى. 1 المحطة الثقافية الجامعة (سنة الجزائربفرنسا) التي جرت مراسيم اقتاحها مع بداية عام 2003 بالعاصمة الفرنسية باريس. والرامية إلى التعريف بالثقافة الجزائرية الأصيلة،التي تعرضت للطمس والتشويه طيلبة الفترة الاستعمارية (1830 1962) والتي استغل الجيل الفرنسي الجديد غير المشع بالفكر العنصري، تلك التظاهرة الجزائرية الثقافية، في التعرف على الموروث الثقافي الجزائري والتعريف به على نطاق واسع داخل الساكنة الفرنسية والأوروبية، تحت شعار "التواؤم بدلا من سوء الفهم" مع شعوب المستعمرات حسب تعبير المحافظة العامة للتظاهرة، فرانسواز اللير. 2 أما التظاهرة الثقافية العربية التي تمثلت في "الجزائر العاصمة العربية للثقافة 2007" التي انطلقت فعالياتها يوم 11/01/2007 وهي الدورة الثانية عشرة للعواصم العربية الثقافية، فكانت مع حلول السنة الأمازيغية متفادية ذلك الجدل الثقافي العقيم المحتدم بين أيديولوجيات عقائدية ومذهبية حول الأيام المناسبة لمراسم التظاهرات العربية الثقافية المرتبطة برأس السنة الميلادية، المسيحية أو الأعياد الدينية الإسلامية، باعتبار بداية ذلك النشاط، مظلة رسمية ينشط تحتها العلمانيون والحداثيون حسب وزعم العديد من المجادلين، والذين حذا حذوهم آخرون حول تعريب "رأس العام" يناير الأمازيغي. 3 أما المحطة الثالثة فهي تظاهرة قارية انفردت بها الجزائر دون غيرها من دول العالم العربي والإسلامي والإفريقي والأوروبي جمعتها فعليات "المهرجان الإفريقي الثاني" الذي اقترنت نشاطاته مع عيد الاستقلال والشباب (5/07/2009) تحت شعار "عودة إفريقيا" أو"إفريقيا التجديد والنهضة" تعود فكرة المهرجان الإفريقي الذي انطلقت فعاليات ظهوره في الطبعة الأولي بالجزائر عام (21/07/1969) بمناسبة انعقاد ندوة رؤساء الدول الإفريقية التي تمت من خلالها عملية المصالحة الإفريقية العربية، والتي كانت فيها الجزائر محطة لتقارب وجهات النظر بين الزعماء والرؤساء الأفارقة والقادة العرب، في لقائهم الأول بالجزائر، ذلك الاجتماع الذي أخذت أثناءه القضية الفلسطينية بعدا إفريقيا، ساندت فيه العديد من الدول الإفريقية القضية الفلسطينية. المهرجان الإفريقي الأول الذي أسس له الدكتور الحقوقي السياسي المتمرس المثقف المرحوم محمد الصديق بن يحيى (1932 1982) الذي تولى مسؤولية وزارة الثقافة والإعلام (1967 1970) في حين أن المهرجان الإفريقي الثقافي الثاني جاء بناء على اقتراح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في اجتماع رؤساء الدول الافريقية المنعقد في الخرطوم (السودان) عام 2005، الذي صادق عليه الحاضرون بالاجتماع، بتشريف الجزائر على تنظيم الطبعة الثانية للمهرجان الإفريقي الثقافي الثاني بعد أربيعين سنة (40) شاركت فيه جميع الدول الإفريقية (48/53) إلى جانب الولاياتالمتحدةالأمريكيةفرنسا البراريل من (5 إلى 20/07/2009) أبرزت من خلاله وفود الدول المشاركة مختلف الطبوع الثقافية والفكرية والفنون المادية وغير المادية تمثلت في نشر الدراسات والبحوث، والترجمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للقارة السمراء، خاصة المراحل التاريخية وكفاح شعوبها وثوراتها المسلحة من أجل استرجاع السيادة والحرية والاستقلال. المهرجان الإفريقي الثاني الذي تميز بالتحرر الفكري والإبداع الفني والحضاري للفنون الشعبية العتيدة الإفريقية. 4 المحطة الرابعة هي محطة عالمية إسلامية جمعت في "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011" التظاهرة العالمية التي أشرف على افتتاحها السيد/ رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، يوم (16 أفريل 2011) بمناسبة ذكرى يوم العلم واليوم العالمي للمعالم الأثرية بحضور شخصيات سياسية ودبلوماسية ووزراء الدول الإسلامية ورجالات الفكروالثقافة، ذات المكانة العالمية وبمشاركة 41 دولة، وبحضور ممثلي الدول الإسلامية وغير الإسلامية (الولاياتالمتحدةالأمريكيةفرنسا إسبانيا البرتغالالبرازيل..) وبتواجد الباحثين والمفكرين والدراسين للفكر والتراث الإسلامي، تلك المحطات الثقافية العالمية والإقليمية والمحلية وما ترتب عنها من إنجاز العديد من المنشآت والفضاءات الثقافية والمعالم التراثية المادية وغير المادية والتي تدخل في إطار حرص السيد رئيس الجمهورية وما يوليه من مكونات للشخصية، وحماية للهوية والثوابت الوطنية. وما العاصمة النوميدية التي أمر رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء (26/12/2012) و(30/12/2014) أعضاء الجهاز التنفيذي، بالاعتماد على وزارة الثقافة، ودعمها من أجل احتضان التظاهرة العربية المصطلح على تسميتها "قسنطينة" العاصمة العربية للثقافة 2015، إلا لبنة ثانية سيتم من خلالها إنجاز قصر للثقافة قصر للمعارض وقاعة كبرى (3000 مقعد) ومكتبة مركزية شاملة ومتحف للشخصيات التاريخية لكبري و6 دور للثقافة بدوائر الولاية، وغيرها من المشاريع الثقافية الهامة التي ستساعد على إخراج الموروث الفكري والثقافي والمخزون المادي وغير المادي الذي تكتنزه عاصمة العلم والعلماء. وما تزخر به من معالم بونية، نوميدية، رومانية، و ندالية، بيزنطية، وعربية إسلامية والتعريف بها وتثمينها وحمايتها بالمتاحف الموضعية والمتخصصة، وتأهيل وترميم ما أفسد الدهر والكوارث والمؤثرات الطبيعية، وما طالته الأيادى البشرية والحروب والمقاومات الشعبية وكل ما عرفته أو مرت عليه مدينة الربوة الصخرية "قرطا" التاريخ والحضارة والفنون الشعبية والصناعات النحاسية والحرف التقليدية والعبقريات الأندلسية التي عرفتها قرطا ملتقى الحضارات، ومرجانة شمال إفريقيا، قسنطنية عاصمة الثقافة العربي 2015.