بعيد انطلاقها بساعات قليلة، تفاجأ مشاهدو قناة العرب بوقف بثها بشكل مفاجئ، بعد أن كانت أعلنت عن موعد بثها قبله بفترة طويلة، الأمر الذي أثار دهشة الجمهور، ومعه مراقبون وخبراء إعلاميون طرحوا تساؤلات حول حقيقة الإيقاف المفاجئ لبث القناة الوليدة. من جانبها قالت هيئة شؤون الإعلام في البحرين، في بيان لها، إن سبب إغلاقها القناة، هو أن القناة "لم تحصل على التراخيص اللازمة". وبعد أسبوع من تعليق القناة لبثها لأسباب قالت إنها "فنية وإدارية"، أعلنت القناة إغلاقها رسميًا. ومن جانبنا، نحاول هنا، الإجابة على هذه التساؤلات، ب3 أسباب محتمل أن تكون السر وراء إغلاق القناة. البحرين لا ترحب بمعارضيها على شاشات التلفاز بحسب ما تداولته عدد من وسائل الإعلام، فضلًا عن مراقبين، فإن مزاعم البحرين بأن إغلاقها للقناة بسبب عدم إصدارها التصاريح اللازمة، لا أساس لها من الصحة، مشيرة إلى أن السبب وراء إيقاف البث، يأتي على خلفية استضافة القناة، للمعارض البحريني، خليل مرزوق، القيادي في جمعية الوفاق البحرينية المعارضة. وكانت القناة، استضافت "مرزوق" في أولى ساعات بثها، لينتقد قرار السلطات البحرينية، سحب جنسية 72 شخصًا. من جانبه، قال خليل مرزوق، في تصريحات صحفية، إن وقف بث قناة العرب، لا علاقة له بظهوره لأقل من 3 دقائق عبر شاشتها، وإنما هو راجع "لانعدام مساحة حرية التعبير عن الرأي الآخر في البحرين"، بحسب قوله. ونقلًا عن موقع جريدة العربي الجديد، فإن المنامة كانت طلبت من إدارة القناة، تعهدات لإعادة البث، من بينها، ألا يتم تناول البحرين في القناة إلا بإذن مكتوب، وأن يأخذ كل ضيف بحريني تصريحًا مكتوبًا قبل ظهوره الإعلامي، الأمر الذي لم تقبله إدارة القناة، الطامحة لمنافسة كبريات القنوات الإخبارية على الساحة الإعلامية العربية. بدوره، أرسل فهد السكيت، رئيس مجلس إدارة القناة، رسالة إلى وزير شؤون الإعلام البحريني، ردًا على تلك الشروط، قال فيها: "تكبلنا كقناة إخبارية مستقلة غير حكومية، وتحد من قدرتنا على منافسة القنوات الإخبارية الأخرى"، مضيفًا: "وحيث إن هذه الشروط تتنافى مع العقد المحكم الذي أبرمناه مع وزارتكم.. يؤسفني إبلاغكم عدم إمكانية قبول هذه التعديلات على اتفاقنا المسبق"، وذلك بحسب العربي الجديد. مدير القناة "إسلامي الهوى" من جهة أخرى، يرى مراقبون أن واحدًا من أسباب إغلاق القناة، أن مديرها هو الكاتب الصحفي السعودي، جمال الخاشقجي، الذي يعرف بميوله نحو سياسات الإصلاح التي كان قد نادى بها عدد من العلماء والمثقفين السعوديين، ينتمي أغلبهم إلى خلفيات متأثرة بالجماعات الإسلامية، وبخاصة جماعة الإخوان. جمال الخاشقجي، ورغم قربه من دوائر صناعة القرار السعودي، وعمله معها، إذ كان مستشارًا إعلاميًا للأمير تركي الفيصل، إلا أن خلفيته المهنية، كعمله في قناة الجزيرة الإخبارية، فضلًا عن أنه من الصحفيين القلائل العرب الذي أجروا مقابلات صحفية مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، بالإضافة إلى مواقفه التي يرى البعض أنها مخالفة للتوجه الوهابي الرسمي للدولة السعودية، ومن بينها نشر جريدة الوطن السعودية، إبان توليه رئاسة تحريرها، مقالة تتعرض للفكر السلفي، فضلًا عن تعاطفه مع بعض المطالب الشعبية الناجمة عن الربيع العربي؛ كل هذا جعل البعض يصنفه باعتباره على غير هوى مؤسسة الحكم السعودية، وعلى اعتبار العلاقات شديدة الوطادة التي تجمع البحرين بالسعودية. الوليد بن طلال.. المغضوب عليه ابن المغضوب عليه الاحتمال الثالث المطروح كسبب وراء إغلاق القناة، هو مالك القناة، الوليد بن طلال، وما قيل من عدم مبايعته لولي ولي العهد السعودي الحالي، الأمير محمد بن نايف، الذي عين في المنصب بعد وفاة الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز، من قبل الملك الحالي، سلمان بن عبدالعزيز. وكان الوليد، نشر تغريدة عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر"، قال فيها: "بايعت والدي سلمان بن عبدالعزيز ملكًا، وبايعت والدي مقرن بن عبدالعزيز وليًا للعهد، وهنأت أخي الأمير محمد بن نايف". وحيث أنه قرن موقفه من محمد بن نايف بالتهنئة وليس المبايعة، كما فعل مع سابقيه، فإن البعض رأى في ذلك رفضه مبايعة بن نايف وليًا لولي العهد، الأمر الذي أغضب السعودية على الوليد وأغلق قناته، بحسب ما يرى معلقون. وفي هذا الصدد، نذكر بالموقف التاريخي لوالد الوليد، الأمير طلال بن عبدالعزيز، الذي أسس وقاد حركة الأمراء الأحرار، في فترة الخلاف بين أخويه: سعود بن عبدالعزيز وفيصل بن عبدالعزيز، والتي طالبت بإنشاء حكم دستوري برلماني، وفصل الأسرة المالكة عن الحكم، الأمر الذي دعاه لمغادرة بلاده نحو مصر، إذ استضافه جمال عبدالناصر، قبل أن يعود للبلاد مرة أخرى في عهد أخيه الملك فيصل. وفي 2011، أعلن الأمير طلال استقالته من هيئة البيعة (هيئة تتكون من أبناء وأحفاد عبدالعزيز آل سعود معنية باختيار الملك وولي العهد)، وأخيرًا وبعد وفاة الأمير نايف، وتعيين الملك عبدالله الأمير سلمان وليًا للعهد، قال طلال إن الهيئة لم تجتمع للتشاور حول هذا التعيين، كما كرر دعوته بتحول الملكيات العربية إلى دستورية برلمانية، مصرحًا بتوقعه أن تنهار السعودية كما انهار الاتحاد السوفيتي.