صادق أخيرا مجلس الوزراء، أول أمس، على مشروع قانون البلدية الذي كان حبيس الأدراج منذ ما يقارب العشر سنوات بعد أن جرى إعداده في عهد الوزير السابق للداخلية والجماعات المحلية نور الدين يزيد زرهوني، نائب رئيس الوزارء حاليا، على خلفية رفض السلطة تعديله وإبقاءه على الصيغة التي عدل عليها سنوات التسعينات مقابل مناداة أحزاب سياسية في تلك الفترة بضرورة تعديله ومنح صلاحيات أكثر للمنتخبين المحليين . لكن الأمر ذاته أثار استغراب الملاحظين بسب إغفال إدراج قانون الولاية في جدول أعمال اجتماع مجلس الوزراء الأخير على اعتبار أن الحديث عن تعديل قانون البلدية عادة ما يصاحبه حديث عن قانون الولايات كون أن إطارهما الوظيفي يتداخل في كثير من الصلاحيات. وقد تضمن القانون الجديد المقرر مناقشته تحت قبة البرلمان شهر نوفمبر المقبل، من قبل ممثلي الشعب، مسألة الصلاحيات التي لا تزال تحت قبضة الإدارة، وكذا قضية تعيين مراقبين ماليين لمراقبة وضبط التسيير المالي للبلديات وهو الإجراء الذي سيتم تعميمه سنة .2012 وأفاد بيان مجلس الوزراء الذي تضمن بالتفصيل قانون البلدية الجديد المعدل تعزيز مراجعة التشريع المتعلق بالمالية المحلية مستقبلا الدور الاقتصادي للجماعات المحلية بما فيه مجال ترقية الاستثمار بعد أن أقرت الدولة مسح ديون البلديات من أجل تحقيق التنمية المحلية. وأكد القانون الجديد على ضرورة ضبط وتوضيح صلاحيات المجلس الشعبي البلدي وعلاقته بالإدارة الخاضعة لسلطة الوالي. ويظهر من خلال التعديل الجديد أن قضية تسيير المجالس المنتخبة أضحت بالدرجة الأولى من صلاحيات الوالي باعتباره ممثل الحكومة مما يسفر عن أن البلدية حاليا باتت تسير مباشرة من قبل الحكومة رغم أن القانون الجديد يقر دعم صلاحيات المجلس الشعبي البلدي ووضعية رئيسه. ولحل المشاكل والنزاعات الحزبية داخل المجالس المنتخبة أقرت الحكومة ''تعزيز إجراءات تسوية النزاعات المحتملة بين المجلس المنتخب والإدارة المحلية باللجوء إلى المحاكم الإدارية عند الاقتضاء''، مع تأمين استمرارية الخدمة العمومية بتعزيز استقرار المجالس الشعبية البلدية عن طريق توضيح أوفى للقواعد الواجب تطبيقها لانتخاب رؤسائها. وينص المشروع على قواعد شفافة كفيلة بإتاحة تجاوز حالات الانسداد التي يحتمل وقوعها أثناء التسيير عن طريق ''وقاية الإدارة البلدية الخاضعة لسلطة رئيس المجلس من أي نزاع ناجم عن تضارب المصالح الحزبية بما في ذلك النزاعات بين الأغلبيات المتعاقبة'' والتأكيد على ''تعزيز تفرغ المنتخب للعضوية في المجلس الشعبي البلدي من خلال الحفاظ على مساره المهني''، حيث تضمن المشروع إجراءات عقابية ضد الذين يتجاهلون القيام بالمهام المنوطة بهم، وبهدف وضع حد للممارسات السيئة التي دأب عليها بعض رؤساء المجالس المحلية بالغياب عن مناصبهم دون مبرر ولفترات طويلة، فإن المادة 90 من المشروع أكدت بوضوح أن ''رئيس البلدية يتفرغ بصفة دائمة لعهدته'' أي لمهمته بعكس المادة المماثلة في القانون السابق التي تتسم بالعمومية، إذ تشير فقط إلى أنه ''يتفرغ رئيس المجلس الشعبي البلدي لمهامه الانتخابية'' أي مثله مثل أي منتخب آخر .