تُوّج اجتماع الجزائر الأول من نوعه لمسؤولي مصالح المخابرات لدول منطقة الساحل الإفريقي بما فيها الجزائر، المعنية مباشرة بتهديدات الجماعات الإرهابية وأصناف الجريمة المنظمة المرتبطة فيما بينها، بوضع حيّز العمل لآلية فعالة في مكافحة الإرهاب وجميع شبكات الإجرام المنظم التي تنشط بالتنسيق مع الجماعات الإرهابية بدول منطقة الساحل المحاذية للحدود الجنوبية الشرقية والجنوبية للجزائر، التي تُشكل تهديدا على الأمن القومي لهذه البلدان. وفي سياق متصل، وبخصوص الانتقادات التي أثارها الاجتماع الأخير من طرف بعض ''المغالطين'' لعدم إشراك دول أخرى في هذه الإستراتيجية على غرار المملكة المغربية، التي عبّرت عن موقفها هذا رسميا من خلال وزيرها للإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية خالد الناصري، فإن الجزائر ولعدة اعتبارات موضوعية ترى أن ''المغرب ليس معنيا بهذه الإستراتيجية، وذلك لأنه سبق وأن اختار حلفاءه في مكافحة الإرهاب، عندما اقترب من الاتحاد الأوروبي وحلف ''الناتو'' للتحالف ضد الإرهاب، مما يعني أنه اختار نهج التدخل الأجنبي عند الحاجة إلى ذلك، وهو الموقف الذي يتعارض مع موقف دول منطقة الساحل التي تعتبر الجزائر عضوا فيها رافضة أي تدخل أجنبي، ناهيك عن ذلك أن المغرب ليس عضوا في الاتحاد الإفريقي وجغرافيا لا تربطه أية حدود مع دول المنطقة، وهو ما يجعله غير معني بهذه الإستراتيجية المشتركة، ورغم أن المغرب عبر وسائله للإعلام يبقى يتهم الجزائر ''بإقصائه من المبادرة بسبب قضية الصحراء الغربية''، إلا أن الجزائر ''شدّدت وأكدّت أن هذا الملف لا علاقة له بالقضية الصحراوية، بل هو مسألة اعتبارات وعوامل موضوعية. وكشفت مصادر مطلعة ل ''البلاد''، أن الآلية الجديدة أُطلق عليها اسم ''اتحاد التكتل أو الاندماج والاتصال''، تمخضت عن الاجتماع ''التقني'' لمسوؤلي المخابرات لدول المنطقة في ظل تنامي تهديدات الجماعات الإرهابية، وهو اجتماع ''مُكمّل'' للقاء تمنراست المنعقد قبله بثلاثة أيام لمجلس رؤساء أركان البلدان الأعضاء في لجنة الأركان العملياتية المشتركة لأربع دول هي الجزائر، موريتانيا، مالي والنيجر، من أجل بحث آليات ''فعالة'' وميدانية لتنسيق الجهود قصد التصدي لظاهرة الإرهاب في المنطقة وأشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود في هذه الدول، ويتكفل هذا الاتحاد الذي هو عبارة عن مركز أو خلية اتُفق على أن يكون مركزه الجزائر، بدراسة وجمع كل المعلومات وتبادلها عن نشاط الجماعات الإرهابية، التهريب والمخدرات والهجرة غير الشرعية والأسلحة وغيرها، وتحليلها ووضع خطط عمل ميدانية وفقها. وأضافت مصادرنا، أنه عكس ما تناقلته وسائل الإعلام حول عدد الدول التي حضرت اجتماع مسؤولي المخابرات (أربع دول فقط)، فإن هذا الأخير عرف مشاركة سبع دول إفريقية تشكل الوعاء الجغرافي لمنطقة الساحل الإفريقي، وهي كل من الجزائر التي تربط صحراؤها الشاسعة حدودا إقليمية واسعة مع كل من دولتي مالي والنيجر بأقصى الجنوب الشرقي والغربي، هاتين الأخيرتين تشهدان تزايدا وتناميا للعمليات الإجرامية التي تقودها الجماعات الإرهابية في المنطقة وتمثل تحديا وتهديدا لكل الدول المجاورة، إضافة كل من ليبيا وموريتانيا المتاخمة للحدود الجزائرية وبوركينافاسو على الحدود مع مالي، ومنه أن هذه الدول يفصل فيما بينها شريط حدودي صحراوي يمتّد على آلاف الكيلومترات، يعتبر من الصعب التحكم فيها ومراقبة جميع هذه النقاط الحدودية، وهو ما استغلته الجماعات المسلحة تحت لواء ما يسمى ''تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي''.