تحريات حول بث "دروس وخطب تحريضية" في منتديات جهادية تحقق مصالح الأمن بالجزائر العاصمة وبومرداس مع 19 شابا تم اعتقالهم بشبهة الانخراط في "تجنيد" جهاديين عبر حلقات دينية "سرية" أقيمت على مستوى ثلاثة مساجد. وتحصلت فرق التحقيق على نسخ من أشرطة فيديو تم تصويرها في مساجد العاصمة وبثت على مواقع إلكترونية ومنتديات جهادية مقربة من التنظيمين الإرهابيين "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" و«الدولة الإسلامية في العراق والشام". وشملت التحريات الأولية استجواب القائمين على تلك "الخطب التحريضية" ومن حضرها من أتباع التيار السلفي وكيفية استغلال "الثغرات " لتنظيمها بعيدا عن أعين المراقبة الإدارية والأمنية. وتشير تسريبات إلى أن من بين المعنيين بالتحقيق إرهابيون تائبون ونشطاء سابقون في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة وشبان تتراوح أعمارهم بين 23 و38 سنة ينحدرون من باش جراح وبن عكنون وبوروبة وبراقي وعين بنيان في العاصمة وكذا من بودواو والثنية ويسر في بومرداس. وتتخوف مصالح الأمن من وجود خلايا نائمة لتجنيد إرهابيين باستغلال المحيط المسجدي من طرف تنظيمات تكفيرية وإرهابية .وعلمت "البلاد" أن وزارة الداخلية والجماعات المحلية بالتنسيق مع وزارة الشؤون الدينية، تدرس حاليا إعداد مخطط لتشديد القبضة الأمنية على المساجد والمدارس القرأنية التي تبين أن بعضها يحتضن حلقات دينية بانتظام دون رخصة مسبقة من الوصاية. وتلقت الجهات المعنية مقترحات بإغلاق المساجد التي لا يوجد بها أئمة مسؤولين، لمنع أي أنشطة دينية لا تكون تحت مراقبة السلطات العمومية، والتي ترى المصالح الأمنية أنه يمكن أن يستغلها متطرفون. وكانت السلطات الجزائريّة قد استرجعت منذ العقد الماضي سيطرتها على المساجد بشكل كامل، وقررت إغلاقها بعد الصلاة، ومنع أي إمام من الخطابة، ما لم تكن لديه رخصة من وزارة الشؤون الدينيّة والهيئات الرسميّة التابعة لها. كما منعت الحلقات والدروس في المساجد إلا برخصة من الإمام المكلف بإدارة وتسيير المسجد، وكذلك منعت جمع الأموال لصالح الجمعيات الخيريّة وبناء المساجد إلا برخصة حكوميّة أيضاً. ولم تمنع هذه الإجراءات بعض المجموعات المحسوبة على السلفية الجهادية من تحدّي السلطات، إذ يقدّم نشطاء في بعض مساجد العاصمة كل يوم جمعة بعد الصلاة، دروسا وخطبا دينية غالبا ما تحاكي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في البلاد، كما أنّها لم تردع بعض الأئمة المحسوبين على التيار السلفي، من التعبير عن مواقفهم الخارجة عن السياقات التي ترسمها السلطات. وكانت أجهزة الأمن قد بدأت في وقت مبكر للغاية ملاحقة شبكات تجنيد المقاتلين الراغبين في الالتحاق بسورياوالعراق، ويرجع خبراء أمن سبب تراجع عدد الجزائريين الموجودين ضمن جماعات تنظيم داعش في العراقوسوريا وجبهة النصرة في سوريا إلى الجهد الكبير للأجهزة الأمنية الجزائرية في مجال ملاحقة شبكات تجنيد المقاتلين. وقال مصدر أمني عليم إن الأسلاك الأمنية المختلفة عملت على تعقّب شبكات تجنيد الجهاديين للقتال في سورياوالعراق على 3 مستويات، الأول هو مراقبة عدد كبير من الأشخاص محل الشبهة المنتمين للتيار الجهادي، والثاني متصل بمراقبة النشاط الدعوي للتيار نفسه على شبكة الإنترنت، والعنصر الثالث يخص تكثيف التنسيق الأمني مع عدد من الدول العربية والغربية في إطار الاتفاقيات الأمنية بين الجزائر وهذه الدول.