أعادت الانتقادات التي أطلقها الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، لحكومة الوزير الأول عبد المالك سلال، الجدل حول "الخطاب الاقتصادي في الجزائر"، فمنذ انهيار أسعار أسعار النفط "جوان 2014" احتارت الحكومة بما تخاطب به الشعب، فمن جهة تنتقد سياسة التهويل مما هو قادم جراء انهيار أسعار برميل النفط، ومن جهة اخرى تدعو لشد الحزام عبر سياساتها التي تفضل تسميتها "ترشيد النفقات" عوض "التقشف"، هذا المصطلح الاقتصادي الذي لم يرق للوزير الأول عبد المالك سلال كثيرا منذ أن بدأت الصحافة تتداوله في عناوين عريضة على شكل واسع إثر تعليمة له في ديسمبر 2014، لكن الصحافة في الجزائر ليست الوحيدة التي تستخدم مصطلح التقشف، فالرئيس عبد العزيز بوتفليقة نفسه استخدم هذا المصطلح في رسالته بمناسبة ذكرى تأميم المحروقات في 24 فيفري، حيث أقر أن " التقشف وحده ليس حلا"، ولعل رفض سلال تسمية الأمور بمسمياتها والجهر علانية أن الحكومة بسياستها لتقليص النفقات تمارس في حقيقة الأمر "تقشفا واضحا"، هو ما دفع صاحب "ليس على الشعب أن يأكل الياوورت"، أن يتدخل هذه المرة ويقول صراحة إن خطاب حكومة "سلال" "شعبوي " ولا يمت للحقيقة بصلة ولا يمكن لها بحال من الأحوال أن تبعد شبح الوضح الاقتصادي المتردي الذي تعيشه البلاد. وعرف عن أويحيى صراحته حينما يتعلق الأمر بالاقتصاد الوطني وهو من طبق توصيات صندوق النقد الدولي في تسعينيات القرن الماضي بحذافيرها، محيلا مئات الشركات الوطنية على حافة الإفلاس متجاهلا التراكمات الاجتماعية لسياسته الاقتصادية. والحقيقة أن الخطاب الاقتصادي في الجزائر لطالما ارتبط بالظروف السياسية بشكل وثيق. وتتهم المعارضة وجزء من الإعلام، وزراء في الحكومة، باستغلال منابرهم للترويج لسياسة النظام الحاكم عبر التمادي في توزيع الوعود وتضخيم أرقام المشاريع المحققة، دون أن يأتوا على ذكر الخسائر والأموال الضائعة والمشاريع المتأخرة، فالوزير الأول عبد المالك سلال استبق حملته للمترشح عبد العزيز بوتفليقة بجولة حول الولايات، وعد فيها كل منطقة زارها بمشاريع إضافية لتحقيق التنمية، حتى أنه وعد على سبيل المزاح بتحويل ولاية معسكر إلى "كاليفورنيا"، لكن الملاحظ أنه وبعد نجاح الحملة التي قادها وانخفاض أسعار النفط، عاد سلال ليلغي جميع المشاريع الجديدة التي لم تنطلق ويجمد كل مسابقات الوظيف العمومي، ما عدا قطاعات معينة، وهو انقلاب ب 180 درجة لم يجد له البعض تفسيرا سوى أن الظرف السياسي ملائم لممارسة "التقشف"، بما أن المواعيد الانتخابية مرت بردا وسلاما.