أعلن رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد عقب الهجوم الإرهابي الذي وقع في أحد نزل مدينة سوسة عن جملة من الإجراءات من بينها غلق المساجد الخارجة عن القانون، والشروع في اتخاذ إجراءات قانونية ضد الأحزاب والجمعيات المخالفة، وإعادة النظر في المرسوم المنظم للجمعيات، ووضع مخطط استثنائي لتأمين المناطق السياحية والمواقع الأثرية. وأثار قرار غلق المساجد الخارجة عن السيطرة جدلاً بين رافض للقرار باعتباره رجوعاً إلى عهد الدكتاتورية وبين مرحب بالقول إن القرار يشكل خطوة هامة لمحاربة الفكر المتطرف. وأكدت وزارة الشؤون الدينية في بلاغ لها حرصها على ممارسة الشعائر الدينية بتونس بكلّ حرية ودون قيود على أن يتمّ ذلك في إطار القانون. كما بينت أن "غلق بعض الجوامع هو إجراء وقتي لجأت إليه الدولة بعد استنفاذ جميع المحاولات البديلة"، مؤكدة "أنّ إجراء الغلق ليس نهائياً باعتبار أن فتح الجامع يتم بمجرد توفّر الشروط القانونية فيه". ودعت الوزارة في البلاغ إطاراتها المسجدية إلى "عدم القيام بأي نشاط حزبي أو نقابي تحت غطاء ديني داخل المساجد والجوامع، ما يثير الفتنة ويحيد بها عن دورها الأساسي وأهدافها"، كما طالبتهم "ببث روح التآخي والتسامح وقيم ومبادئ ديننا الحنيف والتصدي لكل دعوات التكفير والتحريض على الكراهية التي لم نعهدها ببلادنا". كما تذكّر الوزارة بأنّ القوانين المعمول بها "تمنع القيام بأي نشاط بالمساجد والجوامع من قبل أشخاص من غير الكوادر المسجدية المكلّفة بصفة قانونية، وتشير إلى أنّ الاضطلاع بأي خطة مسجدية دون تكليف قانوني يمثل جريمة يعاقب عليها القانون". وعلَّق رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي لقناة عربية على قرار الحكومة بغلق ثمانين مسجداً خارجاً عن سيطرة الدولة، بأن "كل الإجراءات التي تتخذ من موقع مهني وبعيد عن التوظيف السياسي، لا نملك إلا أن نقف معها، ونحن مع تطبيق القانون دون تمييز، على الجميع. وهنا لابد من تطبيق القانون بمجرد كشف وجود خروقات وتجاوزات، وليس انتظار الكوارث والمصائب لتطبيقه". أما الصحافي بقناة الزيتونة ذات التوجه الإسلامي أمان الله المنصوري فقد اعتبر في تصريح ل"العربي الجديد" أن "اتخاذ القرارات قبل الانتهاء من التحقيق في حادثة سوسة الإرهابية جاءت متسرعة"، مضيفاً "وُضعت الحكومة في شبهة محاربة الدين بعد إغلاق 80 مسجداً وإعفائها أئمة مساجد معروفين باعتدالهم، وتهديدها بسحب رخص لأحزاب ذات خلفية إسلامية، وتلويحها بمصادرة أجهزة بث وإنتاج لإذاعات وقنوات دينية وأخرى سياسية معارضة وعلى رأسها قناة الزيتونة". من ناحية أخرى، قال وزير الداخلية التونسي ناجم الغرسلي إن قوات الأمن والجيش قتلت معظم قادة كتيبة عقبة بن نافع، وتمكنت من القضاء تقريباً على المجموعة المسلحة عبر عملية أمنية بجبال عرباطة بمحافظة قفصة "جنوب البلاد" الجمعة الماضي. وأوضح الغرسلي -في مؤتمر صحفي عقده بثكنة العوينة للحرس الوطني بالعاصمة تونس- أن عملية قفصة مكنتهم من القضاء على قياديين في الصف الأول للكتيبة "التي تقف وراء العمليات الإرهابية بتونس والهجمات ضد الأمن والجيش"، مضيفًا "أنه تم التخلص من نسبة 90٪ من الكتيبة". وأضاف أن من بين الخمسة الذين قتلوا في العملية مراد الغرسلي المكنى بأبي البراء المتهم بصلاته بزعماء حرب بارزين في الجزائر ومالي، والذي خلف لقمان أبو صخر في قيادة التنظيم بعد مقتل الأخير في عملية أمنية مماثلة في مارس الماضي. وجاءت عملية قفصة الأمنية بعد نحو أسبوعين من الهجوم الذي نفذه مسلح على فندق سياحي بمحافظة سوسة "وسط شرقي تونس"، وأدى إلى مقتل 38 سائحا أغلبهم بريطانيون. وقال الوزير إن كتيبة عقبة بن نافع كانت تدبر لشنّ هجمات في تونس، وتجنيد تونسيين تمهيداً لإرسالهم للقتال في الخارج. وظهرت كتيبة عقبة بن نافع أول مرة في ديسمبر 2012، عندما عثرت الأجهزة الأمنية على خليّة وصفتها حينها بالإرهابية كانت تستعد لمهاجمة معسكر بالمنطقة الغربية للبلاد على الحدود الجزائرية. وأشار الوزير في المؤتمر إلى "أن حرب تونس على الإرهاب مستمرة"، داعيا كافة المواطنين إلى دعم أجهزة الشرطة والجيش والإبلاغ عن "أي تحركات أو مشتبه بهم لاجتثاث الإرهاب من جذوره".