أكد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني, السيد صلاح عبد العاطي, أن التدخل الدولي الإنساني العاجل في قطاع غزة لم يعد خيارا, بل أصبح ضرورة قانونية وأخلاقية لا تحتمل المزيد من التسويف أو المماطلة. وأشار في مذكرة إحاطة عاجلة وجهها إلى المجتمع الدولي وهيئات الأممالمتحدة إلى أن استمرار الحصار الخانق, وقطع المساعدات, ومنع الإمدادات الأساسية من الغذاء والماء والدواء والوقود عن أكثر من مليوني إنسان, يشكل جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان ترتكب على مرأى ومسمع من العالم. وأوضح عبد العاطي, أن الكارثة الإنسانية في غزة فاقت حدود الوصف, إذ يعيش السكان في ظروف مأساوية غير مسبوقة, تتفاقم يوما بعد يوم, وسط انهيار شامل في كافة القطاعات الحيوية, مضيفا أن المنظومة الصحية باتت غير قادرة على تقديم الحد الأدنى من الخدمات, بينما توقفت المخابز والأسواق ومعظم مصادر الإمداد الغذائي عن العمل بسبب شح الوقود وندرة المواد الأساسية. وشدد على أن الاحتلال الصهيوني لم يكتف بمنع الإمدادات, بل صعد من سياساته العقابية الجماعية ضد السكان, وقام بشكل متعمد بإغلاق جميع المعابر والمنافذ, ما أدى إلى محاصرة أكثر من مليون ونصف مواطن داخل مناطق صغيرة لا تتوفر فيها شروط الحياة. وفي هذا الصدد, أشار إلى أن الاحتلال لا يزال يرفض بشكل منهجي تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة, ويقيد عمل المنظمات الإغاثية, ما أدى إلى تفاقم معاناة السكان المدنيين الذين أصبحوا ضحايا لسياسات عدوانية تنتهك كل القوانين والمواثيق الدولية. وفي سياق متصل, نبه عبد العاطي في مذكرته إلى خطورة استهداف مؤسسات الإغاثة, وعلى رأسها وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا", التي تتعرض لحملة تشويه شرسة تهدف إلى تقويض دورها وشرعيتها, مما أدى إلى وقف تمويلها من قبل أكثر من 16 دولة, وهو ما انعكس سلبا على حياة أكثر من 1.7 مليون لاجئ فلسطيني يعتمدون على خدماتها الأساسية للبقاء. وقال في هذا السياق: "نحن نواجه تحديات غير مسبوقة تتطلب تضامنا دوليا عاجلا, كل دقيقة تمر تعني فقدان حياة جديدة بسبب الجوع أو انعدام الرعاية الصحية, حيث لم يعد هناك مجال للانتظار, وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك قبل أن يفقد ما تبقى من ضميره الإنساني". وأضاف: "هناك حاجة ملحة لأن تتحمل الدول والمؤسسات مسؤولياتها تجاه المدنيين في غزة, من خلال الضغط لفتح المعابر بشكل كامل ودائم واستئناف تمويل وكالة الأونروا, وتوفير الحماية للمنظمات الإنسانية العاملة على الأرض", مشيرا إلى أن غزة أصبحت سجنا كبيرا بلا ماء ولا دواء ولا طعام, وهذه ليست مجرد أزمة إنسانية, بل جريمة مستمرة, و إذا لم يتحرك العالم الآن, سيكون شريكا في الجريمة بصمته وتخاذله". وأكد ذات المتحدث أن الاحتلال لا يكتفي بعرقلة دخول المساعدات, بل يقوم بقصف مقرات المنظمات الإنسانية, وإصدار أوامر بإخلائها قسرا, في محاولة ممنهجة لدفع غزة نحو الانهيار الكامل, كما يفرض الاحتلال شروطا أمنية تعجيزية على أي عملية توزيع للمساعدات, مما يفرغ العمل الإنساني من مضمونه. وخلص عبد العاطي إلى أن استمرار هذا الوضع الكارثي يتطلب من المجتمع الدولي تحركا فوريا وفاعلا, يرتقي إلى مستوى التحديات والجرائم المرتكبة, داعيا إلى فتح ممرات إنسانية آمنة دون شروط, واستئناف تمويل وكالة الأونروا, ومحاسبة الكيان الصهيوني على جرائمه بحق المدنيين, مؤكدا أن إنقاذ غزة مسؤولية جماعية لا يمكن التنصل منها.