تستمر معاناة اللاجئين الفارين من جحيم الحروب والاقتتال، وتتعدد مآسيهم في رحلتهم الطويلة، فإن لم يهددهم الموت بحرا، فقد يكون مصيرهم الاختناق في شاحنات التهريب، وإن نجوا فإن تضييق السلطات عليهم يحوّل حياتهم إلى سجن كبير تحت سماء مفتوحة. وسط تعدد المآسي واختلافها، دعا المتحدث باسم منظمة الهجرة الدولية البلدان الأوروبية لأن تنقذ اللاجئين من سطوة المهربين وتفتح ممرات آمنة لهم، وسط إقرار رئيس البرلمان الأوروبي ب"إخفاق صارخ" لبعض الدول الأوروبية في استيعاب المهاجرين. وفي النمسا، أنقذت السلطات 26 لاجئا بينهم ثلاثة أطفال في حال حرجة، بعد العثور عليهم أمس داخل شاحنة كانت تقلهم في منطقة قرب الحدود مع ألمانيا. وقالت الشرطة إن اللاجئين قادمون من سوريا وأفغانستان وبنغلاديش، ويعاني معظمهم من الجفاف بسبب سوء التهوية وارتفاع درجة الحرارة داخل الشاحنة. وجاء هذا الحادث بعد اكتشاف رفات 71 لاجئا في شاحنة تركت على جانب طريق سريع بالنمسا يوم الخميس لتتكشف أبعاد مأساة لاجئين يفرون من الصراعات والفقر في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط إلى أوروبا بأعداد غير مسبوقة. وتقدر المنظمة الدولية للهجرة بأن نحو ثلاثمئة ألف شخص عبروا البحر المتوسط هذا العام حتى الآن منطلقين من ليبيا وتركيا ودول أخرى نحو أوروبا. وغرق المئات في قوارب لم تكمل الرحلة، لكن الوفيات على البر خلال الفترة الأخيرة كشفت عن جانب مأساوي آخر من الابتزاز الذي تمارسه عصابات تهريب البشر. وعلى صعيد متصل، قالت السلطات المجرية إن أربعة أشخاص يُشتبه في مسؤوليتهم عن وفاة 71 لاجئا سوريا داخل شاحنة في النمسا قد مثلوا أمام القضاء ضمن التحقيقات في الحادث. كما اعتقلت الشرطة أربعة رومانيين للاشتباه في تورطهم في تهريب 21 لاجئا داخل سيارة نقل قرب الحدود المجرية الصربية. ومن جهته، قال مسؤول أمني ليبي إن السلطات الليبية اعتقلت ثلاثة أشخاص للاشتباه في اشتراكهم في إبحار قارب مكتظ باللاجئين غرق قبالة ساحل ليبيا على البحر المتوسط مما أدى إلى غرق ما يصل إلى مئتي شخص وانقلب القارب الذي كان على متنه نحو أربعمئة لاجئ أفريقي وسوري وآسيوي يوم الخميس الماضي بعد إبحاره من بلدة زوارة القريبة من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.