تخوض قوات الجيش الوطني الشعبي معركة مفتوحة تتجدد بشكل يومي ضد بارونات التهريب. وتعكس الترسانة الأمنية والعسكرية المسخّرة لإحباط تهريب المواد الغذائية والوقود مخاوف السلطات من العلاقة المتشعبة بين شبكات التهريب ومجموعات إرهابية تتمركز خلف الحدود وتتحرك بحثا عن منافذ تسلسل في عمق الصحراء بعيدا عن مناظير الجيش. ولم تعد مهمة القوات العسكرية الموجودة على الحدود مع ليبيا ومالي والنيجر تتعلق فقط بمنع تسلل "الإرهابيين"، فقد أصبحت تخوض أيضًا حربًا يومية ضد مهربي الوقود والمؤونة الغذائية والسلاح، حيث يتم أيضا تحويل أسلحة فردية من ليبيا لبيعها في الجزائر، مثلما كشفته التحقيقات مع الموقوفين. وتشير تحقيقات أجهزة الأمن الجزائرية إلى أن الجزائر باتت سوقا رائجة لهذه النوعية من الأسلحة، حيث يزداد الطلب على الأسلحة الفردية من طرف أشخاص ينشطون في مجال التهريب وكذا تنامي ملحوظ لشبكات تهريب الوقود التي ثبت أن لها علاقات مشبوهة مع عناصر إرهابية خارج الحدود الجزائرية. وحملت بيانات وزارة الدفاع الجزائرية التي تصل تباعا ل«البلاد" خلال الشهرين الماضيين، تفاصيل عمليات عسكرية نوعية شنها الجيش ضد مهربي الوقود والأسلحة والمواد الغذائية وأجهزة الاتصال ومعدات الكشف عن المعادن على الحدود الجنوبية للبلاد. ونفذ الجيش، حسب بيانات الوزارة خلال هذه الفترة 3 7 عملية عسكرية استهدفت المهربين بكل أنواعهم من وإلى الجزائر على الحدود مع دول مالي والنيجر وليبيا وأسفرت عن توقيف نحو 500 شخص من جنسيات إفريقية متعددة. وأوضح أمس بيان لوزارة الدفاع تحوز "البلاد" على نسخة منه أنه و«في إطار تأمين الحدود ومحاربة الجريمة المنظمة، أوقفت مفرزة للجيش الوطني الشعبي تابعة للقطاع العملياتي لتمنراست بإقليم الناحية العسكرية السادسة يوم أمس الأول خلال دورية بحث وتفتيش سبعة مهربين وضبطت عربتين رباعيتي الدفع و17 جهاز كشف عن المعادن وهواتف نقالة". وتتشابه بيانات وزارة الدفاع الوطني في موضوع حجز كميات كبيرة من المواد الغذائية وأجهزة الاتصال والوقود والمخدرات على الحدود الجنوبية للجزائر فيما يظهر وكأنها حرب غير معلنة يشنها الجيش الجزائري ضد شبكات التهريب التي "تجند" حسب حصائل وزارة الدفاع أشخاص من جنسيات مختلفة. وكثّف الجيش الوطني الشعبي خلال الأشهر الماضية تواجده في المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية على وجه الخصوص تزامنا وتدهور الوضع الأمني في كل من مالي وليبيا وتونس لمراقبة الحدود مع هذه الدول، في إطار مخطط لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة والتهريب والهجرة غير الشرعية وتجارة المخدرات. وساهم الوضع الأمني المتأزم في ليبيا ومالي، وبشكل أقل في تونس، في انتشار تهريب الأسلحة بشكل كبير في منطقة الصحراء، مما دفع بالقوات المسلحة إلى تنفيذ عشرات العمليات الميدانية أفضت إلى القضاء على إرهابيين وتجار مخدرات ومهربين واسترجاع أسلحة ومعدات متنوعة ومخدرات.