كشفت أرقام رسمية تحصلت عليها "البلاد"، عن أن الحكومة ورغم تبنيها لسلسلة من الإجراءات الصارمة في مجال التجارة الخارجية لم تتمكن من كبح جماح الواردات مما ينذر بعجز قياسي في الميزان التجاري نهاية السنة الجارية ستجد الحكومة نفسها مضطرة لاستنزاف المزيد من احتياطات الصرف الآخذة في النفاذ. وحسب ما ورد في حصيلة "إحصائيات الجمارك المتعلقة بالمسترجعات الجبائية لسبعة أشهر الأولى لسنة 2015 " - تمتلك "البلاد" نسخة منها - فقد سجل ارتفاع في الواردات سنة 2015 مقارنة بالسنة الماضية بنسبة 11.42 بالمائة وهذا رغم اعتماد إجراءات صارمة ضد المستوردين في إطار سياسة ترشيد النفقات من بينها وضع "رخص" للاستيراد عززت مؤخرا بترسانة من الإتاوات والضرائب على المستوردين في قانوني المالية التكميلي 2015 ونسخة مشروع قانون المالية 2016 وجاء في الوثيقة ذاتها أن قيمة الواردات انتقلت خلال السبعة أشهر الأولى من 2015 إلى 3022 مليار دينار جزائري أي بارتفاع قدرت نسبته ب11.42 بالمائة مقارنة بالرقم المسجل في نفس الفترة من السنة الماضية (2014)، حيث بلغ رقم الواردات في عز البحبوحة المالية للجزائر 2712 مليار دينار ويجدر التنويه أن فاتورة الواردات لسنة 2014 كانت الأكثر تكلفة منذ الاستقلال. وفي السياق، بررت الوثيقة ذاتها هذه الأرقام الجنونية التي جاءت معاكسة لتوقعات الحكومة بالانهيار الذي عرفه سعر صرف العملة الوطنية "الدينار" مقابل "الدولار" الأمريكي، حيث أدى تأثير الصدمة الخارجية لانهيار أسعار المحروقات إلى تراجع بنسبة 22 بالمائة لقيمة الدينار مقابل الدولار الأمريكي خلال السداسي الأول ل2015 بالمقارنة بنفس الفترة ل2014 وعند احتساب قيمة الواردات بالدولار الأمريكي يتضح أن هنالك انخفاض في قيمتها ب9.10 بالمائة، حيث بلغت الواردات بالعملة الأمريكية 31.38 مليار دولار مقارنة ب34.52 مليار دولار سجلت سنة 2014. من جهة أخرى سجل الميزان التجاري عجزا ب9.06 مليار دولار خلال ال8 أشهر الأولى من السنة الجارية مقابل فائض ب4.32 مليار دولار سجل في نفس الفترة من سنة 2014 وبلغت صادرات الجزائر في الفترة من جانفي إلى أوت 26.36 مليار دولار مقابل 43.69 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2014 بانخفاض قدر بنحو 39.67 بالمائة وفق معطيات المركز الوطني للإعلام والإحصائيات التابع للجمارك، أما فيما يتعلق بالواردات فقدرت قيمتها ب42. 35 مليار دولار مقابل 39.37 مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة الماضية أي بانخفاض نسبته 10.02 بالمائة . وقامت الصادرات بتغطية الواردات بنسبة 74 بالمائة خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2015 مقابل 111 بالمائة خلال نفس الفترة من 2014 وتمثل صادرات المحروقات 94,51 بالمائة من إجمالي الصادرات، ورغم سلسلة التدابير المعتمدة من قبل السلطات العمومية والحكومة لكبح جماح الواردات وتقليصها، إلا أن انهيار أسعار النفط إلى معدلات تتأرجح بين ال40 و50 دولارا، لم يسمح بتفادي الاختلال الكبير المسجل في الميزان التجاري، مع أن الحكومة أقدمت أيضا على تخفيض قيمة الدينار واستفادت من ارتفاع محسوس لقيمة الدولار مقابل الأورو، مع العلم أن واردات الجزائر بنسبة 55 في المائة من دول الاتحاد الأوروبي أي بالأورو، بينما صادراتنا بالدولار الأمريكي. ومن المؤكد أن يشمل هذا التأثير السلبي على ميزان المدفوعات الذي يسجل بدوره عجزا معتبرا، وهو ما يؤثر بدوره على عجز الخزينة والموازنة الذي بلغ مستوى قياسيا بدوره هذه السنة، حيث قارب 49 مليار دولار، مما يساهم في امتصاص جزء من الموارد المالية في صندوق ضبط الموارد واحتياطي الصرف الذي يتوقع أن يبلغ حوالي 125 إلى 130 مليار دولار كأقصى تقدير مع نهاية السنة الحالية وبالمقابل شهدت نسبة التحصيل الضريبي للجمارك ارتفاعا 6.90 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية، حيث بلغ مجموع ما حصل من طرف إدارة الجمارك في ال7 أشهر الأولى من هذه السنة 569 مليار دينار مقارنة ب532 مليار دينار سجلت في نفس الفترة من السنة الماضية ومن المنتظر أن ترتفع حصيلة الضرائب المحصلة من الجمارك بعد توسيع الوعاء الجبائي من خلال ضرائب جديدة حملها قانون المالية التكميلي 2015.