خلفت الاضطرابات الجوية التي اجتاحت ولايات الوطن خلال ال48 ساعة الماضية حالة استنفار قصوى، حيث تم إنقاذ عالقين وضحايا انهيار بنايات هشّة وإجلاء عشرات العائلات المنكوبة التي حاصرتها مياه الأودية والأمطار. وتسببت الفيضانات في حرمان مئات التلاميذ من الالتحاق بمقاعد الدراسة وقطع عشرة طرق وطنية وولائية، فيما خرج المنكوبون للشارع احتجاجا على تقصير السلطات في التكفل بالمتضررين. وأحدثت الأمطار الغزيرة التي تهاطلت أمس، حالة من الذعر في عدة ولايات، بسبب السيول الجارفة التي غمرت عشرات المنازل وتسببت في انهيار جزئي لعدد من البنايات. ولم تخلّف تقلبات الطقس حسب مصادر من الحماية المدنية ضحايا بشرية لكنها أسفرت عن خسائر مادية جسيمة وتسببت في حوادث مرور عديدة أسفرت عن سقوط 10 قتلى وعشرات الجرحى في مواقع متفرقة من الولايات. وسخّرت المديرية العامة للحماية المدنية كل وحداتها بما فيها تلك التي دخلت حيز الخدمة قبل أيام قليلة وذلك منذ الإعلان عن النشرية الخاصة، التي مست عدة ولايات عبر الوطن". ومن بين الإجراءات المتخذة لمواجهة خطر الفيضانات، مضاعفة عدد الفرق وتجنيد وحدات لإرسالها من ولايات إلى أخرى. وتمكنت مختلف الوحدات من التدخل فيما يتعلق بالاضطرابات الجوية، حيث تجاوز عددها الحد العادي وسجل ما يزيد عن 900 تدخل، أغلبها تتعلق بإجلاء العائلات وامتصاص مياه الأمطار. وأكد النقيب سايج بلقاسم المكلف بالإعلام لدى المديرية الولائية للحماية المدنية في الجزائر العاصمة أن مصالحه قامت ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء ب12 تدخلا لمواجهة تسربات المياه وحوادث أخرى لها صلة بالأمطار التي تساقطت بالولاية. ومن مجموع التدخلات المسجلة تعلق 4 منها بتسربات المياه التي سجلت بكل من بلديات بئر التوتة وباب الواد وبرج البحري وبولوغين، إضافة إلى تدخلات أخرى تتعلق بسقوط كوابل كهربائية واقتلاع الأشجار. وعلى مستوى قهوة شرڤي ببلدية برج البحري بلغ منسوب المياه 40 سنتمترا، كما تسببت هذه الأمطار الغزيرة في توقيف حركة ترامواي العاصمة. وفي ولاية البليدة تمكنت مصالح الحماية المدنية ببوفاريك من امتصاص المياه وفتح الطريق السيار عند المخرج الشمالي. وقد تم تسجيل انسداد آخر على مستوى الطريق الوطني رقم 01 الرابط بين خزرونة وبني مراد ابتداء من مدخل خزرونة حتى محول الطريق السيار، ونجحت فرق الحماية في امتصاص المياه من الطريق نحو المجاري بمنطقة خزرونة، وكذا امتصاص السيول عند مدخل حي فتال وتحويلها نحو الوادي. وتسببت الأمطار في تسرب المياه إلى العديد من المساكن في كل وبومرداس والشلف وبجاية وتيبازة، وتم إجلاء العائلات القاطنة بها. وفي عنابة اندلعت احتجاجات في أحياء "لاكولون" و«الشنطاطة" وسيدي حرب تنديدا بتقاعس السلطات في تنفيذ مخطط الترحيل. وتواصلت حالة الطوارئ القصوى وسط جميع المصالح الأمنية والحماية المدنية ومحافظة الغابات، إلى جانب مصالح النظافة والتطهير بالبلديات، التي جندت كل إمكاناتها المادية والبشرية مدعمة بمعدات إضافية للحماية المدنية وحوّلت أكثر من 100 موقع متضررة إلى ورشات تعمل ليلا ونهارا لامتصاص المياه الراكدة وإزالة أطنان من ترسبات الطمي وبقايا التعفن الناتج عن انفجار شبكة الصرف الصحي وبالوعات التطهير. وشهدت المنطقة الغربية لولاية أم البواقي تساقط أمطار طوفانية، خصوصا على محور عين مليلة أولاد حملة وسوق نعمان، حيث سجلت العديد من الخسائر النباتية ورؤوس المواشي بقرية أولاد ملول التي غمرتها مياه الأمطار الرعدية المصحوبة بحبات البرد. وقد ضربت السيول القوية المحملة بكميات كبيرة من الطمي الأحمر في ولاية الطارف 7 قرى ريفية على حزام مسار الطريق السيار ببلديات البسباس وزريزر والطارف وعين العسل، وخلفت أكثر من 90 عائلة متضررة. كما جرفت السيول ودمرت أجزاء معتبرة من الطرقات والمسالك وحطمت الجسور التي لم تتسع للحجم الهائل من المياه المتدفقة بقوة. كما بددت في الوسط الحضري منجزات حديثة العهد لصيانة الطرقات وشبكات التطهير الصحي وتصريف مياه الأمطار، استهلك إنجازها قبل 3 سنوات ما لا يقل عن 5 ملايير سنتيم. وفي قسنطينة خلفت الأمطار أضرارا بالبنايات القديمة بسبب انهيار بعض جدرانها وأسقفها. فيما غمرت المياه العديد من الأحياء السكنية ناهيك عن بعض الأضرار الفلاحية. وكشف وزير الموارد المائية والبيئة، عبد الوهاب نوري في هذا الصدد أن الدولة سخرت 600 مليون دينار لإنهاء مشكل تصريف مياه الأمطار التي كانت السبب الرئيسي في الفيضانات التي غمرت مؤخرا المنطقة العمرانية علي منجلي بقسنطينة.