أودعت وزارة التعليم والتكوين المهنيين، مشروع إصلاح مسار التعليم المهني، التي يتضمن إنشاء "البكالوريا المهنية" على مستوى الحكومة، الأسبوع الماضي، حسب ما أعلن عنه المسؤول الأول عن القطاع محمد مباركي الذي قال في حوار ل«البلاد" إن قطاعه غير معني بإجراءات التقشف، إلا أن ترشيد النفقات والموارد والإمكانيات ووقف فوضى التسيير، أمر لا بد منه، كاشفا عن تأسيس ورشة خاصة بمركز التكوين المهني لوادي التليلات لتتلاءم مع متطلبات التكوين في مجال تركيب سيارات رونو، مبديا استعداد القطاع لمرافقة مشاريع أخرى. ما تقييمكم لحصيلة التكوين والتعليم المهنيين لهذا الموسم، وكيف تمت التحضيرات من ناحية المنشآت، المتربصين والمؤطرين؟ أعتبر أن الدخول المهني لهذه السنة التكوينية الجديدة كان ناجحا بالنظر لعديد اعتبارات، أولها الأعداد الهائلة من الشباب الذين التحقوا بمختلف مؤسسات التكوين والتعليم المهنيين، وثانيها التحكم الجيد في مجريات الدخول، والتحضيرات المادية والبيداغوجية والتقنية الهائلة التي سبقته، يضاف إلى كل هذا الحملة الإعلامية الواسعة التي سمحت باستقطاب عديد الفئات الاجتماعية التي تم إقناعها بأهمية التكوين. وبالنسبة للحصيلة عرض القطاع لدخول سبتمبر 2015 أزيد من 410.000 منصب تكوين جديد، وبلغ تعداد المسجلين نسبة 93 بالمائة من هذا العرض، أي 377.000 متربص جديد، يضاف إليهم المتربصين القدامى البالغ عددهم 266.255، وهو ما يرفع العدد الإجمالي لمتربصي القطاع إلى 643.755 متربص. ومن أجل احتضان هذا العدد الهائل من المتربصين، تدعمت شبكة مؤسسات التكوين والتعليم المهنيين ب 35 مؤسسة تكوينية جديدة ليصبح العدد الإجمالي 1428 مؤسسة تكوينية، تم تزويدها ب 1408 تجهيز تقني وبيداغوجي جديد، والأمر نفسه بالنسبة للمناصب المالية التي ارتفع عددها إلى 66.477 منصب. في مجال التكوين، ماهي التخصصات الجديدة المبرمجة لهذه السنة؟ بالنسبة للتخصصات الجديدة المدرجة في المدونة لهذه السنة، فقد شملت أربعة تخصصات لاحظنا كثرة الطلب عليها، ويتعلق الأمر بزراعة النباتات الطبية، العطرية والتوابل، الأشغال الجيوتقنية، الأشغال العمومية والمنشآت الفنية، مخبري في المناجم والمحاجر، وأشير هنا إلى أنه من بين 442 تخصصاً تتضمنه مدونة الشعب والتخصصات للتكوين المهني، برمج لهذه السنة 381 تخصصاً (عبر مختلف المؤسسات التكوينية) موزعين على 22 شعبة مهنية. جميع الولايات أدرجت تخصصات جديدة ووسعت الخيارات الممنوحة للشباب.. هناك ضغط على بعض التخصصات التي تعرف طلبا كبيرا، كيف يتم معالجة هذه الوضعية؟ فعلا لقد تم تسجيل ضغط خاص على التخصصات في مستوى (تقني سامي)، حيث إن عدد المترشحين في هذا المستوى بلغ 70.000 مترشح. في حين عدد المناصب المفتوحة لم يتجاوز 28.000 منصب، ويفسر هذا الضغط بوصول دفعتين من الثالثة الثانوي السنة الماضية، وأيضا رغبة الكثير من الحاصلين على شهادة البكالوريا بالتسجيل في تخصصات تسهل لهم الولوج إلى عالم الشغل، فهناك طلب كبير من طرف الحاصلين على شهادة البكالوريا وحتى جامعيين يسجلون بمختلف التخصصات في مستوى التقني السامي ومنذ مدة نحن بصدد مضاعفتها لتقليل الضغط، حيث سيتم فتح العدد الكافي من الفروع المنتدبة حتى نتمكن من تلبية كل الطلبات فهناك حوالي 60 ألف منصب تكوين في مستوى التقني سامي موزعين على مختلف ولايات الوطن. يعاب على قطاعكم عدم تكيفه في أغلب الأحيان مع متطلبات الحياة الاقتصادية، ما هي الإجراءات الجديدة المتخذة هذا الموسم لتكييف القطاع مع متطلبات عالم الشغل؟ هو عتاب أسمعه دوما، لكن أرى أن هذا ليس مسؤولية القطاع وحده، فمنظومة التكوين والتعليم المهنيين تسعى دوما إلى تقريب التخصصات التي توفرها من واقع سوق العمل واحتياجات الاقتصاد الوطني والتنمية في البلاد، على سبيل المثال، أكثر من نصف مؤسسات التكوين والتعليم المهنيين المقدر عددها ب 1200 مؤسسة، تضمن التكوين في تخصص التلحيم، لكن لا نجد ملحما لما نبحث عنه، فالأمر يكمن في عدم الإقبال وليس في سياسة التكوين. أشير هنا إلى أن فتح تخصصات جديدة لا يتم إلا بعد التشاور مع القطاعات المعنية والمؤسسات، في إطار لجان الشراكة الموجودة على مستوى الولايات، وفي إطار المجلس الوطني للشراكة، ومن هذا المنطلق كل التخصصات المطلوبة مضمونة بالقطاع وبجميع مستويات التأهيل (من أقل مستوى إلى مستوى التقني السامي)، ومن هنا يتضح تماما أن المشكل لا يتعلق بعدم مواكبة منظومة التكوين المهني مع الحقائق الاقتصادية. تعاني بعض القطاعات من نقص اليد العاملة المؤهلة إذ يتم الاستعانة باليد العاملة الأجنبية، مثل قطاع البناء، لما لا يمكننا تكوين ما يكفي للمتطلبات الوطنية؟ ينبغي القول إن إمكانيات وطاقات القطاع كافية لتكوين العدد اللازم من الشباب في مختلف التخصصات، أذكر في هذا المجال أن السنة التكوينية 2014 عرفت تخرج 240.000 متكون في 22 فرعا، ونحن لدينا طموح لجلب أكبر عدد ممكن من الشباب الذين غادروا التعليم الإلزامي. للإشارة تخرج السنة الماضية 2000 متكون من شعبة الفلاحة. فيما تخرج 25500 متكون في تخصص البناء والأشغال العمومية والمنشآت المعدنية. كما تعلمون أن تراجع مداخيل البترول جعلنا نكيف سياستنا وفق المعطيات الجديدة، حيث يتم بذل مجهودات أكبر باتجاه قطاعات معينة وتخصصات ذات أهمية بالنسبة للاقتصاد الوطني، فعروض التكوين التي نقدمها في هذا المجال جد هامة، أذكر على سبيل المثال تخصص البناء والأشغال العمومية الذي خصصنا له 40 ألف منصب تكوين، تخصص الفلاحة والصناعات الغذائية ب 20.000 منصب تكوين وتخصص الفندقة والسياحة ب 24.000 منصب. هناك عزوف على التوجه إلى التكوين المهني، حيث يعتبره الأغلبية قبلة الفاشلين في المسار الدراسي، ما تعليقكم حول هذا؟ أقول في هذا الموضوع إن قطاع التكوين والتعليم المهنيين ضحية لأحكام مسبقة ونظرة سلبية قديمة، لكن الأكيد أن هذه الذهنيات بدأت تتغير تدريجيا، خاصة وأن غالبية الشباب يبحثون عن التكوين الذي يضمن لهم الاندماج بسهولة في عالم الشغل، والأرقام التي بحوزتنا تشير إلى ارتفاع نسبة المسجلين في المؤسسات التكوينية بنسبة 14 مائة مقارنة بالسنة الماضية. مع العلم أن هذه النسبة لم تكن تتجاوز سابقا 5 بالمائة سنويا، وهو ما يدل على أن الأمور تسير في الطريق الصحيح،. تركز وزارة التكوين والتعليم المهنيين على إنشاء أقطاب امتياز، ما الجديد الذي ستحمله هذه الأخيرة للقطاع، وما هي القطاعات المعنية بها ومتى ستكون جاهزة؟ إن مراكز الامتياز ستكون بمثابة مراكز مرجعية في بعض المجالات التي تعتبر هامة بالنسبة للاقتصاد الوطني على غرار البناء، الأشغال العمومية، الفلاحة، تكنولوجيات الإعلام والاتصال، الكهرباء والطاقة، فإنشاء هذه المراكز خطوة جديدة للشراكة يسعى إليها القطاع قصد المساهمة في انضمام القطاع الاقتصادي العام والخاص في جميع مراحل عملية التكوين المهني والإسهام في تكوين اليد العاملة المؤهلة، ففي هذا الإطار، توفر الشركات دعماً ضرورياً في مجال نقل الخبرة المهنية والتقنية، وتشارك في تطوير التخصصات ومحتوى برامج التكوين، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لوضع تحت تصرف مؤسساتنا التكوينية للإمكانيات التي لا تتوفر عليها هذه الأخيرة. ماهي الإجراءات التي قامت بها الوزارة في مجال تحسين الوضعية الاجتماعية والمهنية لعمال القطاع؟ أشير إلى أن قطاعنا لطالما أبدى اهتماما كبيرا بتحسين الظروف الاجتماعية والمهنية للعمال من أجل توفير ظروف عمل لائقة، وبالنسبة لهذه السنة تم تطبيق المرسوم المتعلق باستحداث المنحة الجزافية التكميلية المادة (bis87) وتطبيق الزيادة الاستدلالية الخاصة بالمنصب العليا (للأسلاك المشتركة) لفائدة 4.544 منصب عمل وكذا تجسيد عملية الترقية الاستثنائية للعمال الحائزين على أقدمية عشر سنوات وأكثر، حيث إن 8000 موظف معني بهذه العملية، كما تم منح أهمية خاصة للتكوين من خلال وضع قيد التكوين 5000 عامل معني بالتكوين المسبق قبل الترقية وتحسين مستوى قرابة 1000 مكون. هل هناك اتفاقيات للتكوين في مجال تركيب السيارات مع الوزيرة الفرنسية، خاصة مع مصنع تركيب السيارات رونو في انتظار إنشاء مصنع لتركيب السيارات من العلامة الفرنسية بيجو؟ ينبغي القول إن القطاع يولي أهمية كبيرة للصناعة الميكانيكية، فهي من أولويات قطاعنا، نحن نكون في هذا المجال منذ سنوات عديدة، ولنا اتفاقيات عديدة مع مختلف المتعاملين تشمل كل جوانب هذه الصناعة، بالطبع هناك اتفاقية مع مصنع تركيب السيارات رونو- الجزائر الكائن ببلدية وادي تليلات بوهران للتكوين في مجال الصناعة الميكانيكية وتم مرافقة هذا المشروع مند بدايته، وتم تأسيس ورشة خاصة بمركز التكوين المهني لوادي التليلات لتتلائم مع متطلبات التكوين في هذا المجال، ونحن على استعداد أيضا لمرافقة مشاريع أخرى إن وجدت. اقترحت توصيات إصلاح المنظومة التربوية تنظيم بكالوريا مهنية، أين وصل الملف ومتى سيتم اعتمادها؟ البكالوريا المهنية في حد ذاتها تعتبر جزءا من عدة مقترحات عرضتها وزارة التكوين والتعليم المهنيين، فأولويتنا جعل مسار التعليم المهني أكثر جاذبية بالنسبة للشباب، فالمشكل اليوم لا يكمن في إيجاد بكالوريا مهنية من عدمها، وإنما يستوجب علينا اليوم إيجاد حلول لمسار التعليم المهني الذي يعتبر نمطا مهما يمكن الطلبة من تطوير مهاراتهم إلى حد التخصص والخبرة. فإصلاحات المنظومة التربوية أوجدت نظام التعليم المهني الموضوع تحت وصاية القطاع بعد تحويل الثانويات التقنية وإلغاء البكالوريا التقنية وكان من المفترض أن يوجه 30 بالمائة من التلاميذ الناجحين في شهادة التعليم الأساسي إلى التعليم المهني وهو ما لم يطبق إلى حد الآن، ما انعكس سلبا على مسار التعليم المهني، نحن بصدد دراسة العديد من التوجهات الخاصة بالتعليم المهني قصد إيجاد أنجع الحلول لخدمة الشباب والطلبة، حيث تم إيداع ملف على مستوى الحكومة الأسبوع الماضي بهدف إصلاح هذا المسار، الذي يتضمن إنشاء البكالوريا المهنية. طال التقشف أغلبية الوزارات والإدارات العمومية، ماذا عن قطاع التكوين المهني؟ أقول في هذا السياق إن مختلف المشاريع التي تم إدراجها في قطاع التكوين والتعليم المهنيين لم تتأثر بالتقشف.