جرى توثيق سقوط برجي التجارة العالميين في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر بعدد ليس بالقليل من الصور الفوتوغرافية، غير أن الصورة التي التقطها مصور وكالة أسوشتيدبرس، ريتشارد درو، لرجل يقفز من البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي، أصابت الرأي العام بهالة من الهلع، نظراً لما جسدته من مشاهد دراماتيكية لواقع الرجل الذي اختار الموت بهذه الطريقة بدلا من الموت احتراقا في البرج. وبالنظر لكون صاحب الصورة ظل مجهول الهوية، وجرى التركيز على صور سقوط البرجين وليس تساقط الناس منهما، فإن عرض قصة صورة الرجل الساقط من البرج تلقي الضوء أيضا على الأجواء التي أعقبت هذا الحدث الفظيع. وقد كان المشهد مؤثرا، فالمتواجدين في البرج يتزاحمون بكثافة عند النوافذ، في محاولة يائسة للنجاة من لهيب النيران المتأجج، ومن ينجو من النيران يلقي بنفسه إلى الخارج ليلقى حتفه ولكن بطريقة أخرى. ووسط بكاء وعويل من يشاهدون تلك الدراما المأساوية، قام المصور ''درو'' بوضع عدسة بحجم 200 مم في كاميرته وأدارها نحو المبنى. وقد التقطت عدسته سقوط مابين 10 الى 15 شخصا، غير أن رجلا واحدا انحفر في ذاكرته إلى الأبد، لأنه تابعه من اللحظة التي تسلق فيها على حامل البناء الخارجي. ''درو'' تابعه بعدسته، ثم ضغط على زر الكاميرا لاقطا 12 صورة متتالية لعملية السقوط. أما الصورة التي تحولت الى رمز للحادي عشر من سبتمبر فقد التقطها الساعة ,9,4.15 عندما سمع بعد ذلك بلحظات صوت مذهل وهو صوت سقوط المبنى. لقد وصف درو لاحقا ما جرى في سياق عبارات موجزة: ''لقد كانت الكاميرا بالنسبة لي مصفاة بيني وبين الواقع، فلم أر إلا ما حوته العدسة، الأمر الذي ساعدني أن أنفصل نفسيا عن الحدث الذي كان يجري أمامي''.