عاشت أحياء بلدية الدبداب على الحدود مع ليبيا ليلة الأحد إلى الاثنين، أجواء رعب حقيقية إثر تفجّر مواجهات عنيفة بين مواطنين وقوات الدرك، استدعت شن حملة اعتقالات واسعة للسيطرة على الوضع. وبدأت الأحداث عقب موجة احتجاجات قادها شبان من المنطقة تنديدا بما وصفوه "الإفراط في المداهمات" من طرف وحدات الأمن المشتركة التي أعلنت هذه الأيام حربا شاملة على شبكات التهريب وبارونات المتاجرة بالأسلحة. وتجدّدت الاشتباكات صباح أمس بعد إقدام المئات من السكان على قطع الطرقات المحورية باستعمال العجلات المطاطية المشتعلة ورشق مركبات الدرك الوطني للمطالبة بالإفراج عن الموقوفين. وعلمت "البلاد" أن السلطات الأمنية استقدمت تعزيزات استثنائية تحسبا لأي انزلاق في هذه المنطقة الحدودية شمال ولاية إليزي، حيث أفلحت في حجز مركبات ليبية تستعمل في التهريب وصادرت مواد محظورة في عمليات اقتحام لمواقع مشبوهة. شرارة التوتر مثلما أكدته مصادر محلية ل«البلاد"، اشتعلت في ساعة متأخرة من مساء أّمس الأوّل، بعد رشق مجموعات شبانية لموكب تابع لجهاز الدرك الوطني كان يقوم بدورات ميدانية لتعقب عناصر عصابة تهريب لاذت بالفرار نحو مساكن عائلية بعدّة أحياء في الدبداب فتوقف الموكب وشرع أعوان الدرك في مطاردة تلك المجموعات التي كان من بين عناصرها ملثمون. وعلى الفور اندلعت موجة اشتباكات وزحفت من الموقع القريب من المسجد نحو الحي العتيق، حيث تم تسجيل عدّة جرحى في صفوف الدرك والمواطنين لتواصل المواجهات تمدّدها باتجاه حي 105 مساكن، ولم تتوقف إلا بعد وصول قوات مكافحة الشغب التي اضطرت بفعل ضغط الأحداث والمخاوف من توسّع رقعة الاحتجاجات لاستعمال القنابل المسيلة للدموع في محاولة لتفريق المتظاهرين الذين بدأ عددهم يتكاثر بسرعة البرق وسط إطلاق شعارات تندد ب«الحڤرة" و«الإقصاء" وتدعو إلى تدخّل أعلى السلطات لوقف "حملة الاعتقالات" التي مسّت أربعة شبان، وفي الأثناء تدخل عقلاء وتمكنوا من إقناع الغاضبين بفض مظاهر الاحتجاج في حدود منتصف الليل، لكن دون انسحاب القوات الأمنية التي بقيت تواصل دورياتها الروتنية، لكن الأحداث أخذت منعرجا آخر منذ صبيحة أمس، حيث توجهت عائلات الموقوفين مدعومة بعشرات المواطنين وناشطين حقوقيين لمقر كتيبة الدرك الوطني بالدبداب للمطالبة بإطلاق سراح أبنائها فقوبلت برفض قطعي من طرف مسؤولين من الجهاز أكدوا أن المعتقلين يخضعون لتحقيق أمني وسيتم تحويلهم بعد الانتهاء من الإجراءات أمام الجهات القضائية. وهنا ثارت ثائرة العائلات وأخذ غاضبون يرشقون مقر الدرك بالحجارة وأضرموا النيران في العجلات المطاطية وأغلقوا شبكة الطرقات بالحجارة والمتاريس المؤدية إلى شارع الثكنة ليتفاجأوا بقدوم وحدات التدخل السريع، حيث لا تزال أجواء الاحتقان متواصلة. وأوضحت مصادر عليمة أن أبرز العوامل التي ساهمت في إشعال هذه الأحداث تعود لرفض قطاع واسع من المواطنين للقبضة الأمنية التي اعتمدتها قوات الأمن المشتركة ضد عصابات التهريب وبارونات المتاجرة بالأسلحة الليبية التي تأخذ طريقها نحو الجزائر عبر هذه البوابة الحدودية. وتتواصل إلى حد تحرير هذه الأسطر حملة مداهمات واسعة في عدّة أحياء، حيث نجحت قوات الأمن المشتركة في حجز عشرات المركبات الليبية التي تستعمل في نقل المواد المهربة، فيما أشارت مصادر أخرى إلى أن العملية كللت بمصادرة قطع أسلحة نارية وتحويل أصحابها للتحقيق الأمني والقضائي. وعلمت "البلاد" أن السلطات الأمنية سارعت لوضع مخطط أمني استعجالي يسير مناصفة من طرف مسؤول من الدرك الوطني وآخر من الأمن الوطني ويسمح بالتنسيق فيما يخص الانتشار في الميدان لعناصر الدرك والأمن بهدف التحكم في أي توتر محتمل والتنفيذ السريع للتدخل في حالة اندلاع مناوشات تهدد النظام العام. وتؤكد ردّة الفعل على تشديد إجراءات المراقبة على الحدود مع ليبيا أن الأمر يستدعي محاصرة تلك البارونات، حيث تتخوف السلطات الجزائرية من تحوّل البوابات الحدودية إلى معابر سرّية لتهريب الأسلحة والمتفجّرات، إذ ترى أن الأوضاع المضطربة في ليبيا تشكل خطرا حقيقيا على الأمن القومي الجزائري.