بات العديد من البدو الرحل، على مستوى الصحراء الجنوبية الشرقية، الواقعة بين ولايات ورفلة وإليزي وحتى الوادي، بين فكي كماشة مهربي السلاح من ليبيا، وتردي الوضع الأمني في المنطقة. أفادت مصادر محلية أن مهربي الأسلحة أدخلوا عدة عائلات من البدو الرحل في معاناة جمة، نتيجة الضغط عليهم وتوريطهم في عمليات تهريب الأسلحة وحتى المخدرات، ومطالبتهم بالقوة بالعمل كأدلاء للمسالك الصحراوية الوعرة، بالنظر إلى خبرتهم الميدانية في تقفي الآثار، وخصوصا معرفة التفريق بين آثار مركبات قوات الأمن ومصالح المراقبة وبين المركبات العادية ذات الدفع الرباعي المخصصة للسير في الصحراء. وأسرت نفس المصادر أن إدخال عنصر خبرة البدو الرحل في معرفة فيافي ومسالك الصحراء الوعرة، يعتبر شيئا جديدا في عمليات التهريب، يضاف إلى العوامل الأخرى المستعملة والتي لم تعد كافية وحدها لتفادي الوقوع في كمائن الجيش، على غرار استعمال تقنيات متطورة ليلا، كإطفاء الأضواء لتضليل السلطات الأمنية، لتمرير كميات من الأسلحة. وقد أصيب البدو الرحل في هذه المناطق بالقلق الشديد، نتيجة الضغوطات وتكبدهم خسائر كبيرة ومعاناة نفسية، لخوفهم من تغير نمط حياتهم البدوية التي توارثوها أبا عن جد، وضياع ثرواتهم الحيوانية التي أصبحت مهددة بالزوال في المناطق الحدودية، جراء هذه الظاهرة التي يقدم من أجلها المهربون للبدو الرحل إغراءات مالية ومساعدات معاشية مهربة من مأكل وملبس وأدوية وغيرها، لإقناعهم بالانخراط في عمليات التهريب والالتحاق بشبكاتها. وذكرت نفس المصادر بأن القوات الأمنية تصدت، خلال الأشهر الأخيرة، لعدة محاولات تهريب الأسلحة، تبين بأن بعض البدو الرحل تم استغلالهم كأدلاء وفي تقفي المسالك التي ظلت غير مكتشفة بالنسبة لقوات الأمن. كما سجلت مصالح الأمن، مؤخرا، في المناطق الحدودية، على غرار مدينة الدبداب الحدودية ومنطقة تين زواتين الواقعة في شمال مالي وصحراء حاسي مسعود، عمليات تصد وحجز كميات هامة من الأسلحة والمخدرات كانت مهربة باتجاه دول الساحل، خاصة مالي والنيجر، كما تم توقيف عدة مركبات مخصصة للتهريب. وأفادت المصادر بأن العديد من عائلات البدو الرحل عبرت لمصالح الأمن عن استيائها العميق من الضغط والابتزازات وإغراءات بارونات التهريب، الذين حولوا حياتهم إلى جحيم، ووجدوا أنفسهم مكرهين على التعايش مع عصابات وشبكات تلازمهم على مر الوقت، ليلا ونهارا، خاصة بالمناطق الوعرة التي تبقى بعيدة عن أعين الجهات الأمنية، وبالخصوص في موسم العواصف الرملية التي تعتبر أحسن الأوقات لدى المهربين لاستغلالها، حيث يخرجون من مخابئهم ويتنقلون ببضائعهم المهربة في خضم الزوابع الهوجاء إلى أقصى مناطق الصحراء شرقا وغربا، لنقل السموم وشتى أنواع الأسلحة المقايضة من دولة ليبيا ومالي وحتى الساحل عبر البوابة الجزائرية، إضافة إلى تهريب السجائر عبر ولايتي ورفلة وإليزي وتمنراست، رغم الحواجز والمراقبة الأمنية وعمليات التمشيط المكثفة التي تقوم بها مصالح الأمن المختلفة.