عندما تصبح لغة السب والشتم والتجريح هي خطاب السياسي، فإنك لا تحتاج إلى عبقرية كبيرة لتدرك أنك تعيش مرحلة الإفلاس السياسي والفكري، مرحلة الانحطاط... وإلا كيف نفسر أن تصبح لغة الوزير والسياسي ورئيس الحزب هي نفسها لغة الشارع أو بالأحرى لغة سوقية، سب وشتم وتجريح فاق كل التوقعات؟!، هكذا يرى أغلب المتابعين للساحة السياسية واقع الخطاب السياسي. عندما يسمح رجل سياسي لنفسه بأن يصف زميله في حلبة المنافسة على البرامج والأفكار بأنه "دجاجة لا تبيض"، ويصل الأمر بالساسة في الجزائر لاستعمال الدين لأغراض شخصية، مثل تحدي زميل سياسي بالبسملة حتى يستقيل الآخر من منصبه، ألا يدل هذا على درجة انحطاط الفكر السياسي وعقم البرامج، ضف إلى ذلك، هل يعقل أن يصف رئيس حزب، محسوب على التيار الوطني، رئيس حزب آخر محسوب على التيار الإسلامي بأنه "منافق سياسي" بمجرد خروجه من الحكومة. لقد اختلطت أبسط المفاهيم السياسية لدى بعض السياسيين، وهو ما يفسر تدحرج الخطاب إلى لغة الشارع. لم يتوقف الخطاب السياسي في الآونة الأخيرة عند السب والشتم، بل تعدى ذلك إلى درجة التهديد، فهل يعقل برئيس حزب يعتبر أحد أكبر الأحزاب في الساحة السياسية، تهديد الطبقة السياسية والإعلامية، بعدم الخوض في مواضيع معينة باستعمال عبارة "شد سابعك". تدني مستوى الخطاب السياسي لم يكن حكرا على أحزاب الموالاة، فقد وصل التراشق السياسي الإعلامي إلى المعارضة، ممثلة في تنسيقية الحريات من أجل الانتقال الديمقراطي، وهو ما حدث بين عبد الرزاق مقري، والشيخ عبد الله جاب الله، بعد لقاء الأول بمدير ديوان رئيس الجمهورية، بل امتد السجال بينهما ليصل إلى القيادي في جبهة العدالة والتنمية حسن عريبي، الذي رد عليه مقري بالثقيل. قاموس السياسة في الجزائر مليء بمصطلحات لا يفقهها غير الجزائري، مثل "دجاجة كارك" بلهجة إخواننا في واد سوف وتعني الدجاجة التي لا تبيض، المصطلح الذي استعمله سعداني ضد غريمته السياسية لويزة حنون، بالإضافة لمصطلح "شد سابعك" المقتبس من لعبة الدومينو ليدخل الساحة السياسية من بوابة الأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي، ناهيك عن مصطلح "راس راس" الذي استعمله مقري وهو يتحدى سعداني في تجمع شعبي أمام شباب "حمس"، ليصل الأمر إلى المحاكم بين أصدقاء الأمس، وهو ما حدث لحزب جيل جيد، ورئيسه جيلالي سفيان، الذي رفع دعوى قضائية ضد سفيان صخري الناطق الرسمي للحزب سابقا.