تراشق بالتهم والشتائم بين "زعماء" السياسة شهدت الساحة السياسية الجزائرية مؤخرا، انحطاطا في مستوى الأداء الخطابي، إلى درجة خطيرة تعكس بدورها مستوى أداء هؤلاء الساسة، فحين ترى رؤساء أحزاب سياسية يتشاجرون فيما بينهم تشاجر الأطفال الصغار حول الدمية، ويلقفون من المعاجم اللغوية "الشوارعية" الشارد والوارد منها، فهذا هو شر البلاء، وترى كل طرف يبيح لنفسه استخدام كل أنواع السب والقذف والشتم، في صورة غير أخلاقية، لا تنم عن أي وعي ثقافي أو حضاري أو حتى سياسي. وباتت الألفاظ القبيحة والبذيئة، من أهم مصطلحات معاجم رؤساء الأحزاب السياسية الجزائرية، وأصبح التراشق بهذه الألفاظ موضة عصرية، حيث ترى رئيس حزب سياسي يطعن في الآخر بكل ما أوتي من فظاظة، وهو ما تشهده الساحة السياسية الجزائرية خصوصا في هذه الأيام، وأبلغ دليل ما حصل بين أمين عام الحزب العتيد عمار سعداني مع أمينة حزب العمال لويزة حنون، حيث وصفها بالعراب ومخلب القطة، مؤكدا أن حزبها التروتسكي غير دستوري لأنه مؤسس على فئة معينة تخدم أطماعها الخاصة، لترد عليه لويزة حنون بعقلية "الصّاع صاعين"، واصفة إياه بالجاهل الذي لا يحسن قراءة الدستور لتضيف "اذهب وثقف نفسك حتى تتأكد أنك تنحرف. يا للعار" وتختم "ليس لدي الوقت لأتكلم مع دواعش السياسة"، ناهيك عن الملاسنات التي طبعت العلاقة بين سعداني وبلعياط، منسق المكتب السياسي، خصوصا بعد تنصيب سعداني أمينا عاما للأفالان، حيث لا يتوانى بلعياط عن وصف سعداني بمختلف المصطلحات كالعاجز والفاقد للشرعية والمنجم وغيرها من المصطلحات، واحتدام الصراع بين الطرفين خصوصا وأن تاريخ 19 مارس أصبح غير بعيد وهو موعد انتهاء عضوية اللجنة المركزية. وغير بعيد عن هذه الحادثة، كان عبد الرزاق مقري، رئيس حركة حمس، بطل سيناريو آخر مع لويزة حنون حين قذفها بمصطلحات طبعت في أذهان الجزائريين وتركت حالة من العجب في أوساط المواطنين حين وصفها بأوصاف تعد الأولى من نوعها في خطاب السياسيين، قائلا إنها "رديئة وقديمة وبالية، وقليلة الاحترام، وضعيفة الفكر وفقيرة النفس"، قبل زن يختم بوصفها بÇالسيدة القبيحة". كل هذا جاء على خلفية تصريحات للويزة حنون، تهجّمت فيها على التيار الاسلامي وعلى دعاة مقاطعة الانتخابات الرئاسية الفارطة، هذه التصريحات التي اعتبرها بعض المعارضين جاءت بعد صفقة سياسية قامت بها حنون مع جناح الرئيس المترشح الذي دافعت عنه، وغرضها النيل من المعارضة. ومؤخرا كانت تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، حلبة ملاسنات بين أعضائها حين أكد مقري على ضرورة حضور عبد الله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية لاجتماعات التنسيقية في صورة الآمر النّاهي، وهو الأمر الذي رفضه جاب الله وجاء الرد على لسان القيادي بن خلاف، حين قال "هذه شطحة من شطحات مقري". وبدأت هذه الظاهرة تأخذ منحنيات خطيرة، فحين يتراشق رؤساء أحزاب التهم والأوصاف القبيحة، فماذا بقي للشارع؟ هذا الأخير الذي نددت فيه الأحزاب مؤخرا خصوصا في مسيرة نصرة الرسول عليه الصلاة والسلام، بطبيعة اللافتات التي رفعت وخصوصية الكلمات والشعارات المنطوقة والتي كانت تمجد الارهاب والجماعات الارهابية، خاصة تنظيم داعش، في الوقت الذي تتلفظ فيه حنون بمصطلح "دواعش السياسة".