سقف الإنتاج الجديد لن يمتص فائض النفط في الأسواق أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية سهيل مداح، أن مبادرة الدول الأربعة (قطر، السعودية، روسيا، فينزويلا) بتسقيف سعر النفط عند ال31.5 مليون برميل يوميا، في انتظار التحاق باقي كبار المنتجين بالمبادرة، من شأنه المساهمة في إنعاش أسعار الذهب الأسود إلى حدود ال40 دولارا للبرميل، مؤكدا في حوار له مع "البلاد" أمس، أن السقف الجديد يبقى فوق مستويات العرض ولن يسهم في حالة الالتزام به سوى في امتصاص جزء من فائض المعروض، وبالتالي لن تزول انتكاسة الأسعار إلا في حالة واحدة وهي استفاقة الأسواق المالية في الصين، التي تبنت نموذجا جديدا للنمو أدى إلى تراجع الاقتصاد العالمي. ما هي نظرتكم لمستقبل أسعار النفط في ظل بوادر اتفاق جديد يُلزم كبار المنتجين من داخل وخارج "أوبك" بتسقيف للإنتاج لا يتعدى 31.5 مليون برميل يوميا؟ من الصعب القيام بعملية استشرافية لمستقبل أسعار النفط في ظل الأوضاع الراهنة التي لا تتسم بالثبات، لكن الأكيد أن أسواق النفط ستتفاعل مع تصريحات المسؤولين السعوديين والروسيين اليوم بشأن تخفيض موحد لحصص الإنتاج إلى العتبة التي حددتها "أوبك" في اجتماعها السابق، والحقيقة أني شخصيا لا أتوقع انتفاضة لأسعار النفط إلى المستويات التي تنشدها بعض الدول المتأثرة بتراجع أسعار الذهب الأسود ومنها الجزائر، وحتى في حالة التزام كل المنتجيين بالسقف الجديد فإن الأسعار لن تتجاوز عتبة ال40 دولارا بكثير، لاعتقادي وهو الاعتقاد الذي يشاركني فيه الكثير من الخبراء، أن ارتفاع أسعار البترول فوق ذلك المستوى لا يتحكم فيه الطلب بقدر ما تتحكم فيه عوامل مرتبطة بنمو الاقتصاد العالمي، وهنا ينبغي الإشارة إلى أن تباطؤ الاقتصاد الصيني (7 في المئة) مقارنة بما كان عليه سابقا، مرشح للبقاء طويلا ليجر معه الاقتصاد العالمي إلى الركود، بعد تبني هذه الدولة نموذجا جديدا لنمو يستهدف الأسواق الداخلية عوض التصدير إلى خارج. يعتقد البعض أن تسقيف الإنتاج العالمي للنفط عند ال31.5 مليون برميل يوميا ما هو إلا ضربة استباقية سعودية لإيران التي تعوّل على عودة قوية لأسواق النفط عبر الرفع من إنتاجها وبالتالي فإن وضع سقف للإنتاج سيُعيقها عن ذلك؟ صحيح أن هنالك حربا شبه معلنة بين إيران والسعودية، وتنعكس بشكل أساسي على سوق النفط العالمية، لكن ينبغي التذكير بأن آخر اجتماع لمنظمة الدول المنتجة للنفط "أوبك" قد قرر رفع سقف الإنتاج إلى 31.5 مليون برميل يوميا منها 1.5 مليون برميل للدولتين العائدتين حديثا لتصدير النفط أندونيسياوإيران، و على هذا الأساس لابد على إيران الالتزام بحدود الحصص الممنوحة لها على الأقل في الفترة القادمة، وبعيدا عن الصراع السعودي الإيراني نجحت السعودية إلى حد معقول في الحد من إنتاج المصافي الأمريكية من البترول الصخري العالي التكلفة بإبقائها سعر الخام في مستويات منخفضة تبقي على جاذبيته في الأسواق، وانطلاقا من هذا فإن الإبقاء على حد أدنى من الفائض في الإنتاج في مصلحة الخطة السعودية، ومعلوم أن حجم الإنتاج عند ال31.5 مليون برميل يبقى مرتفعا عن مستويات الطلب. عبرت الجزائر سابقا عن احتمال مقاطعتها لاجتماع "أوبك" المقبل في حالة عدم توصل كبار المنتجين إلى اتفاق لتخفيض موحد للإنتاج، ما موقع الجزائر من المبادرة الجديدة وهل تخدم أهدافها؟ يلتزم صانع القرار في الجزائر بالحكمة فيما يخص المواقف الخارجية، وعليه لا أعتقد أن الجزائر ستتخذ خطوات جدية في مسألة مقاطعة اجتماع "أوبك"، وهذا على الرغم من أن سقف الإنتاج الذي اتفق عليه كبار المنتجين الأربعة اليوم لا يرتقي إلى ما تريده الجزائر من تخفيض للإنتاج لمستويات تضمن توازن الطلب والعرض تحت ال30 مليون برميل يوميا، والأمر الإيجابي الذي تثمنه الجزائر من كل هذا أنه على الأقل تجسد ما كانت تطمح إليه في مبادرتين سعت إليهما سابقا من جلوس منتجين من "أوبك" وخارجها في طاولة واحدة والإتفاق على إيجاد حل مرضٍ للجميع.