البرلماني حماني محمد الصغير ل"البلاد": "ما يحدث فضيحة مكتملة الأركان" انتقل الجدل حول تسريب مواضيع البكالوريا إلى السجال السياسي بعد دخول نواب المجلس الشعبي الوطني من مختلف الكتل الحزبية على الخط للمطالبة بفتح تحقيق برلماني في الفضيحة التي تهدد مصداقية أكبر امتحان تربوي في الجزائر. ورغم مسارعة وزارة التربية لاحتواء النقاش المحتدم بالتأكيد على أنها باشرت "تحريات ميدانية بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والإدارية المختصة لتعقب المتورطين"، تحركت مجموعة من نواب الشعب لتقديم لائحة للحكومة تتضمن المطالبة بإقالة الوزير نورية بن غبريت وإنقاذ منظومة التعليم من "خراب محتوم". أفاد النائب البرلماني عن جبهة العدالة والتنمية، حماني محمد الصغير، في اتصال هاتفي مع "البلاد" بأن "الحكومة مطالبة باتخاذ موقف سياسي للملمة فضيحة التسريب التي كانت تتم لحظات قليلة بعد توزيع الأسئلة على المترشحين لتتطور بطريقة صادمة إلى تسريب المواضيع قبل وصولها إلى مراكز إجراء امتحانات البكالوريا". وشهدت بكالوريا 2016 زلزالا من الفضائح بتسريب مواضيع العلوم الطبيعية والفرنسية والتاريخ والجغرافيا في عدة شعب على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء حيث تداولت مواقع التواصل الاجتماعي نماذج الأسئلة ابتداء من منتصف ليلة الاثنين وفقا لتأكيدات مترشحين نظاميين وأحرار قبل أن تعترف وزارة التربية رسميا بذلك وتعلن ملاحقتها "للمتسببن في ذلك ومتابعتهم قضائيا". وبهذه التطورات تكون بكالوريا السنة الجارية قد أخذت منعرجا آخر يشبه ما عاشته الجزائر سنة 1992 حينما شهدت تسريب مواضيع البكالوريا قبل إجرائها وهو ما أدى إلى الإطاحة بوزير التربية آنذاك علي بن محمد. وفي هذا الصدد أوضح النائب حماني أن" أعضاء من الغرفة السفلى للبرلمان ينتمون إلى أحزاب سياسية متنوعة، قد فوّضوا الزميل، حسن عريبي، لتقديم اللائحة المطلبية بصفة رسمية إلى رئيس مجلس النواب محمد العربي ولد خليفة والوزير الأول عبد المالك سلال مع التمسك بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية وحكومية لكشف ملابسات مهازل قطاع التربية. وأبرز المصدر ذاته أن نواب البرلمان "لا ينبغي لهم أن يكتفوا بموقف المتفرج إزاء المأساة التي تضرب قطاعاً حيوياً تقوم عليه تنشئة الأجيال وتُبنى عليه أسس الأمة الجزائرية، ولأننا لا نرضى بما يحاك ضد أمننا القومي من مؤامرات أغلبها مصدرها فرنسا وأذنابها، فإننا قررنا تحمل مسؤولياتنا أمام التاريخ إلى حين إعادة الاعتبار لقطاع التعليم في الجزائر". ويخول القانون الجزائري لنواب البرلمان تشكيل لجنة تحقيق برلمانية إذا قدّر هؤلاء أن أمراً معيناً في أي قطاع، يتطلب التحقيق فيه غير أن تقارير لجان سابقة قبرتها الحكومات المتعاقبة ولم تكشف فحواها للرأي العام وفق ما تقتضيه التشريعات المعمول بها. وتحركت أمس النيابة العامة في عدّة ولايات وأمرت فرقا أمنية متخصصة بالتحقيق في الصفحات التي تكون وراء عملية تسريب الامتحانات قبل إجرائها بعدما تداول نشطاء نماذج الامتحان الرسمي على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أوقع المترشحين لاجتياز البكالوريا تحت الصدمة. واستذكر الجزائريون قضية الاستقالة الشهيرة لوزير التربية والتعليم علي بن محمد مطلع التسعينيات من القرن الماضي، إثر تسريب أسئلة امتحانات البكالوريا وفهم المعني وقتها أنه يتعرض لمؤامرة من الناقمين على التوجه الذي رسمه حينئذ بشأن توسيع تعليم اللغة الإنجليزية وإعطاء الأهمية للغة العربية في مناهج التعليم. وفي خطوة جريئة وغير مسبوقة في ذلك الوقت قرر علي بن محمد الاستقالة من منصبه متهما دوائر نافذة بمحاولة إسقاطه. وأمام هذه الضجة دافعت بن غبريت أمس عن الإجراءات التي اعتمدتها السلطات "لتأمين ومراقبة الامتحانات الرسمية لأطوار التعليم" حيث تقرر هذه السنة استخدام أجهزة التشويش على استعمال الاتصالات الهاتفية والإلكترونية بالتعاون مع وزارات التربية الوطنية والداخلية والدفاع. واتهمت عضو الحكومة الجزائرية "أطرافًا تضمر الشر للجزائر لضرب استقرارها عبر بث البلبلة للتشويش على أبنائنا المتمدرسين إذ يقوم المتربصون بعد توزيع الأسئلة بتصوريها وتوزيعها عبر صفحات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي". واعتبرت ذلك مؤامرة كيدية تستهدف وفق تعبيرها ضرب الحكومة واستقرار البلاد، مرددة الخطاب الرسمي للسلطة التي تواجه حسب تصريحات كل الوزراء "أطرافاً معادية تحرض على زعزعة استقرار الدولة".