باريس تشتكي من ضعف تكوين الأئمة العرب كشف مجلس الشيوخ الفرنسي مؤخرا عن تقرير خاص كان ثمرة تحقيق لستة أشهر حول مكانة الإسلام في فرنسا وتمويله وأماكن العبادة ومدى استقلالية الأئمة وكذا حجم الجالية المسلمة، وهو التقرير الذي كشف عن انشغالات فرنسا الرسمية فيما يتعلق بالإسلام أبرزها كيفية فصل الدين عن الدولة وإنهاء ما وصفته بهيمنة القنصليات لكل من الجزائر والمغرب وتركيا على الإسلام. التقرير المعنون ب«من الإسلام في فرنسا إلى إسلام فرنسا" كان هدفه حسب أعضاء اللجنة ال 23 المعدة له رفع الأحكام المسبقة عن ثاني أكثر الديانات انتشارا في فرنسا وعرض كل الحقائق الخاصة بهذه الديانة. وجاء في التقرير أن حجم الجالية المسلمة في فرنسا يشارف على بلوغ 7 ملايين مسلم لكن الخلل الأكبر في تسيير هذه الجالية هو غياب جهة موحدة تمثل الإسلام والمسلمين في فرنسا ووجود انفصال بين تمثيليات هذه الجالية. وفي السياق ذاته انتقد التقرير هيمنة جهات خارجية أجنبية على الإسلام في فرنسا ممثلة في قنصليات الجزائر والمغرب وتركيا، حيث طرح التقرير مسألة التمويل وتوزيع الأئمة، وكشف أن تمويل الإسلام في فرنسا يقارب ال12 مليون أورو سنويا، وقد ساهمت الجزائر في 2016 في تمويل مسجد باريس ب2 مليون أورو خارج مستحقات الأئمة ورواتبهم وعددهم 120 أماما. فيما قدم المغرب 6 ملايين أورو للهيئة مقابل عدد أقل من اأئمة لا يتجاوز ال30 أماما. أما تركيا التي تعد الأعلى من حيث عدد الأئمة المنتدبين في فرنسا ب151 إماما فقد تركت التمويل مفتوحا. وبالنسبة للسعودية فقد انتدبت 14 إماما وقدمت تمويلا ب3.7 ملايين أورو. يوزع ال301 إمام أجنبي على 2500 مكان عبادة خاص بالجالية المسلمة في فرنسا. وفيما يتعلق بعمل الأئمة الأجانب في فرنسا اشتكى معدو التقرير من ضعف مستوى هؤلاء خاصة فيما يتعلق بإتقان اللغة الفرنسية ومعرفتهم بالوضع السياسي والثقافي للمجتمع الفرنسي وهي أمور توليها السلطات الفرنسية اهتماما كبيرا رغم أنها لا تهتم بالإسلام لكنها توقع اتفاقيات مع دول أجنبية لانتداب الأئمة. وحول هذه النقطة طرح التقرير إشكالية فصل الدين عن الدولة لسد ثغرات عديدة تتعلق بمكانة الإسلام في فرنسا وإنهاء عهد من التناقضات دام ثلاثين عاما. وأبرز التقرير أن الفيديراليات المسلمة الثلاث والمتمثلة في مسجد باريس وليون وإيفري تبين أن الجالية المسلمة لاتزال مرتبطة بشدة ببلدها الأصلي في وقت يوجد انفصال بين تمثيليات الجالية المسلمة في فرنسا. وأكد التقرير على جهود فرنسا في تخفيف ضغط الدول الأجنبية عبر قنصلياتها على مسألة الإسلام في فرنسا، وشدد أيضا على ضرورة العمل على الكشف والوقاية من التطرف واحترام الإئمة عددا من الالتزامات على غرار مسألة التعذيب والإعدام وفقا للقانون الفرنسي، وأعرب معدو التقرير عن الحاجة إلى تطوير تكوين الأئمة في فرنسا. وحول طبيعة الإسلام الذي ينتشر في فرنسا تساءل التقرير عما يحقق الافضل لفرنسا في ترك تسيير الاسلام للجالية ام وضع الدولة يدها عليه لمنع نشر التطرف. وفي هذا السياق اقترحت اللجنة البرلمانية التي تكفلت بالتحقيق حول الإسلام في فرنسا تشديد الرقابة على مدارس المسلمين الخاصة التي يبلغ عددها ال49 مؤسسة تستقطب 5 آلاف تلميذ.