أبدى تقرير برلماني فرنسي ”امتعاضه” لتأثير الجزائر ودول أخرى، على مسلمي فرنسا عبر الجمعيات الدينية والمساجد، متسائلا عن مدى استقلالية ما يعرف ب”إسلام فرنسا” عن الجزائر. أظهر أمس مجلس الشيوخ الفرنسي هواجس حول مدى استقلالية ما يعرف ب”إسلام فرنسا” عن الجزائر، التي تسير مسجد باريس الكبير وأيضا عن المغرب وتونس، حيث اعتبر التقرير أن نفود هذه الدول يتمثل في التمويل وإرسال الأئمة وتكوينهم في فرنسا، وسلط الضوء على غموض دور الدولة الفرنسية وعلى غياب معلومات رسمية حول عدد الفرنسيين الذين يدينون بالإسلام، حيث تشير الإحصائيات القليلة الموجودة، إلى أن عدد مسلمي فرنسا هو أربعة ملايين وسبع مئة ألف، أي أن فرنسا تحتضن أكبر عدد من المسلمين في أوروبا؟، معبرا عن امتعاضه لتأثير الدول الأصلية كالجزائر والمغرب وتركيا على مسلمي فرنسا عبر الجمعيات الدينية والثقافية والمساجد وعبر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. في المقابل، أشار تقرير مجلس الشيوخ حول تنظيم وتمويل الديانة الإسلامية وأماكن العبادة الخاصة بالإسلام بفرنسا، والذي استمع إلى 115 شخص خلال 79 ساعة، من بينهم سفير الجزائر عمار بن جامع، إلى أن الجالية المسلمة بفرنسا تبقى مرتبطة بوطنها الأم خاصة الجزائر والمغرب وتركيا، وهي البلدان التي عادة ما تقوم بتمويل المساجد وتنظيم أماكن العبادة الخاصة بالدين الإسلامي الذي يعد ثان ديانة بفرنسا، وأكد أن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي أنشئ سنة 2003 ”يعاني من الضعف” يميزه ”غياب للتمثيل الديمقراطي”. وتابع المصدر فيما يتعلق بالمساهمات المالية المخصصة لمساجد فرنسا من قبل بعض البلدان من بينها الجزائر، التي أنفقت 12 ملايين أورو، ودفعت لمسجد باريس مليوني 2 أورو، علاوة على أجور 120 إماما، حسب الأرقام التي قدمها السفير الجزائري، بينما ساهم المغرب ب6 ملايين أورو، من بينها أجور 30 إماما، في حين قدمت العربية السعودية 3.8 مليون أورو منذ 2011، أما تركيا فيتعلق الأمر بمساهمة غير مباشرة من خلال تخصيص أجور ل151 إماما. وأوصى التقرير البلدان الأصلية بتحويل إجمالي التمويلات عبر مؤسسة الأعمال الإسلامية بفرنسا، من أجل معرفة مسار مساعدات كل دولة نحو الجمعيات التي تقوم بتمويلها، مشيرا إلى عدم إمكانية معرفة التمويلات التي تأتي من الخواص الأجانب. وعن تكوين الأئمة، ذكرت البعثة التي انتقلت إلى مناطق مختلفة بفرنسا، بالإضافة إلى لندن والرباط والجزائر، أن الأئمة العاملين بالخارج وتكوين الأئمة الفرنسيين يعد إجراء بديلا، في انتظار الأئمة المكونين بفرنسا على أساس موحد ومكيف مع السياق الفرنسي، واعتبرت أنه يتعين على معاهد التكوين إنشاء مجلس علمي موحد يتكفل بتحديد برنامج مشترك، مقترحا على الطلبة الأئمة ثلاثة حلول رئيسية للتكوين، الاول المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، ومعهد الغزالي التابع لمسجد باريس، ومعهد محمد الخامس بالرباط الذي يموله المغرب. وتعقيبا على التقرير البرلماني تساءلت صحيفة ”ليبراسيون” الفرنسية إن كان يجب إعادة النظر في قانون عام 1905 الذي ينص على فصل الدين عن الدولة؟، وقالت إنه بخصوص هذه النقطة تبدو اللجنة المكلفة في مجلس الشيوخ الفرنسي حذرة. وأشارت ”ليبراسيون” إلى أنه بحسب هذه اللجنة، فإن قانون عام 1905 لا يساعد على الاندماج الناجح للإسلام في فرنسا، حيث في الواقع الدولة لا تملك حرية التصرف من أجل دعم جهود المحيط المسلم، وأوضحت أن ذلك هو الحل في قضية تدريب الأئمة الشائكة التي تمثل تحديا كبيرا في السنوات القادمة.