يشرح مسؤول العلاقات العربية بالمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية"حماس"، أسامة حمدان، الذي يزور الجزائر في جولة للقاء الأحزاب السياسية، في حواره الذي جمعه مع يومية "البلاد"، الوضع في فلسطين، وبالأخص في القدس وقطاع غزة المحاصر، في ظل استمرار التصعيد من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي يواصل عمليات الاستيطان و اقتحام المقدسات الفلسطينية واعتقال المواطنين، إلى جانب انعكاسات التطورات الأمنية والسياسية التي تشهدها دول الجوار والعالم على القضية الفلسطينية و على توجهات الرأي العام الإقليمي والعالمي. -غلق معبر رفح دعم لإسرائيل.. ومن يظن أن إغلاقه يجعلنا نتراجع عن المقاومة فهو واهم -الثورة الجزائرية نموذجنا لتحرير فلسطين.. وهذا ما ننتظره من جزائر 2016 -إسرائيل استولت على 62 بالمائة من أراضي الضفة الغربية لإسكان 600 ألف مستوطن في 2016 -سنشارك في الانتخابات البلدية رغم أن أبو مازن خرق الدستور وقرر تنظيمها دون مشاورتنا -بعض الدول العربية تنظر إلى مقاومة حماس على أنها عبء أهلا بك أستاذ أسامة حمدان في بلدك الثاني الجزائر.. دعني أولا أسألك عن واقع البيت الفلسطيني وبالأخص الوضع في المسجد الأقصى وقطاع غزة ؟ لا شك أن الوضع الراهن في فلسطين هو مشهد يواصل فيه الكيان الإسرائيلي عدوانه على الشعب الفلسطيني، سواء من خلال مواصلة الاعتداء على مدينة القدس والمقدسات ومحاولة تقسيم المسجد الأقصى، ليكون جزءا منه للصهاينة وهو يحاول أن يستولي على ما مساحته نصف المسجد الأقصى، وإدخال المستوطنين والمتطرفين إلى المسجد الأقصى للقيام بشعائر دينية، و يقوم أيضا بقمع انتفاضة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، إلى جانب سعيها لفرض منطق" لا وجود لحل سياسي لقيام دولتين "فلسطين- إسرائيل " في المنطقة، بل هناك مشروع إسرائيلي باتجاه تطبيع العلاقات مع المنطقة العربية ومن ثم على العرب أن يستوعبوا انه ليس مطلوبا من الإسرائيليين التسليم بوجود حق بقاء الفلسطينيين.. في المقابل هناك جهد فلسطيني في المقاومة سواء في غزة أو في الضفة الغربية وهي المقاومة التي نرى أنها تتطور بشكل نعتقد أنه مناسب.
تتحدثون عن مشروع لإطلاق المقاومة في الضفةالغربية...هل يتم التحضير لها بالتنسيق بين حركتي" حمس وفتح" ؟ لقد شهد العالم على مدار ال8 الأشهر الأخيرة حراكا فلسطينيا شعبيا لمواجهة الاحتلال والاستيطان ولا يزال هذا الحراك ربما دون مستوى الفلسطينيين في الانتفاضة الأولى والثانية ولكن نحن نعتقد بأن هذا الحراك من شانه أن يتطور، لان المقاومة أثبتت نجاعتها في فرض منطقها على الاحتلال الذي لا يحترم وعوده.
هل تكثيف عمليات الاستيطان سبب انتفاضة الفلسطينيين في الضفة؟ نعم لأن الوضع خطير في الضفة، حيث تم تسجيل 600 ألف مستوطن في الضفة الغربية سنة 2016، استولوا على 62 بالمائة من مساحة أراضي الضفة التي نهبها الكيان الصهيوني وهو ما يمثل معدل 10 أضعاف بعد مرور 25 سنة على معاهدة أوسلو، بعدما كانت عام 1993 لا تتجاوز ال7 بالمائة و تحصي تواجد 70 ألف مستوطن سنة1993، و أحيطكم علما بأن وزير الحرب الإسرائيلي ليبرمان يسعى لتشييد أسوار على مساحة 70كلم من أراضي المنطقة بغرض عزل المناطق الفلسطينية وفصل البلدات والمدن الفلسطينية في الضفة الغربية.
هل الحفريات الإسرائيلية مستمرة في المسجد الأقصى؟ لاسرائليون يخططون للاستيلاء على المسجد الأقصى أو جزء منه، لم يعودوا يتحدثون لا عن حفر الأنفاق ولا عن إقامة شعائر تحت المسجد الأقصى، ولا أخفيكم علما بأن الوضع حقا خطير ويستدعي موقف موحد للعرب والمسلمين يقول لإسرائيل إن المساس بالمسجد هو اعتداء على هذه الأمة بأسرها.
ما تقييمكم لوضع غزة تحت الحصار الإسرائيلي؟ أود أن أعلمك بأن الاحتلال الصهيوني يضيق الخناق على قطاع غزة بهدف صناعة حل للقضية الفلسطينية يقوم على منطق الأمر الواقع، وهو ملخص يتضمن تهويد كامل لمدينة القدس.
"حماس وفتح".. الإخوة الفرقاء لم تتوصلوا إلى حل توافقي فكيف تطمحون إلى استقطاب الرأي العام الدولي لدعم القضية الفلسطينية؟ محقة، منطق صحيح الذي ذكرتيه ولا يختلف فيه اثنان، دائما الوحدة في مواجهة الاحتلال ضرورة وليست اختيارا ولذلك نحن منذ البداية رفعنا شعار واضح "لابد من وحدة للشعب الفلسطيني، وإن كانت اجتهادات سياسية مختلفة "، وسأكون صريحا معكي، توجد مشكلتان تحولان دون المصالحة أولهما ضغوطات خارجية كبيرة إقليمية ودولية تمنع هذه المصالحة و قد سمعنا من أشقائنا عبارات تقول "إن مثل هذه المصالحة إذا وقعت فإن الدول المانحة سوف تقطع المساعدات، وأيضا تقول "إن وقعت المصالحة إسرائيل سوف تحاصر رام الله كما هو الوضع في قطاع غزة". كما لا يخفى عليكم التهديد الذي وجهه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي للرئيس محمود عباس بتخييره بين العلاقة مع حماس أو مع إسرائيل، ومع الأسف يجري الاستجابة لهذه الضغوط. أما نحن على مستوى حركة المقاومة الإسلامية فقد رفضنا هذه المساومات.
التخوف الإسرائيلي مفهوم ولكن لماذا ترفض الدول العربية توحد الصف الفلسطيني؟ الولاياتالمتحدة تدعم موقف إسرائيل في كل ما تفعله وبالتالي تضغط على دول كثيرة ليكون لها دور في تعطيل المصالحة الفلسطينية.
هل تحملون محمود عباس مسؤولية فشل استئناف المصالحة مع فتح؟ دعيني أقولها صراحة "طول مدة الانقسام أوجدت شيئا من الخلل في الثقة، نحن وقعنا اتفاقا واضحا في2011 فيه حلول لكل المشاكل، وكن حتى اليوم تجري عملية عرقلة لتجسيد هذا الاتفاق في قضايا ذات طابع إشكالي على غرار نريد تشكيل حكومة وحدة وطنية، يأتي أبو مازن فيقول أنا أوافق على ذلك ولكن أنا من أحدد من اختار من الفصائل، الفصائل تقول إن الحكومة تعني أن تسمي الفصائل مرشحين في الحكومة يمكن لرئيس السلطة أن يعترض على اسم، ولكن لا يعني هذا أن يختار ويحدد من الفصائل من يريده في الحكومة أو أن يقول "أنا لا أريد أسماء قيادية في الحكومة من حماس أو من الجهاد لأنها متهمة بالإرهاب في أمريكا أو أوروبا، هذا المنطق بأن تخضع الحكومة للمعايير التي يريدها الأمريكي أو الأوروبي أو الإسرائيلي أمر مرفوض. ونحن على مستوى حماس قدمنا تنازلات كبيرة من أجل تحقق المصالحة وقد قبلنا أن لا يكون رئيس الوزراء من حركة المقاومة الإسلامية، رغم أننا نملك الأغلبية في المجلس التشريعي وقبلنا بأن لا نكون الأغلبية في الحكومة، رغم كل هذا أبو مازن خرق الدستور وتجاوز كل الاتفاقيات بدعوته للانتخابات البلدية دون إعلام باقي الفصائل على غرار حماس، لكن نحن رحبنا بالمبادرة وسنشارك فيها ونحن نحضر لها بالتنسيق مع فتح، و ما زلنا ننتظر أن يقرر وفد فتح الذي انسحب من لقاء قطر العودة للمفاوضات فنحن نرحب بها في أي لحظة.
هل هذا يعني أنكم ستشاركون في الانتخابات البلدية؟ نحن نحضر للانتخابات البلدية المقررة في ال8 أكتوبر القادم والتي ستجري في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، ودون شروط لأننا معنيون بدفع الأمور نحو الأمام ولنؤكد للجميع أن المصالحة مستمرة، ونأمل أن تتم هذه الانتخابات في شفافية حقيقية و في مصداقية، رغم تسجيلنا في الأيام الماضية لبعض الشوائب، ولكن نحن حريصون على أن تكون البيئة السياسية الفلسطينية ذات طابع ديمقراطي وأن تكون الديمقراطية سلوكا عميقا لدى الشعب الفلسطيني الذي يقرر اختيار القيادة ومن يمثله، لا سيما وأننا نواجه احتلالا ولابد أن تكون قيادة تحظى بثقة الشعب والشارع الفلسطيني.
الأنفاق ومعبر رفح وغيرها... ملفات تلغم الأجواء مع الطرف المصري، هل من حل في الأفق؟ أقول يجب أن نفرق بين مسألتين... توجد أنفاق تتعلق بعمل المقاومة وهناك أنفاق ذات طابع تجاري، تعمل على تخفيف الحصار عن الشعب الفلسطيني من خلال نقل البضائع وما يحتاجه الفلسطينيون، وأود أن أقول أن الأنفاق التي تتعلق بالمقاومة" أنفاق سرية لا يعرفها الاحتلال ولا غيره، ربما اكتشف بعضها خلال المواجهات والعمليات التي استخدمت ضد قواته في عام 2014، لكن الإسرائيليون كلما يحاولون ان يكتشفوا الأنفاق يخفقون لأنه حتى الآن لا توجد آليات أو تقنيات تمكن من اكتشاف الانفاق، والمجاهدون لا يزالون يحفرون الانفاق بشكل نعتقد أنه مناسب وإن شاء الله سيكون له دور في تطوير فعل المقاومة. أما فيما يتعلق بالأنفاق التجارية، فإننا نستعملها لكسر الحصار، ولا شك أنها كانت معروفة لأنه يتم من خلالها ادخال البضاعة وما إلى ذلك. و قد تمكن الاحتلال بالتنسيق مع نظام السيسي من إغلاق نسبة كبيرة من الأنفاق، المؤسف أننا طبعا نحن نتطلع دائما إلى أن يكون من يسندنا في مواجهة الاحتلال أشقائنا العرب والأولى منها جيراننا، من الطبيعي أن يؤذيك الاحتلال هو سلوكه كله مؤذي للشعب الفلسطيني، لكن غير الطبيعي وغير المفهوم وغير المقبول أيضا أن يأتي الأذى من أشقائنا العرب ومن جيراننا على وجه الخصوص، ومن المفروض أن يكون تسيير معبر رفح"عربيا عربيا"الفلسطينيون على جانب والمصريون على الجانب الآخر، ويفترض أن يقال بوضوح كامل نحن نرفض التدخل الإسرائيلي في معبر رفح.
السيسي صرح منذ أيام فقط أن معبر رفح يُفتح بطلب من الرئيس الفلسطيني محمد عباس، ما تعليقكم؟ هذا تصريح بإشكاليتين أولا هو معبر ومن المفروض أن يكون مفتوحا ولا يحتاج إلى طلب، لأنه معبر يوجد بين دولتين جارتين. أما المسألة الثانية فإن هذا التصريح محاولة لاتهام أبو مازن، أنه هو من يحاصر قطاع غزة، معنى ذلك أن إغلاق معبر رفح مستمر لأن أبو مازن لم يطلب أو لم يرغب في الفتح، ومن المفروض أن يوضح محمد عباس هل هو شريك في حصار قطاع غزة، وهل هو شريك في إغلاق المعبر.
وهل تتوقعون أن يبقى المعبر مغلقا حتى في وجه الحجاج هذه السنة ؟ حتى اللحظة لا يوجد ما يؤكد أن المعبر سيفتح للحجاج، هناك إشاعات تتحدث عن فتح المعبر امام الحجاج على مدار ثلاثة أيام ونحن نأمل أن تكون صحيحة، رغم ذلك لا زلنا نواصل الجهود مع الجانب المصري لفتح معبر رفح بشكل سليم، لكن يؤسفني أن أقول إن هذه الجهود حتى الآن، لم تحقق أي شيء منذ مطلع عام 2016، نحن نتكلم عن 8 أشهر تقريبا، 240 يوما فتح معبر رفح خلالها 21 يوما فقط، وهذا الرقم لا يكاد يذكر إذا تحدثنا عن وجود مليوني شخص في قطاع غزة، 13 ألف حالة مرض تحتاج إلى السفر خارج غزة للعلاج في الخارج.
هل ترون أن نظام السيسي يعاقبكم، لا سيما بعد إدراج جماعة الإخوان المسلمين في قائمة الإرهاب وأنتم محسوبون عليها؟ مشكلة المعبر هي مشكلة قائمة قبل مجيء نظام مرسي، وبالتحديد في عهد حكم حسني مبارك، لكنها كانت أقل حدة، إذ كان المعبر يفتح 10 مرات في الشهر. ومن جهة أخرى إذا كانت هناك أزمة داخل مصر بين أطراف سياسية ما علاقة الفلسطينيين وما علاقة حماس، نحن لدينا علاقات مع كل الحركات السياسية المصرية وليس مع الإخوان فقط، لو اشتبكوا مع الناصريين والقوميين بعدها، يقولون إن حماس لديها علاقة بهذين الحزبين ثم يعاقب الشعب الفلسطيني، هذا منطق غير مقبول، فلا يصح عكس الخلافات الداخلية المصرية على القضية الفلسطينية. أوضح أن العلاقات الثنائية مع مصر بعد مجيء السيسي هي دون المستوى المطلوب ودون الطبيعي، مصر دولة في الجوار ودائما من يكون في الجوار يجب أن تكون العلاقة معهم في أفضل صورها، مع الأسف ليست هذه هي الحالة، هناك أزمات داخلية تؤثر على الوضع ولكن أعتقد أنه يجب أن يكون هناك فصل في الأزمات الداخلية، ويجب أن تكون العلاقات الثنائية علاقة دعم وعلاقة تأييد لمواقف الشعب الفلسطيني المقاومة للاحتلال. وأقول إن غلق معبر رفح دعم لإسرائيل.. ومن يظن أن إغلاقه يمكن أن يؤدي إلى تراجع موقف حماس في الاستمرار في المقاومة فهو واهم، حركة حماس عندما اختارت المقاومة، اختارتها عن وعي واختارتها وهي تدرك أنها خيار الشعب الفلسطيني وأبرز مثال على ذلك الانتخابات التي حصلت عام 2006، كنا في انتفاضة من 2000 إلى 2005، خسر فيها الفلسطينيون شهداء وجرحى وأسرى وجاءت الانتخابات في 2006 واختار الشعب المقاومة لأنه أدرك أن المقاومة هي الحل الوحيد لدحر المحتل الإسرائيلي وهو المؤشر المهم حول مكانة المقاومة عند الشعب الفلسطيني، أذهب بعيدا لأوضح لكي أن الفصائل الأخرى التي حققت مقاعد لم تستطع أن تحقق هذه النسبة من المقاعد لو لم يكن للذين تقدموا للانتخابات تاريخ في المقاومة ضد الاحتلال.
ألا ترون أن الوضع الذي تشهده المنطقة من حروب داخلية في سوريا ولبنان والعراق وغيرها جعل القضية الفلسطينية قضية هامشية بعدما كانت مركزية؟ أنا أعتقد أنه حتى هذه القضايا التي تحدثتي عنها في سوريا وغيرها، الداعمين للكيان الصهيوني وتحديدا الولاياتالمتحدة والغرب، يثيرون عمدا هذه النزاعات ويصبون عليها الزيت لأنهم أدركوا أن هذه النزاعات من شأنها أن تلهي الأمة عن قضيتها المركزية، وبالتالي تدع جراحات هذه الأمة تكبر، نحن نقول إنه رغم هذه الجراحات، يجب أن لا ننسى ان القضية الأساس هي قضية فلسطين، ليس لأن الفلسطينيين أو أرضهم مميزة ولكن لأنها قضية أمة ومثل هذه النزاعات هي من تكرس إسرائيل القوة الأكبر في المنطقة، فإذا تحقق ذلك سيكون خطرا على الأمة كلها وليس على فلسطين فقط. أيام الاحتلال البريطاني وعلى مدار 30 سنة قمع الفلسطينيين وبنى قوة عسكرية للكيان الإسرائيلي ثم خلفه الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948 إلى اليوم، ورغم أنه حقق انتصارات عسكرية لكنه في المحصلة لم يستطع أن يهزم الشعب الفلسطيني و لا يزال الشعب حتى اليوم مقاوم بعد أكثر من 66 سنة من الاحتلال. كما أن تجربة الجزائر تقول إن أي شعب يستمر في المقاومة سيصل إلى التحرير، ونحن نرى أنه ما دامت المقاومة مستمرة نحن على أبواب التحرير إن شاء الله.
ولكن هل أثرت هذه الأحداث صراحة على القضية الفلسطينية؟ للأسف في ظل هذه الأزمة، البعض يذهب للتطبيع مع إسرائيل وهذا يؤثر على المقاومة الفلسطينية، البعض بات ينظر للمقاومة على أنها عبء، وتركت أثرا على حماس لأن البعض يحاول أن يحدد حماس معه آو ليست معه، وهي إذا كانت على علاقة جيدة مع بعض خصومه، هي إذن ليست معه، أنا أقول يجب أن نخرج جميعا من هذه الأزمة. نحن أمام خيارين إما نستغرق داخل هذه الأزمة ونحن أمام حروب وفتن في الأمة تستمر أكثر من 30 عاما وفي النهاية لن يكون فيها منتصر، وإما أن نقول إنه يوجد عدو واحد هو الكيان الصهيوني، يجب أن توجه كل الطاقات لمواجهته، إذا نجحنا في هذه النقطة أعتقد سننجح في الخروج من أزماتنا الداخلية.
ما تعليقكم على تطبيع العلاقات بين تركيا والكيان الصهيوني؟ بلا شك لا يمكن أن نؤيد التطبيع مع الكيان الصهيوني بأي شكل من الأشكال... ونحن نعتقد أن جزءا من مقاومة الكيان الصهيوني مقاطعة التعامل معه، لكن نقدر أيضا أن الدول لديها اعتباراتها، وبالتالي نحن حريصون على أن نطور العلاقات الفلسطينية التركية إلى مستوى يكون لتركيا دور أكثر تأثيرا لصالح القضية والشعب الفلسطيني، الأتراك يبذلون جهدا كبيرا في إطار تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني على المستوى الإنساني وعلى مستوى المساعدات وعلى مستوى الإغاثة، لكنه دور لا يزال محدودا في القضية الفلسطينية، ونعتقد أنه لو تكاثفت الجهود العربية والإسلامية اتجاه القضية الفلسطينية، سوف نحقق مسألتين:
1-تحقيق حصار حقيقي على إسرائيل "اقتصادي وسياسي" 2-وهم أيضا يستطيعون تقديم موقف سياسي حقيقي للفلسطينيين وهذا سوف يؤدي إلى تحقيق إنجازات، و نحن نسير سيرا حثيثا لتطوير العلاقة مع تركيا، وهي الآن تأخذ بعدا إيجابيا وممتازا، ونأمل أن نصل بهذه العلاقة إلى المستوى الذي يكون لتركيا دور أكبر وأكثر تأثيرا على إسرائيل لدعم الشعب الفلسطيني.
أردوغان فرض على الجانب الإسرائيلي بعض الشروط تخدم الجانب الفلسطيني، هل تثمنون موقفه؟ لا شك أن الطموح التركي كان أكبر مما تم فرضه ونحن سمعنا ذلك من الجانب التركي صراحة، كان لديهم شروط أعلى، لكن عوامل السياسة أدت إلى الشروط التي أعلنت، لا شك أن هذه الشروط تخدم الشعب والقضية الفلسطينية، لكن تجربتنا مع إسرائيل أنها تكذب ولا تفي بالوعود، وهنا أمل أن يكون الموقف التركي موقفا فاعلا لتنفيذ هذه الشروط وتطبيقها، وإذا حصل إخلال إسرائيلي بها أيضا نأمل أن يكون للأتراك موقف حازم.
علاقاتكم مع حليفكم حزب الله اللبناني، كيف هي؟ عدونا المشترك هو الكيان الصهيوني وعلاقاتنا جيدة، رغم أنه حصل تباين في وجهات النظر اتجاه بعض ما يجري في المنطقة، لكن هذا لا يفسد علاقتنا مع عناصر المقاومة ولا يمكن لأحد إنكار تاريخ المقاومة الذي كان قائما بين حماس وحزب الله، نعتقد أن علاقتنا جيدة وتسير بما يرضي الطرفين.
العالم العربي مقسوم إلى قطبين "شيعي وسني"، ألم يؤثر هذا على علاقتكم مع حزب الله وإيران؟ العدو الواضح للأمة الإسلامية هو الكيان الصهيوني وأي محاولة لصناعة أزمات جديدة من شأنها تقوية الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية وبالتالي تصبح قادرة على التصرف خارج حدود فلسطين وتتمدد وقد سبق له وأن تمدد. نعم هناك أزمات في الأمة قديمة وممتدة في التاريخ، وهناك مكونات لهذه الأمة يجب أن نجد الصيغة التي تجعل مكونات هذه الأمة قادرة على العيش سويا دون صراع داخلي.
معادلة صعبة الحفاظ على حبل الود مع الجيران الأعداء " إيران، السعودية وحزب الله، أليس كذلك؟ حقيقة انا أتعجب ممن يدعو للحوار مع الكيان الصهيوني. فيما لا يجد فرصة للحوار مع شقيقه.
هناك خلاف في الموقف بين حماس وإيران بخصوص القضية السورية؟ نعم هناك خلاف في هذا الموقف، لكن نحن في حماس نجحنا في أن نركز على أن الصراع الأساسي مع الاحتلال، وأن وجود الاختلافات لا يجب أن يعطل الصراع مع إسرائيل، دون أن يعني ذلك أنه لا توجد حوارات ونقاشات حول ما نجد أننا مختلفون حوله.
الم يؤثر تسريب فيديو الدكتور موسى أبو مرزوق على علاقاتكم مع إيران؟ جرت معالجة هذا الموضوع ونجحنا مع الطرف الإيراني في إيجاد حل له.
هل يخدم رفع العقوبات عن ايران، المقاومة الفلسطينية؟ عتقد أنه لا زال من المبكر الحديث عن انفتاح إيجابي للغرب اتجاه ايران، ولا أعتقد أن الغرب سيمضي في هذا الاتجاه لاعتبارات كثيرة، لهذا أؤكد أن ما نعول عليها لمواجهة الكيان الصهيوني هي قدراتنا الذاتية كشعب وكأمة ووهي كافية إذا وجهت في الطريق الصحيح لتحقيق ما نريده.
هل الدعم الجزائري المادي لفلسطين كاف؟ دعيني أقول إن مواجهة الاحتلال يطلب المزيد من الدعم، لكننا نقول إنه لا يوجد تقصير من الجانب الرسمي الجزائري فهو دعم منتظم وملتزم وحتى على المستوى الشعبي، فالشعب الجزائريفلسطيني الهوى، لكن هناك طموح فلسطيني بأن يزيد الدعم، وأضيف بأن المنطقة فقدت الدور الجزائري في العشرية السوداء، لكن بعد تعافي الجزائر هناك أمل في المنطقة وليس عند الفلسطينيين وحدهم، بل عند الشعوب الأخرى في عودة الدور الجزائري الذي كان مشهودا في دعم القضية والوحدة العربية وإيجاد حلول للكثير من الخلافات. ونحن نطمح إلى دور أكثر تأثيرا للجانب الجزائري، القادر على ممارسة دور دبلوماسي سواء على صعيد المصالحة الفلسطينية أو على صعيد مقاطعة الكيان الصهيوني وعلى تحريك الموقف العربي لصالح هذه المواقف.
كلينتون أم ترامب الأقرب لقضية فلسطين ؟ أظن أن أي من المترشحين لن تكون له مواقف إيجابية اتجاه القضية الفلسطينية، ترامب يصرح علنا بكراهيته للإسلام والمسلمين والعرب، وفي حملته الانتخابية كانت مواقفه سلبية اتجاه المنطقة العربية ومن بينها القضية الفلسطينية، و هيلاري كلينتون تفاخر بعلاقتها الطيبة مع الكيان الصهيوني، لكن أنا هنا أطرح مسألة أخرى، لماذا نتوقع دائما أن الامريكان سيلعبون دورا إيجابيا اتجاه قضيتنا وننتظر أن يأتي رئيس أمريكي ويخدم القضية الفلسطينية، لماذا لا نقول إننا نحن من نخدم قضيتنا، كعرب وأننا نحن القادرون على تحقيق أهدافنا بأيدينا وإن حصل هذا، فإنه هو الذي سيحدث تغييرا حقيقيا في مواقف الكثير من الدول، ما نشهده اليوم من مقاطعة في أوروبا في أمريكا اللاتينية في إفريقيا للكيان الصهيوني للبضائع ومنتوجات المستوطنين، ومن إدراك في الغرب على مستوى الشعوب لطبيعة الكيان الصهيوني العدوانية والعنصرية والاستعمارية، هذا لم يكن سابقا، هذا جاء نتيجة لجهودنا وتضحياتنا وهذا التغيير هو جزء من عملية الدبلوماسية وحتى الجالية العربية والمسلمة في الغرب مطلوب منها أن تلعب أدوارا وأن تندمج في مجتمعاتها اندماجا صحيحا، وأن لا تتخلى عن قيمها وأن تلعب أدوارها اتجاه قضايا الأمة، لا سيما القضية الفلسطينية، وبالتالي تؤثر على الحكومات.
آخر كلمة.. رغم كل التحديات ورغم كل الآلام نحن ما زلنا نعتقد أن تحقيق النصر ممكن، بل هو قادم إن شاء الله تعالى، عدونا رغم كل الجبروت الذي يملكه يتراجع، ونحن رغم الفرق في قوتنا عن قوة العدو فإننا نحقق تقدما مكلفا من شهداء ودماء ولكن في نهاية المطاف نحقق تقدما حقيقيا يثبت الحق الفلسطيني ويدفع العدو إلى التراجع، في هذا الصراع الأمة وقفت إلى جانبنا، وكان لها دور كبير في دعم المقاومة الفلسطينية، والشعب الجزائري كان له دور في دعم القضية الفلسطينية والحكومة الجزائرية أيضا، المطلوب اليوم المزيد من الدعم، والمزيد من التأييد لهذه القضية، لأنها قضية عادلة وناجحة، هناك إنجاز على الأرض