يسير حزب جبهة التحرير الوطني نحو صراعات متجددة على مختلف الأصعدة تغذيها الخلافات الدائرة داخل المجلس الشعبي الوطني بين النواب الغاضبين على الأمين العام للحزب عمار سعداني وكتلة الموالاة التي تدعم سياسته ورجاله داخل مجلس العربي ولد خليفة. وتشير مصادر من داخل الحزب إلى أن السباق نفسه متجدد على تشريعيات 2017 التي يسعى البعض إلى تموقع داخل البرلمان وهياكله، وداخل الحزب، من أجل إعادة الترشح، وإعادة استنساخ نفس الأسماء الثقيلة التي رافقت عمار سعداني خلال السنوات الماضية، أما بالنسبة للتيار المعارض الذي يقوده الوزير الأسبق عبد الرحمن بلعياط، فيعتبر أن خلافات النواب داخل المجلس الشعبي الوطني مع الأمين العام للحزب ليست ذات شأن كبير، وأن مسار القيادة الموحدة ومعارضي الأمين العام ليس نفسه مسار نواب البرلمان الذين يعتبرون بشرعية سعداني أمين عام لكنهم يختلفون حول توزيع الغنائم تحت قبة البرلمان، وأن النواب الموالين لجماعة عبد الرحمن بلعياط غير معنيين بتلك الهوشة الحاصلة التي تعتبر أمر آخر بالنسبة للقيادة الموحدة، لكنها تصب دائما في صالحهم. ومن الواضح جدا أن حزب جبهة التحرير الوطني يسير منقسما على أكثر من جبهة إلى الانتخابات التشريعية القادمة، بخلاف غريمه التجمع الوطني الدمقراطي مثلا، الذي يتجه نحو تشريعيات ربيع 2017 بخطى ثابتة وبوحدة في الصف، تمكن من أن يستمدها من العودة القوية لزعيمه التاريخي ورجله القوي أحمد أويحيى الذي أعاد للحزب قوته وصلابته رغم المدة القصيرة التي قضاها لحد الآن على رأسه مذ عودته الثانية للحزب. وتعتبر التشريعيات القادمة من أهم المحطات الانتخابية المرتقبة في أجندة أحزاب الموالاة والمعارضة على حد سواء، وفيما تستعد أحزاب التيار الإسلامي بحماس كبير لهذا الموعد الانتخابي، فإن التردد لازال يطبع أحزاب التيار الديمقراطي، التي لم تعلن عن موقف نهائي من التشريعيات القادمة، بينما من المؤكد طبعا المشاركة القوية لحزبي السلطة الأفلان والأرندي مثلما جرت عليه العادة، لكن بتعثر الحزب العتيد بسبب الخلافات التي تعيقه عن التفرغ أكثر لهذا الاستحقاق، وبخلاف ذلك فإن التجمع الوطني الديمقراطي يعمل في صمت وبثقة يراها أحمد أويحيى نفسه ضرورية لتجاوز مرحلة التشنج بينه وبين الأمين العام للأفلان الذي سبق له أن أطلق سلسلة من الانتقادات بحق أويحيى وصلت حد المطالبة بإقالته من منصبه كأمين عام للرئاسة، واعتبر المطلب أكبر تصعيد من سعداني، لكن ذلك لم يقدم للأفلان شيئا ولم يؤخر من تقدم الأرندي، وسط تخبط في القاعدة النضالية لحزب الأفلان الذي لم يتمكن من حسم خلافات قادته وكواليسه لذلك سيدخل التشريعيات القادمة بنفس الخلافات.