أشعلت الميزانية التي رصدتها الحكومة لتامين الانتخابات التشريعية في ظل أزمة التقشف وكذا إفراغ صندوق ضبط الإيرادات، إلى جانب تجميد التوظيف، النقاش داخل قبة زيغود يوسف، وصنعت مفارقات بين نواب المعارضة والموالاة في أول يوم من عرض مشروع قانون المالية 2017 للنقاش، في وقت مرت الجلسات بردا وسلاما على هيئة المجلس، حيث خفض صوت المعارضة واكتفت بتدخلات عادية. تخطت الحكومة ومعها رئيس المجلس الشعبي الوطني العربي ولد خليفة تخوفاتها من موقف الكتلة المعارضة داخل البرلمان خلال عرض مشروع قانون المالية 2017 للمناقشة، ونجحت في إحراج القطب المعارض الذي كان يحضر لسيناريو مماثل للعام الماضي، حيث إن منحها الوقت الكافي المقدر ب5 دقائق بعد تقليصه عوض 7 دقائق للنواب من أجل المناقشة بدد كل حججهم للانتفاضة، وبدت الجلسة عادية لعب كل قطب فيها دوره وفق انتمائه الحزبي، حيث كان اللافت للانتباه هو غياب كبير وسط النواب على عكس المعتاد، حيث كان جلسات قانون المالية تعرف استقطابا كبيرا وربط نائب رئيس المجلس البرلماني رابح زبار هذا الفتور بسباق التشريعيات، كما قاطع حزب الأفافاس كعادته الجلسة تعبيرا عن موقفه الرافض للقانون. وقد تراوحت مختلف مداخلات النواب التي ستدوم يومين بتسجيل 191 تدخلا بين معارض ومؤيد لمحتوى قانون المالية، وصب نواب المعارضة انتقاداتهم حول ميزانية الانتخابات 2017 التي قدرت ب 40 مليار دج في ظل أزمة التقشف، إلى جانب عدم بحث السلطة عن حلول لخلق الثروة بدل تشديد الخناق على المواطنين وتجميد فرص العمل أمامه. وفي هذا السياق، قال رئيس المجموعة البرلمانية للتكتل الأخضر يوسف خبابة إن القانون هو امتداد لقانون المالية 2016، موضحا أنه لم يحمل أي جديد بل قانون تضمن إجراءات تقشفية ثقيلة يدفع ثمنها المواطن في النهاية. واقترح النائب على الحكومة إجراء مشاورات اقتصادية واسعة مع كل الفاعلين، لأن الأزمة -حسبه- لا تحل من جهة واحدة، مشددا على أهمية إعادة النظر في سلم الأجور. وبخصوص قضية تسوية البناءات، أكد خبابة أنها جاءت بإجراءات غريبة جدا شبه مستحيل تطبيقها"، موضحا أنها تسبح عكس اتجاه الحكومة في محاولة تحصيل مبالغ مالية وقال إنها تدفع بالمواطنين وأصحاب العقارات بالتوجه إلى السوق الموازية. أما جلول جودي فأكد أن هذا القانون جاء أكثر حدة من 2016، وسيؤزم الوضع أكثر فأكثر، متسائلا عن سبب لجوء الحكومة إلى جيب المواطنين كأسهل حل لمواجهة الأزمة، في حين لم تتوجه نحو تحصيل 9980 مليار دج تهرب ضريبي، و10 ملايير دج رسوم غير محصلة لدى الجمارك، إلى جانب إعفاءات بقيمة 490 مليار للأوليغارشية. من جهته، قال بن خلاف إن الحكومة من خلال هذا القانون مستمرة في سياسة الإعفاءات المقدمة لأشباه المستثمرين دون تقديم حصيلة لهذه السياسة التي قدمت من خلالها هدية جديدة لإنشاء المناطق الصناعية على أراضي الدولة بعدما كان الأمر مقتصرا على أراضيهم فقط، مردفا قوله "كيف لحكومة أن تتغلب على أزمة اقتصادية بعدما أنهكها كيس حليب". وفي المقابل، هاجمت فوزية بن سحنون قطب المعارضة الذي تعمل على استغلال الظرف الحالي تحسبا للتشريعات المقبلة، معترفة من جهة أخرى بصعوبة الظرف الاقتصادي الحالي الناجم عن انهيار أسعار النفط في السوق الدولية، مؤكدا أن الحلول المتخذة من طرف الحكومة في إطار المخطط الاقتصادي الجديد للسنوات الثلاث المقبلة مجرد إسعافات أولية، داعيا في نقس الوقت إلى البحث عن الآليات الجديدة للحفاظ على سياسات الدعم التي نص عليها القانون. أما بهاء الدين طليبة فأشار إلى أن قانون المالية 2017 يحمل الكثير من الأمور الإيجابية، مشيرا في ذات السياق إلى دعم القانون لسياسات الدعم الاجتماعي، على غرار الصحة الذي تجاوز فيها الدعم الموجه لها وفق قانون المالية للعام المقبل أكثر من 300 مليار دج أي بارتفاع بنسبة 2,8 بالمائة. النائب الطاهر ميسوم المدعو "سبيسيفيك" عاد مجددا بتدخلاته المثيرة للجدل كعادته ولدى مداخلاته أمس اتهم مجددا الحكومة وعلى رأسها الوزير الأول عبد المالك سلال ووزرائه بمحاولتهم إرجاع الشعب إلى أيام السبعينات لاعتبار أنها لم تأخذ بعين الاعتبار آراء واستشرافات الخبراء الاقتصاديين حول الوضع الاقتصادي الذي آلت إليه البلاد. وشبّه ميسوم الجزائر بعلبة جبن يتقاسمها رجال الأموال وفي مقدمتهم "الأفسيو"، على حد تعبيره.