وزارة التجارة تحذر والصحة تتحفظ وزعيبط يلتزم الصمت
يطرح "دواء" علاج داء السكري "رحمة ربي" المروج له من قبل صاحبه توفيق زعيبط والمصنف من قبل وزارة الصحة على أنه مكمل غذائي - لا ضرر منه على صحة المرضى- تساؤلات كثيرة في أوساط المواطنين، في الآونة الأخيرة، بشأن فعاليته وعدم وجود أعراض جانبية قد ترافق مستهلكي هذا الدواء. هذه التساؤلات دعمتها معارضة قوية في الأوساط الطبية التي صنفت المنتوج على أنه مستحضر طبي غامض في تركيبته ولا يتوافق مع المعايير المخبرية المعمول بها في مجال صناعة الأدوية.وعكس ذلك، شكلت طوابير العديد من المواطنين -سواء المرضى أو أهاليهم- بمجرد الشروع في تسويق المنتوج الجديد "المعجزة" الاستثناء أمام الصيدليات بولاية قسنطينة وعبر ولايات الشرق المجاورة لها، قبل أن يتوسع التوزيع والتسويق إلى باقي ولايات الوطن، حيث سجل تهافتا على الصيدليات لاكتشاف "رحمة ربي" التي ستنهي المعاناة مع أعراض داء السكري، وفقا لما روج له، الأمر الذي دفع بالكثيرين لاقتناء أكثر من علبة واحدة رغم غلائها، إذ يقدر ثمن العلبة الواحدة ب1760 دينارا، مع غياب التعويض لدى مصالح الضمان الاجتماعي. وكانت الضجة كبيرة للحصول على "العلبة السحرية" بعاصمة شرق البلاد قسنطينة، حيث يتواجد صاحب هذا المكمّل الغذائي ويتواجد أحد أكبر موزعي وصانعي المنتوج بالمنطقة الصناعية بقسنطينة، وزاد حجم الطلب على المكمل الغذائي من باقي الولايات وكثرت التساؤلات حتى في أوساط المغتربين، نظرا إلى الدعاية الإعلامية التي قام بها زعيبط قبل بداية الإنتاج والشروع في مرحلة التسويق. .. وزارة التجارة تحذر! وفي وقت وصف فيه وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، دواء "رحمة ربي"، بأنه مكل غذائي وليس دواءً. حذرت، مساء أمس، وزارة التجارة من استهلاك دواء "RHB رحمة ربي" الموجه لمرضى السكري. صاحب المنتوج عمل على الدعاية الإعلامية لاستقطاب المرضى توفيق زعيبط القاطن ببلدية الخروب بولاية قسنطينة عمل على "البروباغندا" الإعلامية من حيث الشروع في الحديث عن منتوجه قبل استكمال مراحل التحاليل المخبرية والتصنيع، وهي الأخرى تمت بطرق ينتقدها المختصون، وقد ترتب عن ذلك حالة من الاستنفار وسط المرضى وأهاليهم، حيث صرح في وقت سابق أن "عددا من الجزائريين من كل بقاع الوطن، إضافة إلى مغاربيين وعائلات من الجالية الجزائرية في أوروبا توافدت على منزله وهو لا يستطيع تلبية طلب كل وافد"، داعيا إياهم إلى التوجه إلى الصيدليات. وأكثر من ذلك فقد صرح زعيبط في العديد من المناسبات أن "دواءه" ساهم في شفاء البعض من داء السكري، الذي عجز أطباء العالم برمتهم عن التوصل إلى دواء يحقق الشفاء النهائي من السكري. وبالمقابل، اشترط زعيبط على المرضى الإبقاء على تعاطي أدويتهم المعتادة، وبالأخص الأنسولين باعتبار أن منتوجه مكمل غذائي وليس دواء، خوفا من حصول مضاعفات، معتبرا أنه اشتق اسم "رحمة ربي" لكي يكون عربيا وإسلاميا.من جهته، كان وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفات، عبد المالك بوضياف، قد فند اعتماد المستحضر الطبي الخاص بمرضى السكري "rhb"، كدواء يتداول على مستوى الصيدليات بصفة قانونية، مؤكدا موافقة مصالحه الوزارية على اعتباره مكملا غذائيا، غير قابل للتعويض لدى مصالح الضمان الاجتماعي، ولمنح صفة الدواء لهذا المستحضر، اشترط الوزير تقديم خبرة صادرة عن مخابر دولية معروفة. إنتاج سريع لم يوافق المعايير الطبية داخل علبة "رحمة ربي" التي تباع بسعر رسمي قدره 1760 دينارا، يوجد أربعة أمشاط يحتوي كل منها على 14 قرصا غير مقسم إلى نصفين، حيث إن الأدوية عادة ما تقسم إلى نصفين من أجل السماح للأطفال باستهلاك نصف قرص، وهو ما يؤكد سرعة الإنتاج التي لم تراع الشروط والمعايير المعمول بها، كما أن الوصفة التي بداخل العلبة تحمل أخطاء لغوية لم تخضع للمراجعة من قبل المصنع. وحسب وصفة الإرشادات الموجود داخل العلبة، فتوضح استعمال "رحمة ربي" كمكمل غذائي لمرضى السكري بهدف "التخفيف من المضاعفات المرتبطة بداء السكري ليساهم بشكل إيجابي في التوازن والراحة"، ونصحت باتباع إرشادات الطبيب، في حين يستغرب الأطباء كيفية إرشاد المرضى إلى دواء لم يعرفوا تركيبته أصلا. استنكار واسع وسط المختصين والجمعيات قابله ترحاب وسط المواطنين استنكر الصيادلة ترويج "الدواء" على أنه يحقق الشفاء التام، فقد صرحت ل "البلاد" السيدة معزيز رئيسة جمعية الصيادلة بوهران بأن "رحمة ربي" لا يعدو أن يكون مكملا غذائيا، موضحة أن هناك عزوف تام من قبل الصيادلة عنه باستثناء عدد قليل لا يتعدى ثلاث صيدليات بوهران مثلا، من منطلق أنه ليس منتجا صيدلانيا وغير معترف به من قبل الهيئات العلمية. كما أن مجلس الصيادلة، وفي بيان له، دعا إلى محاربة ما وصفه بالشعوذة، وعدم خلق أي خلط بين الدواء والمواد الأخرى المتعلقة بصحة الإنسان أو المكمل الغذائي، مذكرا بالمادة 130 من المرسوم التنفيذي رقم 92-276 الصادر في 6 جويلية 1992 في شق أخلاقيات الطب، التي تنص على أن "جميع المعلومات بخصوص المواد الصيدلانية يجب أن تكون صادقة ومشروعة". من جهته، وصف فيصل أوحدة رئيس جمعية مرضى السكري الترويج للمكمل الغذائي على أنه استغلال لمرضى السكري وأنه بمثابة ممارسات تجارية لا أخلاقية وفقا لما روّج له بأنه يشفي من السكري، متخوفا من الأضرار التي قد يخلفها في أوساط المرضى، خاصة من اعتقدوا أن الدواء سيغنيهم عن الأنسولين، مما قد يدخلهم في غيبوبة أو مفارقة الحياة والخطر أكبر على الأطفال الصغار. وقد تنقلت "البلاد" إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي، حيث تحدثت إلى عدد من أطباء الطب الداخلي والمختصين في علاج أمراض الغدد والسكري وعبروا عن استغرابهم لمحاولة الترويج لمنتوج كدواء يستبدل الأنسولين وبقية الأدوية ثم يروج له على أنه مكمل غذائي يعالج السكري. والغريب وجود تركيبات مذكورة مجهولة على غرار تركيبة SOPEB التي لا يوجد لها أثر علمي معروف، وعبروا عن تخوفهم من حصول تأثيرات جانبية سلبية على القلب أو الأعصاب أو الكليتين، خاصة أن ذات المكمل الغذائي لم يمر وفق القنوات المعروفة المتمثلة في تجريبه على مستوى الوسط الطبي بعد مروره على مراحل البحث التي تدوم لسنوات وتخصص لها ما يزيد عن مليار دولار للدواء الواحد. وعلى صعيد مخالف، التقت "البلاد" بمواطنين يبحثون عن "الدواء" ولديهم شبه قناعة بالشفاء بواسطة منتوج "آر.آش.بي" الذي كان سيسوق في شكل دواء "ديابيكسين"، فقال لنا (أحمد. ب) موظف بالعاصمة إنه تحصل قبل يومين فقط على علبة، لفائدة والدته المصابة، بواسطة صاحبة محل مواد التجميل لها علاقة مباشرة بصاحب المنتوج، حيث إن البيع في الصيدليات يتم تحت الطلب وبطريقة أحيانا شبه سرية لكون ذات المنتوج غير قابل للتعويض ولا يباع بفواتير رسمية، وأضاف أحمد أن العديد شكروا المنتوج وأكدوا تحسنهم تدريجيا، على غرار السيدة عائشة من ولاية تيارت التي قالت إنها لم تتعرض لأي مضاعفات صحية وقد أصبحت تحس بتخلص تدريجي من حالة الخمول والقلق وقلة النوم. هل سينجح منتج "رحمة ربي" فيما عجزت عنه السلطات الرسمية؟ ورغم الجهود المبذولة من الجهات المختصة في مجال صناعة الأدوية، غير أن الجزائر لا تزال تسجل سنويا 15 ألف حالة جديدة للعام الرابع على التوالي. وهذا الأمر قد يستدعي متابعة دقيقة من السلطات الوصية على قطاع الصحة لمنتوج توفيق زعبيط فإن ثبت حقا أنه مريح لمرضى السكري فإن عدد الإصابات قد يتقلص، كما أن التكاليف المالية قد تتراجع بحكم أن دواء الأنسولين باهض الثمن. زعيبط لا يرد.. من جهتنا، حاولنا الاتصال بتوفيق زعيبط صاحب المنتوج لتوضيح رأيه بشأن الاتهامات التي طالته بعد التشكيك في منتوجه، غير أننا لم نتمكن من ذلك، وحتى عبر الوسائط الاجتماعية تحت تسمية "جمعية الدكتور توفيق زعيبط لإنتاج دواء السكري" لم نتلق أجوبة عن تساؤلاتنا التي رفعت للمعني لتمكينه من حق الرد.