ما قراءتكم لقرار رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة رفع حالة الطوارئ؟ يجب أن يتم هذا الأمر اليوم قبل الغد. والترسانة التشريعية موجودة في مختلف النصوص القانونية لمحاربة أي خطر ممكن أن يهدد سلامة الدولة، وبالتالي فالقرار قرار سياسي قبل أن يكون قرارا قانونيا . ؟ عمليا، ماذا تعني حالة الطوارئ، بمعنى ما الذي سيتغير في حياة الناس عندما ترفع؟ تعني العديد من المعاني أهمها إزالة الحاجز النفسي لدي العديد من الأحزاب وفعاليات المجتمع المدني.. تعني أننا أصبحنا عاديين في أعراف الممارسة الديمقراطية.. تعني أنه يمكن التعبير بكل الوسائل السلمية المتعارف عليها دستوريا.. ولذلك لا يمكن أن نتكلم عن ديمقراطية وحقوق الإنسان ونحن تحت سقف الطوارئ، فالمنطق، قبل القانون، يقتضي ذلك. ما هي القراءة القانونية لقانون حالة الطوارئ؟ بداية، يلاحظ أن حالة الطوارئ سارية المفعول منذ 9 فيفري 1992 أي منذ أزيد من تسع عشرة سنة، رغم أن المعايير الدولية لحماية حقوق الإنسان تقتضي عدم وجود حالة الطوارئ. ولذلك فمن الضروري إن أردنا أن نخطو خطوات من أجل تعزيز وحماية قيم العدل والمساواة واحترام كرامة وحقوق الإنسان، أن نزيل بعض العراقيل القانونية التي هي بامتياز نفي لدولة القانون وسيادة الحق. معذرة، قلتم إن حالة الطوارئ نفي لدولة القانون، لكن عند فرضها كانت هناك مبررات قوية؟ نعم كانت هناك مبررات عند فرضها وكانت أداة قانونية ووسيلة للتصدي لما يسمى بالإرهاب في العشرية الدموية. ولكن هذه المبررات انتفت الآن، وعليه يجب أن تنتفي معها الترسانة الموجهة للأخطار المحدقة أو الوشيكة الوقوع بلغة القانون. وإن كان الخطاب الرسمي يقول صراحة إنه انتصر على الإرهاب وتمت استعادة الأمن، ومن ثم كان الأجدر أن تزول معه هذه الحالة إذ لم يعد لها مبرر، ومن ثم فإن رفعها يحتاج إلى قرار سياسي. وأرى أن تخوف بعض الحقوقيين والسياسيين من بقاء هذا الوضع هو تخوف مشروع، ولا يمكن النظر إلى مخالف الرأي بإزالتها بعين الخيانة أو التخوين. ما دور المؤسسات الحقوقية الرسمية في العمل في هذا الاتجاه؟ هل المقصود هو اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان؟ طبعا دورها كبير ومسؤوليتها عظيمة بحكم التركيبة البشرية وقربها من مستوى صناعة القرار، وواجبها الأخلاقي يفترض أن يكون عبء المسؤولية كبيرا وجرس إنذارمبكرا لا يستهان به، ولا يقتصر دورها على ملفات حقوقية أقل أهمية، ويجب أن تكون نابضا حقيقيا لتجسيد وتعزيز حقوق الإنسان مع غيرها من الشركاء الذين يعملون على ترقيتها... أي ألا تكون مؤسسة للتزكية والمراوغة. فبهذه المواقف الجريئة تكتسب المصداقية بعيدا عن التهويل والتضخيم، ولذلك فقراءة العديد من التقارير السنوية الصادرة منها قد يلاحظ فيها أحيانا سوء التعبير في المطالبة، وأحيانا الاحتشام والتحفظ هما سيد الموقف، وأحيانا تكون قوة الكلمة غائبة.. لذلك نتمنى من كل المنظمات بما فيها الرسمية العاملة في مجال حقوق الإنسان، ألا تغرد خارج السرب. هل تتوقعون أن تبادر السلطات العمومية بالمزيد من الانفتاح السياسي والإعلامي في البلاد؟ الدرسان التونسي والمصري أثبتا أن التغيير كان من الداخل وليس من الخارج. كما أنه لا يجب أن ننظر إلى نصف الحقائق أو ننظر بالشكل الخاطئ، فعصر الشعوب قادم. هل أحداث تونس ثم مصر ستلقي بظلالها على المشهد الجزائري؟ بداية، دعونا نقل إننا نعيش مع جيل تربى دون عقد، جيل الإنترنت والفضائيات المفتوحة، فالعولمة وعولمة القيم أصبحت مستوعبة لدى العديد من أفراد الشعب، كما أن الخريطة الجيوستراتيجية في العالم العربي أصبحت متحركة بفضل وعي الجماهير. فاختزال هذه الانتفاضات فى الخبز والسكر وغلاء المعيشة هو إعطاء إجابة خاطئة لأسئلة مشروعة وصحيحة، ولعل أول إجابة إن أردنا أن نبتعد على الأقل عن مناطق الذبذبات، أن نرتقي بأدائنا القانوني والسياسي. وأول مدخل هو فتح الساحة السياسية والإعلامية والجمعوية، ولن يكون ذلك إلا برفع بعض القيود أهمها حالة الطوارئ، ولذلك أصبح هذا المطلب حتميا وضروريا لبناء دولة القانون، وحتى لا تستخدم ك''مسمار جحا'' من طرف الجميع، فالمعادلة بسيطة ولا تحتاج إلى تعقيدات بقدر ما تحتاج إلى إجابات وخطوات عملية ترافق كل ذلك. يبدو من مفاجآت 2011 أنها ستكون سنة الشعوب وأن شخصية السنة ستمنح للشعوب دون منازع.