هدأ فوز إيمانويل ماكرون على منافسته اليمينية مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، مخاوف المهاجرين من الدول الإسلامية، وكذلك مثل فوزه ضربة للسياسات العدائية ضد الجاليات العربية والمسلمة. وأجمعت الصحافة الفرنسية أمس على أن "أصوات الجالية المسلمة توحدت في الجولة الحاسمة لصالح ماكرون". وأشارت إلى أن "ممثلي المسلمين في مختلف المؤسسات الدينية أشادوا بانتخاب ماكرون. فيما خرج مهاجرون من الجزائر والمغرب وتونس للاحتفال بسحق ماري لوبان في جولة الإعادة". وفي أول تعليق على فوز ماكرون في انتخابات الرئاسة الفرنسية، قال المسجد الكبير في العاصمة الفرنسية باريس في بيان له: "إن فوز ماكرون على لوبان هو علامة على المصالحة بين الأديان في البلاد". واعتبر المسجد في بيانه أن ذلك "يعد علامة واضحة على الأمل للمسلمين الفرنسيين بأن بوسعهم العيش في وفاق واحترام للقيم الفرنسية". وأضاف "إن مسجد باريس الكبير يرى (في فوز ماكرون) علامة على أن فرنسا متوافقة مع جميع المكونات الروحية والدينية، للرد بشكل موحد على تلك التهديدات التي تهدف إلى تقسيم الأمة الفرنسية". ومن الأمور التي زادت من ترجيح كفة ماكرون عند الجالية المسلمة في فرنسا أن خطاباته خلال الحملة الإنتخابية اتسمت بالإيجابية تجاه المسلمين، فقال في خطابه بمدينة مرسيليا التي يسكنها عدد كبير من الجالية المسلمة خاصة المغربية: "أرى الجزائريين والمغاربة والتونسيين والماليين، والسنغاليين.. أرى أبناء مارسيليا، أرى فرنسيين.. إنها فرنسا التي أفتخر بها". وأكدت صحيفة "لوموند" على موقعها الإلكتروني أن "أن جود ملايين العرب والمسلمين ممن يحملون الجنسية الفرنسية والمندمجين في نسيج المجتمع الفرنسي له تأثير كبير في السياسة الداخلية الفرنسية، والدليل على ذلك مشاركة عدد من الأسماء العربية في الحكومات السابقة خصوصا ذات الأصول المغربية والجزائرية، وبالتالي ترى هذه الجالية في انتخاب ماكرون صمام أمان للحفاظ على رصيدها ونفوذها السياسي ومكانتها في مجتمعها، لأن البديل سيقضي على منجزاتها". ولفتت صحيفة "ليبراسيون" في مقال مطول "قيام الجمعيات الإسلامية والعديد من الجهات المسلمة في فرنسا بالترحيب بفوز ماكرون، من بينها المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي يندرج تحته حوالي 2500 مسجد من بينهم المسجد الكبير في باريس". وتابعت أن "ماكرون التقى بممثلين عن المجلس الفرنسي للتباحث في العديد من القضايا الخاصة بالجالية المسلمة". وأشارت صحيفة "أوجوغدوي لافرانس" إلى "طلبات ودعوات ماكرون المنفتحة على المسلمين"، مضيفة أنه طالب بتكوين الأئمة في الجامعات الفرنسية، بالإضافة إلى ذلك يدعو "ماكرون" إلى تدريس الشؤون الدينية في المدرسة كل ذلك جعل الجاليات العربية والمسلمة يرون في "ماكرون" شعلة الأمل في مستقبلهم في فرنسا". وعادت صحيفة "لوباريزيان" إلى "تصريحات ماكرون حول الاستعمار الفرنسي لشمال إفريقيا التي جعلته يكسب ود بعض أبناء الجالية المغاربية خاصة الجزائرية، حيث وصف الاستعمار الفرنسي بأنه جريمة ضد الإنسانية"، وأن الأمر كان وحشيًا حقًا وهو جزء من الماضي، يجب أن نواجهه حتى نعتذر أيضًا لمن تضرروا". وتحتل الانتخابات الفرنسية المرتبة الثانية بعد الانتخابات الأمريكية، في الأوساط العربية، من حيث الأهمية، حيث يرى العرب أن كل ما يحدث في فرنسا قد يؤثر أيضا على البلدان الأوروبية الأخرى، خاصة وأن عددا كبيرا من الجاليات العربية والمسلمة يعيش في فرنسا، وهناك مخاوف من وصول المتطرفين اليمينيين إلى السلطة في كل أوروبا.