أدلى الناخبون الفرنسيون، صباح أمس، بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية لانتخاب الرئيس ال29 في تاريخ الجمهورية الفرنسية الثانية، وسط تدابير أمنية مشددة بعد ثلاثة أيام من الاعتداء على جادة الشانزيليزيه في قلب باريس، والذي أدى إلى مقتل شرطي وجرح آخرين. وبلغت نسبة الإقبال على التصويت 28.54 بالمئة عند منتصف النهار. وصوّت الرئيس فرنسوا هولاند في مدينة تول الفرنسية، وقال: ”يجب أن نحيا مع الأمل ويشارك في هذه الانتخابات حوالى 47 مليون ناخب فرنسي بأصواتهم في حوالي 67 ألف مركز اقتراع يتولى أكثر من 50 ألف شرطي حراستها. ومن أصل 11 مرشحاً يتواجهون في هذه الدورة الأولى، ويتصدر أربعة مرشحين استطلاعات الرأي، وهم: مارين لوبان عن حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، فرنسوا فيون عن حزب ”الجمهوريين اليميني”، إيمانويل ماكرون عن حزب ”إلى الأمام” الوسطي، وجان لوك ميلانشون زعيم اليسار الراديكالي ممثلا ”فرنسا المتمردة”. وبحسب قانون الانتخابات الفرنسية، فإن على المرشح الحصول على الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى لحسم الانتخابات وإلا فإنه يتعين تنظيم جولة أخرى لحسم الرئاسة بين أكثر مرشحين اثنين حصلا على الأصوات من الناخبين. وسيتواجه المرشحان اللذان يحلان في طليعة نتائج الدورة الأولى، مساء اليوم، في الدورة الثانية في 7 مايو المقبل. وأظهرت آخر استطلاعات الرأي التي أجرتها صحيفة ”لوموند” تقدم المرشحان ماكرون ولوبان وبفارق نقطة واحدة لصالح ماكرون المرشح الوسطي. وحصل ماكرون بحسب ”لوموند” على 23 بالمائة من الآراء المستطلعة، بينما حصلت لوبان مرشحة اليمين المتطرف على 22 بالمائة من الآراء. وتراهن لوبان (48 عاماً)، رئيسة حزب الجبهة الوطنية، على الموجة الشعبوية التي حملت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ودفعت بريطانيا إلى اختيار الخروج من الاتحاد الأوروبي، للفوز في الانتخابات. وتصف هذه المحامية نفسها بأنها ”وطنية قبل أي شيء، ترغب في إخراج بلادها من اليورو، ومن نظام التنقل الحر في فضاء شينغن الأوروبي، وفق برنامج قد يسدد برأي المراقبين الضربة القاضية إلى اتحاد أوروبي بات في وضع هش بعد بريكست”. في المقابل، يعرض وزير الاقتصاد السابق، ماكرون (39 عاماً)، أصغر المرشحين سناً، برنامجاً ليبراليا سواء في الاقتصاد أو المسائل الاجتماعية، وهو بنى حملته على خط مؤيد لأوروبا. وحقق ماكرون الحديث العهد في العمل السياسي، شعبيته على أساس رفض الأحزاب التقليدية والرغبة في التجديد التي عبر عنها الفرنسيون، محددا توجه حركته ”إلى الأمام” بأنه ”ليس من اليمين ولا من اليسار”. تيهان الجالية المسلمة التي دأبت على التصويت للاشتراكيين ويتوجس المسلمون المهاجرون في فرنسا من فوز أي مرشح يميني بالرئاسة على خلفية المواقف والتصريحات العنصرية التي أدلوا بها ضدهم خلال حملاتهم الانتخابية. ودعا عمدة مسجد باريس الكبير، دليل بوبكر، في مقال نشرته جريدة ”لوموند” الفرنسية، الجالية الفرنسية المسلمة إلى التصويت في هذه الانتخابات. وأشار بوبكر في مقاله إلى أن المسلمين يحتاجون إلى التصويت في هذا الاستحقاق الرئاسي الهام لاختيار المرشح الذي يدافع عن مبدأ التآخي بين المواطنين بدلا من الكراهية والفرقة، قائلا: ”اضطلاعا مني بدوري الديني، أدعو المواطنين الفرنسيين المسلمين بالتوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع، لأن ذلك يمثل واجبهم المدني وحقهم الديني”. وأضاف القول: ”كل الادعاءات التي تزعم بأن عملية الذهاب إلى التصويت أمر حرام ادعاءات باطلة، بل إن التصويت واجب ضروري علينا كمواطنين في هذه الجمهورية، ولذلك وجب علينا كمسلمين الذهاب إلى التصويت. ذلك واجبنا تجاه البلاد”. ويجهل هذه المرة إلى أين ستتجه أصوات الجالية المسلمة في هذه الانتخابات، وجرت العادة أن يصوت مسلمو فرنسا لصالح الحزب الاشتراكي غير أنهم خذلوا من ولاية هولاند. وقالت مؤسسة ”ايفوب للإحصاءات” إلى أن ”اليسار الفرنسي ارتكب بعد عام 2012 خطأ حينما سلّم بأن الجالية المسلمة ستظل في صفه إلى الأبد. وبحسب مركز ”بيو للأبحاث” وبالولايات المتحدة يقدر عدد مسلمي فرنسا بأكثر من 7 بالمائة من مجمل السكان أي قرابة 5 ملايين من أصل 67 مليون نسمة. وفي الانتخابات الماضية صوت غالبية مسلمي فرنسا لصالح المرشح الاشتراكي الرئيس الحالي فرنسوا هولاند. وفي السياق أعلنت مصادر دبلوماسية فرنسية، يوم أمس، عن إخلاء مبنى قنصلية فرنسا في نيويورك لنحو ساعة، مساء السبت، بسبب الاشتباه بسيارة كانت مركونة على مقربة منها وتهديد بوجود قنبلة، في وقت كان المواطنون الفرنسيون يدلون بأصواتهم في المبنى. وقالت القنصل آن-كلير لوجاندر، إنّه تم استدعاء شرطة نيويورك لإخلاء مبنى القنصلية، إثر العثور على السيارة المشبوهة. وغادر عشرات الأشخاص كانوا موجودين داخل مبنى القنصلية عندما ورَدَ التهديد إلى الشارع لحين الانتهاء من عملية التفتيش، ليعودوا بعدما أعلنت الملحقة الإعلامية أميلي جوفروا” إنّ كل شيء عاد إلى ما كان عليه وأنّ ” أن ما حدث لم يدم طويلاً ولم يعطّل عملية الاقتراع”. تجدر الإشارة إلى أن هناك نحو 28500 فرنسي يقيمون في ولايات ”نيويورك ونيوجيرسي وكونيتيكت” مسجّلين في القوائم الانتخابية لدى القنصلية، وأدلوا بأصواتهم قبل يوم من توجه المواطنين داخل فرنسا إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس الجديد للبلاد.