ما يحدث في ليبيا أمر مختلف تماما ·· تماما ·· مختلف عما شاهدناه، ليس في تونس أو مصر فحسب، بل في ثورات أوروبا الشرقية نهاية الثمانينيات· في تلك الحقبة لم تحرك الأنظمة الستالينية أسراب الطائرات وقطع الدبابات إلى الساحات العامة، ولما سقط جدار برلين لم تأمر سلطات ألمانياالشرقية جنودها بتصويب رشاشاتهم نحو الجماهير· في ليبيا حدث ويحدث هذا، في ليبيا يتم تفجير الجماهير، في لبيبا يذبح الشباب العربي الثائر على نظام شعبوي بائس، لايمثل إلا الماضي الأسود، نظام لايمثل إلا الحاضر القاسي والمستقبل الغامض·ليس علينا كعرب التخفي وراء المصطلحات الفضفاضة·· نحن نراقب تطور الوضع ·· نحن نستطلع ما يجري·· نحن نتابع عن كثب·· ما يحدث في ليبيا خطير علينا من الشرق إلى الغرب، ما يجري في ليبيا تعبير قاسي عن غياب الوجود العربي· ما يجري في ليبيا إدانة للوجود العربي في ظل حالة اليقظة الممتدة هذه الأيام بالعالمين الإسلامي والعربي·إن القتل والإمعان في القتل، وتصويب المدافع والرشاشات وقذائف الآربيجي نحو المدنيين والشباب المتظاهر، هو قمة الطغيان الذي لا يمكن للضمير العربي بين قوسين والضمير العالمي والإنساني التسامح اتجاهه·إن قساوة رد معمر القذافي على المتظاهرين وشباب 17 فيفري بصفة عامة، تتطلب ردا عربيا أولا وعالميا ثانيا، فقد آن الآوان للتخلي عن أنماط السياسة البائسة التي تضحي بالمواقف من أجل بروتوكولات لا معنى لها أمام إرادة الشعوب، مع أنظمة وحكومات تعيش آخر أيامها بحكم حتمية المرحلة التي تتطلب التجدد أو التبدد·المثير في كل هذا أن الثورة الليبية أكدت على أن الشعوب أكثر حرصا على وحدة الوطن والأمة من الحكام والحكومات، حدث هذا في تونس ومصر ويحدث في ليبيا·