تحل هذا الأربعاء الذكرى ال55 لاستقلال الجزائر حيث تتزامن احتفالات هذه السنة مع الحديث عن عهد جديد بين فرنسا "طبعة ماكرون" والجزائر، إلا أن الذاكرة الجماعية للجزائريين تأبى أن تنسى جرائم فرنسا مهما توالت السنون ومهما كانت "حسن" نية ساسة فرنسا الجدد لأن الجرح أعمق والمصاب جلل والقضية أكبر من اعتذار شفهي أو حتى رسمي.. وفي هذا الإطار أكد وزير المجاهدين الطيب زيتوني، بالجزائر العاصمة، أن الخامس يوليو من كل سنة "يوم يستحضر فيه الشعب محطة راسخة في الوجدان"، داعيا إلى تجديد العهد مع رسالة الشهداء والمجاهدين من المقاومة الشعبية والحركة الوطنية والثورة التحريرية من خلال "تبليغ رسالتهم وتوثيق تاريخهم والدفاع عن ذاكرتهم".قال السيد زيتوني لدى افتتاحه أشغال ندوة تاريخية بعنوان "5 يوليو 1832 5 يوليو 1962 من العنف الاستعماري الممنهج إلى انتصار إرادة الشعب"، بالمركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 54، قال إن "الخامس يوليو من كل سنة يوم يستحضر فيه الشعب محطة راسخة في الوجدان، فاستقلال وطننا جاء نتيجة نضالات شعبنا طيلة 132 سنة كلها عنف استعماري ممنهج وظلم وقهر وتقتيل وتنكيل قابلها مقاومة وجهاد انتهى بنصر مبين على أنهار دماء الشهداء". وأضاف الوزير أنه "يتعين علينا أن نجدد العهد مع رسالة الشهداء كلهم والمجاهدين من المقاومة الشعبية والحركة الوطنية والثورة التحريرية، نعاهدهم على الوفاء وصون الأمانة وحفظ الوديعة وتبليغ رسالتهم وتوثيق تاريخهم وتسجيل مآثرهم والدفاع عن ذاكرتهم وتناقل موروثهم"، مشيرا إلى أن هذه القيم "جسدها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في نص الدستور المعدل، حيث أدرج في المادة 76 أن الدولة تعمل على ترقية كتابة التاريخ وتعليمه للأجيال الناشئة".وكشف السيد زيتوني أن احتفالات الذكرى ال55 لعيد الاستقلال تحمل شعار "استقلال، حرية، استقرار وبناء"، معتبرا أنها مناسبة ل«التعبير عن قيمة الشعب الجزائري الذي احتضن الثورة بالأمس ويفتخر برموزه اليوم".وأوضح في هذا الإطار أن "الذكرى يجب أن يختزل فيها مسيرة أكثر من نصف قرن من البناء، مشروع المجتمع الأصيل المتقدم الذي ضحت من أجله أجيال من الجزائريات والجزائريين بهدف بناء دولة وطنية قادرة على تجسيد الإرادة الشعبية الحرة والمتحررة والمضي بالاستقلال لبلوغ أهذافه وأبعاده". وأشار إلى أن الجزائريين "فتحوا أعينهم غداة الاستقلال على مأساة فاقت في الفظاعة كل وصف بإحصاء أكثر من مليون جزائري في المحتجزات و10 آلاف قرية مدمرة عن آخرها وما يقارب مليون لاجئ من دون مأوى وآلاف الثكالى واليتامى والأرامل والمعطوبين ولم يتعد تعداد الشعب آنذاك مليون نسمة". واعتبر المتحدث أن تنظيم الندوة يهدف بالدرجة الأولى إلى "الوفاء لذاكرة الشهداء ونشر صفحة مشرقة من تاريخنا المجيد لنضع أنفسنا في الموضع اللائق بنا وبنضالنا الطويل من أجل الحياة الكريمة". وأكد أن وزارة المجاهدين "تولي أهمية بالغة للتراث التاريخي والثقافي وصيانة الذاكرة الذي يندرج ضمن مخطط عمل الحكومة المتضمن تنفيذ برنامج الرئيس من خلال كتابة تاريخنا الوطني بأقلام وطنية رصينة واقتراح السبل لترقيته ووفق مقاربات أكاديمية ومنهاج حديثة تواكب التطورات الحاصلة على كافة الأصعدة". وعرفت الندوة مداخلات لعدة باحثين ومختصين من جامعة الجزائر تحدثوا عن العنف المادي والمعنوي في إستراتيجية الحرب النفسية للاستعمار الفرنسي والتي اتسمت حسب الأستاذ محمود بوسنة بتطورها عبر ثلاث مراحل بدءا بالمقاومة الشعبية ثم ظهور الحركة الوطنية ثم مرحلة الثورة التحريرية، مشيرا إلى أنه "رغم اختلاف الوسائل المستعملة إلا أنها اشتركت في إظهار فرنسا كحاملة حضارة وطمس هوية الجزائريين".وقام وزير المجاهدين بالمناسبة بتكريم أساتذة ومختصين في التاريخ نشطوا ندوات فكرية في إطار المنتدى العلمي الوطني مطلع السنة الجارية.وتم خلال الندوة الإعلان عن مسابقة وطنية ستنظمها وزارة المجاهدين قريبا لاختيار أحسن رسالة جامعية حول تاريخ الجزائر.