في الغالب·· يموت الجبابرة بصورة مخزية·· يقتلون كالجرذان·· أو يلقى عليهم القبض كاللصوص والمجرمين·· أو تطحن رؤوسهم كالحيات السامة·· وفي كل الأحوال ينتهون ملعونين في الأرض وفي السماء·· كالشياطين تماما·لم يحدث أن مات ديكتاتور مستريحا·· أو استفاد من نهاية طبيعية مثل خلق الله الآخرين·· تروي ابنة ستالين·· كيف رأت رعبا يتجلى من عيني أبيها في لحظات احتضاره·· لم تر مثله قط·· كان السفاح الذي قتل ونفى الملايين إلى صحاري سيبيريا الجليدية·· يواجه الحقيقة مذعورا·· وحيدا بلا جيش أحمر أو (كي جي بي)·· ضعيفا بلا قوة·· مستسلما لملائكة الموت·· غير قادر على الصراخ أو الفرار·ٌٌٌأروني ظالما واحدا·· عاد إليه رشده·· في نهاية أيامه·· أو تاب إلى الله·· أو طلب الصفح من الملايين الذين عذبهم وسرق أقواتهم ونكل بهم·الطغاة لا يتعظون·· فما بأيديهم من أدوات القتل والخنق·· والاستطالة على الخلق·· ينسيهم ما يتربص بهم من خزي الدنيا والآخرة·· عندما يلفظون أنفاسهم الأخيرة·· وتأتيهم سكرة الموت بالحق·· وينتهون أذلة بين يدي الله·· ذي القوة والجبروت·سقط الطغيان في أكثر من بلد عربي·· ورحل المتجبرون عن كراسي الحكم المغتصبة·· غير مأسوف عليهم·· وتلك عبرة لمن يعتبر· ٌٌٌفمن كان يشغل القمة·· وينظر للناس من عل·· وينشر جناحي سلطانه حاجبا الضوء والهواء عن الخلق·· يهوي في لمح البصر إلى قاع سحيق·· ليرتطم بصخرة الشعب القاسية·· متناثرا كذرات الغبار· هذا الذي دخل الحكم من أوسع الأبواب·· يعطر وينثر الورد عليه·· يغادره من أضيقها·· وحيدا·· يخشى أن يقال له: قف حيث أنت·· لا تتحرك·· أنت مطلوب للعدالة·السيد الكبير الذي يدين له الجميع بالطاعة والولاء·· يتحول في لحظة إلى منبوذ·· يتسول من يجلس معه·· يكلمه أو يصافحه·مالك كل شيء·· الذي وضعت خزائن الدولة بين يديه·· يغرف منها كيف يشاء·· ينقلب في ثوان معدودات إلى متسول إحسان·· لا تقدر يداه على الامتداد إلى الحسابات البنكية الملوثة·· ولا إلى المليارات المنهوبة·· ناهيك عن صناديق الذهب والفضة والبلاتين· ٌٌٌمن كان يتمدد على جغرافيا بمساحة وطن·· وينتشر في كل الاتجاهات·· يتقلص في زنزانة بحجم ظفر·· لا تسعه مغادرتها إلى الشارع مثل الناس·· ولا يقدر على استنشاق ذرة أوكسجين واحدة خارجها·ومن أفضت سنوات حكمه إلى نفي الآلاف·· يكابدون أوجاع الغربة·· ينتهي بدوره منفيا·· هاربا من قصاص المظلومين·· يستجدي اللجوء السياسي في أي مكان·· ليموت غريبا·· شريدا·· طريدا·· بغير أمل في الحياة· ٌٌٌالحاكم الأول في البلاد·· الذي لا يرد له أمر·· يفقر ويغني كما يريد·· يعاقب ويعفو كما يشاء·· بيده أن يحيي ويميت - على غرار من قال أنا أحيي وأميت -·· يكيل الاتهامات لمعارضيه·· مدعيا عليهم بالعمالة والإرهاب·· ينزل ضيفا على السجن والسجان·· قابعا في قفص الاتهام·· متورطا في أقبح الجرائم والمعاصي·· وعاقبته أن تتربص به عدالة الإنسان اليوم·· ولا تفلته عدالة السماء غدا·· عند من لا يظلم عنده أحد· ٌٌٌمن كان يمجد ويوطأ له السجاد الأحمر·· فلا تطأ قدماه تراب الأرض·· وتغدق عليه الأوسمة والتشريفات·· ويحظى بالحفاوة حيث حل أو رحل·· يكتشف فجأة أن طريق الأشواك الذي فرشه للمظلومين·· قد أضحى طريقه الأخير·· وسيل اللعنات ينسكب عليه من ملايين الألسن التي حرمها من الكلام·· وفرض عليها الاختيار بين الصمت أو الموت·· وخزي التاريخ يملأ صحائفه السوداء والحمراء· ٌٌٌمن كانت صوره ترصع الشوارع والساحات·· وخطبه العصماء ملء الأسماع·· وجلالته أو فخامته - على حد سواء - مفتتح الأخبار ومختتمها·· يحتشد الخلق صارخين في وجهه: ارحل·· لا نريد أن نراك·· لينتهي منسيا·· أو مجرد نعي يذاع باحتشام·· أو لا يذاع أصلا·ٌٌٌمن التأله إلى التذلل·· ومن الأحلام الجميلة إلى الكوابيس·· ومن الحرير الناعم جدا إلى قبر ليس فيه إلا الحشرات·· ومن الأمن المدجج بالسلاح إلى الخوف النافذ من الخلايا والأعصاب·· ومن الأضواء إلى العتمة·· ومن كل شيء إلى اللاشيء·· هي نهاية طبيعية ومرتقبة يفضي إليها الفراعنة كلهم أجمعون·هي مصارع الطغاة واحدة·· من أول مستكبر إلى آخر متجبر·· متطابقة في الجوهر·· وإن وسمتها فروق في الشكل واللون·وهي قبل كل شيء·· عين الله التي لا تنام·· (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون· إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار - 24 - إبراهيم)·· وخزي الدنيا يوطئ لعذاب الآخرة·· وآية لمن يعتبر (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية· وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون - 29 - يونس)· مطلوبة للحفظ والفهم